صفحة جزء
( قال رحمه الله ) ولو أكره بوعيد تلف حتى جعل على نفسه صدقة لله ، أو صوما ، أو حجا ، أو عمرة ، أو غزوة في سبيل الله ، أو بدنة ، أو شيئا يتقرب به إلى الله تعالى لزمه ذلك ، وكذلك لو أكرهه على اليمين بشيء من ذلك ، أو بغيره من الطاعات ، أو المعاصي ، والأصل فيه حديث { حذيفة رضي الله عنه أن المشركين لما أخذوه ، واستحلفوه على أن لا ينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حلف مكرها ، ثم أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام [ ص: 106 ] أوف لهم بعهدهم ، ونحن نستعين بالله عليهم } ، وقد بينا أن اليمين بمنزلة الطلاق ، والعتاق في أن الهزل ، والجد فيه سواء ، وهذا ; لأن فيه منع نفسه عن شيء ، وإيجاب شيء على نفسه لحق الله تعالى ، فيكون في معنى الطلاق ، والعتاق الذي يتضمن تحريم الفرج حقا لله تعالى ، فيستوي فيه الكره ، والطوع ، والنذر بمنزلة اليمين في هذا المعنى ، وقال عليه الصلاة والسلام { النذر يمين } ، ولا ضمان على المكره في شيء من ذلك ; لأن التزامه لا يصير منسوبا إلى المكره ، وإنما ينسب إليه التلف الحاصل به ، ولا يتلف عليه شيء بهذا الالتزام ، ثم المكره إنما ألزمه شيئا يؤثر الوفاء به فيما بينه ، وبين ربه من غير أن يجبر عليه في الحكم ، فلو ضمن له شيئا كان يجبر على إيفاء ما ضمن في الحكم ، فيؤدي إلى أن يلزمه أكثر مما يلزم المكره ، وهذا لا يجوز .

التالي السابق


الخدمات العلمية