صفحة جزء
وأدنى ما يكفي في غسل الجنابة من الماء صاع وفي الوضوء مد لحديث جابر رضي الله تعالى عنه قال { كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع فقيل له إن لم يكفنا فغضب وقال لقد كفى من هو خير منكم وأكثر شعرا } وهذا التقدير ليس بتقدير لازم فإنه لو أسبغ الوضوء بدون المد أجزأه لحديث عبد الرحمن بن زيد رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بثلثي مد } ، وإن لم يكفه المد في الوضوء يزيد إلا أنه لا يسرف في صب الماء لحديث { سعيد رضي الله عنه حين مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ ويصب الماء صبا فاحشا فقال إياك والسرف قال : أوفي الوضوء سرف ؟ قال نعم ولو كنت على ضفة نهر جار } . ثم التقدير بالصاع لماء الإفاضة فإذا أراد تقديم الوضوء زاد مدا له والتقدير بالمد في الوضوء إذا كان لا يحتاج إلى الاستنجاء فإن احتاج إلى ذلك استنجى برطل وتوضأ بمد ، وإن كان لابسا للخف وهو لا يحتاج إلى الاستنجاء يكفيه رطل . كل هذا غير لازم لاختلاف طباع الناس وأحوالهم . وكذلك غسل المرأة من الحيض فالواجب فيهما الاطهار ، قال الله - تعالى - : { ولا تقربوهن حتى يطهرن } وإن لم تنقض رأسها إلا أن الماء بلغ أصول شعرها أجزأها لحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها { فإنها قالت يا رسول الله - صلى الله عليك وسلم - إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه إذا اغتسلت فقال لا . يكفيك أن تفيضي الماء على رأسك وسائر جسدك ثلاثا } وبلغ عائشة رضي الله تعالى عنها أن ابن عمر رضي الله تعالى عنه كان يأمر المرأة بنقض رأسها في الاغتسال فقالت لقد كلفهن شططا ألا أمرهن بجز نواصيهن ؟ ، وقال : إنما شرط تبليغ الماء أصول الشعر لحديث حذيفة رضي الله تعالى عنه فإنه كان يجلس إلى جنب امرأته إذا اغتسلت ويقول يا هذه أبلغي الماء أصول شعرك ومتون رأسك . واختلف مشايخنا في وجوب بل الذوائب فقال بعضهم : تبل [ ص: 46 ] ذوائبها ثلاثا مع كل بلة عصرة . والأصح أن ذلك ليس بواجب لما فيه من الحرج . وظاهر قوله عليه الصلاة والسلام { ألا فبلوا الشعر وأنقوا البشرة } يشهد للقول الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية