صفحة جزء
ولو اشترى الحربي المستأمن أرضا عشرية أو خراجية ، فدفعها إلى مسلم مزارعة - جاز ، والخارج بينهما على ما اشترطا ، ويوضع عليه في قول أبي حنيفة - رحمه الله - في أرضه الخراج ، ولا يترك أن يخرج إلى دار الحرب ، بل يجعله ذميا ; لأن خراج الرءوس تبع لخراج الأراضي ، فإذا التزم خراج الأرض كان ملتزما خراج الرأس أيضا ، والاختلاف بينه وبين صاحبيه - رحمهم الله - فيما إذا كانت الأرض عشرية ، وقد تقدم بيانه في كتاب الزكاة فيما إذا كان المشتري ذميا ، فكذلك إذا كان المشتري مستأمنا . ولو دخل المسلم دار الحرب بأمان فاشترى أرضا من أهل الحرب ، فدفعها إلى حربي مزارعة ، أو أخذ المسلم أرض الحربي مزارعة بالنصف - جاز ; لأنه يعاملهم ما دام في دار الحرب - بالشركة والإجارة والمزارعة - لا يخرج منها . ولو كان اشترط لأحدهما عشرون قفيزا من الخارج جاز في قول أبي حنيفة ومحمد ، يأخذها من سميت له من الخارج ، والباقي للآخر إن بقي شيء . وفي قول أبي يوسف : المزارعة فاسدة ، والخارج لصاحب البذر ، وللآخر الأجر إذا أسلم وخرج إلينا ، وهو بناء على أن العقود التي تفسد بين المسلمين كعقد الربا هل يجري بين المسلم والحربي في دار الحرب ، وقد بيناه في كتاب الصرف . والمزارعة بين المسلمين التاجرين في دار الحرب بمنزلتهما في دار الإسلام ; لأنهما مخاطبان بأحكام الإسلام ، ومعنى الإحراز في مالهما قائم ، ومباشرتهما المزارعة في دار الحرب وفي دار الإسلام سواء فيما يصح ويفسد . والمزارعة بين مسلم تاجر في دار الحرب وبين رجل أسلم هناك جائزة بالنصف ، وكذا بعشرين قفيزا من الخارج لأحدهما في قول أبي حنيفة ، خلافا لأبي يوسف ومحمد بمنزلة عقد الربا بين التاجر في دار الحرب والذي أسلم هناك وبين اللذين أسلما ولم يهاجرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية