صفحة جزء
[ ص: 180 ] قال ) وإذا ظهر الخوارج على بلد من بلاد أهل العدل فأخذوا منهم صدقة أموالهم ، ثم ظهر عليهم الإمام لم يأخذ منهم ثانيا ; لأنه عجز عن حمايتهم والجباية تكون بسبب الحماية ، وهذا بخلاف التاجر إذا مر على عاشر أهل البغي فعشره ، ثم مر على عاشر أهل العدل يعشره ثانيا ; لأن صاحب المال هو الذي عرض ماله حين مر به عليه فلم يعذر وهناك صاحب المال لم يصنع شيئا ولكن الإمام عجز عن حمايته فلهذا لا يأخذ ولكن يفتى فيما بينه وبين الله تعالى بالأداء ثانية ; لأنهم لا يأخذون أموالنا على طريق الصدقة بل على طريق الاستحلال ولا يصرفونها إلى مصارف الصدقة فينبغي لصاحب المال أن يؤدي ما وجب عليه لله تعالى ، فإنما أخذوا منه شيئا ظلما وكذلك إن أخذوا من أهل الذمة في ذلك البلد خراج رءوسهم لم يأخذهم الإمام بما مضى لعجزه عن حمايتهم . فأما ما يأخذ سلاطين زماننا هؤلاء الظلمة من الصدقات والعشور والخراج والجزية فلم يتعرض له محمد رحمه الله تعالى في الكتاب وكثير من أئمة بلخي يفتون بالأداء ثانيا فيما بينه وبين الله تعالى كما في حق أهل البغي لعلمنا أنهم لا يصرفون المأخوذ مصارف الصدقة وكان أبو بكر الأعمش يقول في الصدقات يفتون بالإعادة فأما في الخراج فلا ; لأن الحق في الخراج للمقاتلة وهم المقاتلة حتى إذا ظهر عدو ذبوا عن دار الإسلام ، فأما الصدقات فللفقراء والمساكين وهم لا يصرفون إلى هذه المصارف والأصح أنه يسقط ذلك عن جميع أرباب الأموال إذا نووا بالدفع التصدق عليهم ; لأن ما في أيديهم من أموال المسلمين وما عليهم من التبعات فوق مالهم فلو ردوا ما عليهم لم يبق في أيديهم شيء فهم بمنزلة الفقراء حتى قال محمد بن سلمة : يجوز أخذ الصدقة لعلي بن عيسى بن يونس بن ماهان والي خراسان وكان أميرا ببلخ وجب عليه كفارة يمين فسأل عنها الفقهاء عما يكفر به فأفتوه بصيام ثلاثة أيام فجعل يبكي ويقول لحشمه : إنهم يقولون لي ما عليك من التبعات فوق ما لك من المال وكفارتك كفارة يمين من لا يملك شيئا ، وكذلك ما يؤخذ من الرجل من الجبايات إذا نوى عند الدفع أن يكون ذلك من عشره وزكاته جاز على الطريق الذي قلنا

التالي السابق


الخدمات العلمية