صفحة جزء
ولو أن ذميا أسلم ووالى رجلا ، ثم جنى جناية خطأ فلم يقض بها القاضي على العاقلة بشيء حتى أبرأ أولياء المجني عليه الجاني من الجناية فللجاني أن يتحول بولائه عن الذي والاه ; لأن بإبرائه سقط موجب الجناية ولم يجب شيء على الذي والاه ; لأن الوجوب عليه بقضاء القاضي ولو كان الإبراء بعد ما قضى القاضي على العاقلة بالدية لم يكن له أن يتحول بولائه ; لأن بقضاء القاضي وجبت الدية على العاقلة لتأكد الولاية ، ثم بسقوطه عن العاقلة بالإبراء وسقوطه بالاستيفاء سواء ومعنى هذا الفرق أن موجب الجناية قبل القضاء على الجاني فالإبراء يكون إسقاطا عن العاقلة ، وهذا بخلاف ما تقدم إذا لم يوجد الإبراء ولا القضاء حتى تحول بولائه إلى غيره ; لأن هناك موجب الجناية الأولى الباقية ، فإنما يقضي القاضي به على عاقلة الأولى فلا يمكن أن يتحول حتى لو كان أقر الجاني بالجناية كان له أن يتحول سواء قضى بها عليه في ماله أو لم يقض ; لأنه موجب الجناية الثانية بإقراره يكون عليه [ ص: 142 ] لا على عاقلته فلم يوجد في حق العاقلة ما يتأكد به الولاء ولم يجن ولكنه التحق معهم في ديوانهم فجنى بعضهم فعقل عنه معهم لم يكن له أن يتحول بولائه عنهم ; لأن الذي والاه ليس له أن يحوله إذا عقل عنهم فكذلك لا يكون له أن يتحول عنهم .

( ألا ترى ) أن المولى بعد ما عقل عنه لم يكن له أن يبرأ من ولائه كما ليس له أن يتحول بالولاء عنه ، وقد كان قبل العقل لكل واحد منهما ذلك ، فإذا لم يكن لأحدهما أن يتحول بعد عقل الجناية لم يكن للآخر أن يحوله أيضا ولو أخذ معهم العطاء ولم يعقل عنهم كان له أن يتحول عنهم ; لأن بأخذ العطاء لا يتأكد حكم الولاء بينه وبينهم إنما يتأكد ذلك بعقل الجناية اعتبارا لولاء الموالاة ، فإن ذلك إنما يتأكد بعقل الجناية حتى إن عقل عقل الجناية لكل واحد منهما أن يتحول بولائه وليس له ذلك بعد عقل الجناية من جانب واحد أو من جانبين ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية