صفحة جزء
ولو دفع إليه أرضا ، وكر حنطة ، وكر شعير على أنه إن زرع الحنطة فيها فالخارج بينهما نصفان ، والشعير مردود عليه ، وإن زرعها الشعير فالخارج لصاحب الأرض ، ويرد الحنطة كلها ، فهو كله جائز على ما اشترطا ; لأنه استعان بالعامل في أحد العقدين ، واستأجره بنصف الخارج في الآخر ، وخيره بينهما ، وكل واحد منهما صحيح عند الانفراد ، ولو اشترط الخارج من الشعير للعامل جاز أيضا ; لأن اشتراط [ ص: 44 ] جميع الخارج له يكون إقراضا منه ، وقد بينا هذا أنه بانفراده صحيح ، فكذلك عند التخيير بينه ، وبين المزارعة ، ولو دفع إليه الأرض وحدها على أنه إن زرعها حنطة فالخارج بينهما نصفان ، وإن زرعها شعيرا فالخارج كله للعامل ، وإن زرعها سمسما فالخارج كله لصاحب الأرض ؟ ; فلهذا جاز في الحنطة والشعير على ما قالا ; لأن العقد في الحنطة مزارعة صحيحة بينهما في النصف ، وفي الشعير إعارة للأرض من العامل ، وهو صحيح أيضا ، وأما في السمسم فلا يجوز ; لأن في السمسم يكون دافعا للأرض مزارعة بجميع الخارج ، وهي مطعونة عيسى - رحمه الله - لما بينا ، ولو كان البذر من صاحب الأرض جاز في جميع ذلك على ما قالاه ; لأنه في الحنطة العقد مزارعة صحيحة ، وفي السمسم استعانة بالعامل ، وفي الشعير إقراض للبذر منه ، وإعارة للأرض ، وكل واحد صحيح عند الانفراد ، فكذلك إذا خيره بين هذه الأنواع ; لأنه ما جعل البعض مشروطا في البعض إنما عطف البعض على البعض فلا يتولد من هذا العطف معنى يفسد به العقد ، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية