صفحة جزء
ثلاثة نفر بينهم حرث حصدوه ، وجمعوه ، وفي يد أحدهم وضعوه ; ليحفظ لهم فزعم أنه قد دفع نصيب الرجلين إلى أحدهما ، والمدفوع إليه ينكر ذلك ، والآخر ينكر أن يكون دفع إليه حقه أو يقول دفع إليه بغير أمري أو بقي الثلث في يد الثالث ، وقال الدافع دفعت إلى صاحبي ثلثه أو حقه ثم قال دفعت إليه أيضا بعد ذلك ثلث صاحبه بأمره ، وهما ينكران ذلك قال يقتسمون الثلث الذي بقي في يده بينهم أثلاثا ، ويضمن ثلث ما دفع فيكون للآخرين بينهم نصفين ، وهذه المسألة تشتمل على أحكام ثلاثة حكم الاختصاص ، وحكم أداء الأمانة ، وحكم الخلاف فأما بيان حكم الاختصاص فنقول جميع الزرع كان مشتركا بين ثلاثتهم ، وكان الحافظ أمينا في نصيب الآخرين ، ودعواه الدفع إلى أحدهما بأمر صاحبه بمنزلة دعواه دفع نصيب كل واحد منهما إليه .

والقول قول الأمين في براءته عن الضمان ، ولكن قوله في استحقاق شيء على صاحبه ، والثلث الذي بقي في يده مشترك بين ثلاثتهم [ ص: 202 ] باعتبار الأصل ; لأنه جزء من ذلك المشترك فهو يدعي استحقاق نصيب الآخرين من هذا الثلث عليهما فلا يقبل قوله في ذلك ، ويقسم هذا الثلث بينهم أثلاثا باعتبار شركة الأصل ( ألا ترى ) أن المكيل لو كان مشتركا بين اثنين فظهر نصفه في يد أحدهما ، وزعم أن صاحبه قد استوفى النصف الآخر ، وجحد صاحبه ، وحلف يجعل هذا النصف مشتركا بينهما ، والنصف الآخر كالتاوي فكذلك هنا إذا حلف الآخران على دعواه يجعل هذا الثلث بينهم أثلاثا ، وأما حكم الأمانة فقد زعم أنه دفع نصيب المدفوع إليه من الثلثين إليه فالقول فيه قوله مع اليمين ; لأنه أمين ادعى رد الأمانة على صاحبه ، ولكن بيمينه تثبت براءته عن الضمان ، ولا يثبت الوصول إلى من زعم أنه دفع إليه كالمودع إذا ادعى رد الوديعة على الوصي فإن الوصي لا يكون ضامنا للصبي شيئا بيمين المودع ، وأما حكم الخلاف فقد زعم أنه قد دفع نصيب الآخر إلى شريكه ، ودفع الأمين الأمانة إلى غير صاحبها موجب الضمان عليه إلا أن يكون الدفع بأمر صاحبها فقد أقر بالسبب الموجب للضمان في نصيبه ، وهو ثلث الثلثين ، وادعى المسقط ، وهو أمره إياه بالدفع إليه فلا يقبل قوله في ذلك إلا بحجة ، وعلى المنكر اليمين فإذا حلف غرم له ثلث الثلثين ثم هذا الثلث بين الآخرين نصفان ; لأنهما متفقان على أنه لم يدفع إليه شيئا ، وأن هذا المقبوض جزء من المشترك بينهما أو بدل جزء مشترك فيكون بينهما نصفين باعتبار زعمهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية