صفحة جزء
، والعفو عن دم العمد جائز في المرض من جميع المال ; لأن دم العمد ليس بمال وبالمرض إنما يلحقه الحجر عن التصرف في ماله لحق ورثته ففيما ليس بمال : المرض ، والصحة فيه سواء ، والقاتل وغير القاتل فيه سواء ( ألا ترى ) أنه لو أعان إنسانا بيديه لا يعتبر ذلك من ثلث ماله ، وإن كان ذلك الرجل قاتلا له .

وعلى قول الشافعي عفوه في القصاص صحيح ، ولكن في حق المال باطل ; لأن العمد عنده موجب للمال ولا وصية للقاتل ، والعفو عن أحد القاتلين لا يبطل القود عن الآخر ، وكذلك الصلح مع أحدهما ; لأن القصاص لزمهما بالقتل ، ثم سقط أحدهما بالعفو ودم أحدهما متميز عن دم الآخر فسقوطه عن أحدهما لا يورث شبهة في حق الآخر بخلاف ما لم إذا لم يجب القصاص على أحد القاتلين ; لأن هناك الفعلان اجتمعا في محل واحد وأحدهما موجب ، والآخر غير موجب ، ودم المقتول لا يتميز بعضه عن بعض قال : ولكل وارث في دم العمد نصيب بميراثه يجوز فيه عفوه وصلحه أما الدية إذا وجبت بالقتل فلكل وارث فيها نصيب عندنا . وقال مالك لا يرث الزوج والزوجة من الدية شيئا ; لأن وجوبها بعد الموت ، والزوجية تنقطع بالموت وحجتنا في ذلك حديث { الضحاك بن سفيان الكلابي أنه أتاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يورث امرأة أشيم الضبابي من عقل زوجها أشيم ، وقد كان عمر يقول لا ميراث للزوج ، والزوجة من الدية ، ثم رجع إلى هذا الحديث } ، وعن علي رضي الله عنه أنه كان يقسم الدية على من أحرز الميراث وعنه قال : إذا أوصى الرجل بثلثه دخلت ديته في تلك الوصية ولأن بدل نفسه كسائر أمواله حتى يقضي منه دينه فيرث منه جميع ورثته كسائر الأموال ، وكذلك يثبت حق الزوج والزوجة في القصاص عندنا وعلى قول ابن أبي ليلى لا يثبت حقهما في القصاص ; لأن سبب استحقاقها العقد ، والقصاص لا يستحق بالعقد .

( ألا ترى ) أن حق الموصى له لا يثبت في القصاص ، وهذا لا ، فإن المقصود في القصاص التشفي ، والانتقام وذلك يختص به الأقارب الذين ينصر بعضهم بعضا وحجتنا في ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام { من ترك مالا ، أو حقا فلورثته } ، والقصاص حقه ; لأنه بدل نفسه فيكون ميراثا لجميع ورثته كالدية ، والدليل عليه أن استحقاق الإرث بالزوجية كاستحقاقه بالقرابة حتى لا يتوقف على القبول ولا يرتد بالرد وبه [ ص: 158 ] فارق الوصية وبهذا تبين أن الاستحقاق ليس بالعقد .

التالي السابق


الخدمات العلمية