صفحة جزء
ولو أن رجلا كاتب عبدين مكاتبة واحدة [ ص: 110 ] فولد لأحدهما ولد من أمته ، ثم جنى الأب على ولده أو جنى عليه فالجناية باطلة ; لأنه دخل في كتابة أبيه فكان مانعا له فجناية كل واحد منهما على صاحبه بمنزلة جنايته على نفسه ; لأنهما كشخص واحد في حكم الكتابة ، فلو اعتبرنا جناية أحدهما على صاحبه بمنزلة جنايته على آخر كانت القيمة واجبة على واحد منهما وذلك لا يجوز ، ولو جنى المكاتب الآخر على الولد لزمته الجناية للأب ; لأن المكاتب الآخر من هذا الولد كأجنبي آخر ولأن المكاتب الآخر لو جنى على الأب كانت جنايته معتبرة فكذلك إن جنى على الولد الذي لم يبع له في الكتابة .

وإذا ولدت المكاتبة ولدا ، ثم أقرت عليه بجناية أو دين لم تصدق عليه ; لأن الولد صار بمنزلة المكاتب للمولى حين دخل في كتابتها ، وإقرارها على مكاتب المولى بالدين والجناية باطل ، وكذلك إن أدت فعتقت ; لأن الولد ازداد بعدا عنها ، فإن مات الولد قبل أن تؤدي من ماله أخذت بإقرارها من ذلك المال ; لأنها أحق بالمال الذي خلفه الولد ، وقد أقرت أن ذلك المال مشغول بحق صاحب الدين والجناية ، وإن حقهما مقدم على حقها فتؤاخذ بإقرارها وتجعل كأنها جددت الإقرار بدين بعد موت الولد كمن أقر على مورثه بدين في حياته ، ثم مات فصار المال ميراثا له ، وكذلك لو قتل الولد فأخذت قيمته ; لأن قيمة نفسه بمنزلة كسبه في أنه يسلم لها إذا فرغ من دينه وجنايته فيكون إقرارها صحيحا فيه إذا خلص الحق لها .

( ألا ترى ) أن الدين لو كان ثابتا على الولد بالبينة كان الغريم أحق بكسبه وقيمته إذا قتل ، ولو أقر الولد على الأم بجناية أو دين لم يصدق ; لأنه لو جاز كان على الأم دونه ، ولا ولاية له على أمه في أنه يلزمها دينا ، فإن ماتت الأم عن مال بدئ بالكتابة فقضيت ; لأن إقرار الأم كما لا يصح في حق الولد لا يصح في حق المولى ، وحق استيفاء بدل الكتابة من تركتها بعد موتها ، فإذا قضت الكتابة وحكم بعتقها كان الباقي ميراثا منها للابن فيؤاخذ بإقراره فيما ورثه كما لو جدد الإقرار عليها بذلك بعدما صار المال ميراثا له ، وإن لم تدع الأم شيئا فقضى على الولد أن يسعى فيما على أمه من الكتابة ، وهو مقر اليوم بالجناية التي كان أقر بها على الأم ، فإنه يقضي عليها بالسعاية فيها أيضا ; لأن المقر يعامل في حق نفسه كأن ما أقر به حق والثابت بالإقرار في حق المقر كالثابت بالمعاينة ، ولو ثبت في الكسب القائم في يده .

ولو ثبتت الجناية بالبينة كان على الولد السعاية بعد موتها في الأقل من قيمتها ومن أرش الجناية مع بدل الكتابة ، فإن عجز ، وقد أدى بعض الكتابة لم يسترد ما أدى ويبطل ما بقي ; لأن بالعجز صار كسبه ورقبته حقا للمولى وإقراره في حق المولى غير صحيح إلا أنه لا يسترد من القابض ما أدى [ ص: 111 ] لأن حق المولى عند عجزه إنما ثبت في الكسب القائم في يده وذلك خرج من ملكه إلى ملك القابض بسبب صحيح فلا يثبت فيه حق المولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية