صفحة جزء
( قال : ) وإذا حال الحول على مال الشريكين المفاوضين فأدى كل واحد منهما زكاة جميع المال فإن أدى كل واحد منهما بغير أمر صاحبه ضمن لصاحبه ; لأن كل واحد منهما بسبب الشركة صار نائبا عن صاحبه في التجارات دون إقامة العبادات ، وإن كان كل واحد منهما قد أمر صاحبه بأداء الزكاة فهذا على وجهين : إما أن يؤديا معا ، أو على التعاقب فإن أديا معا ضمن كل واحد منهما لصاحبه حصته مما أدى في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولم يضمن عندهما ، وإن أديا على التعاقب فلا ضمان على المؤدي أولا منهما لصاحبه ويضمن المؤدي آخرا لصاحبه حصته مما أدى في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى سواء علم بأدائه أو لم يعلم ، وعندهما إن علم بأداء صاحبه يضمن وإلا فلا ، هكذا أشار إليه في كتاب الزكاة ، وفي الزيادات يقول لا ضمان عليه سواء علم بأداء شريكه أو لم يعلم وهو الصحيح عندهما ، وكذلك الخلاف في الوكيل بأداء الزكاة إذا أدى بعد أداء الموكل بنفسه ، وكذلك الخلاف في الوكيل يعتق العبد عن الظهار إذا أعتقه بعد ما كفر الموكل بنفسه أو بعد ما عمي العبد ، عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا ينفذ عتقه ، وعندهما ينفذ سواء علم بتكفير الموكل أو لم يعلم على ما ذكره في الزيادات . وجه قولهما أن أداء [ ص: 210 ] الزكاة بنفسه يتضمن عزل الوكيل فلا يثبت حكمه في حقه قبل العلم به ولأنه كان عن قصد وفعل من الموكل فهو كالتصريح بالعزل ونظيره لوكيل بقضاء الدين إذا قضى الموكل بنفسه ، ثم قضى الوكيل فإن علم بأداء الموكل فهو ضامن ، وإلا لم يضمن شيئا .

أما على رواية الزيادات قال : هو مأمور بدفع المال إلى الفقير على وجه يكون صدقة وقربة ، وأداء الموكل بنفسه لا ينفي هذا المعنى فلا يوجب عزل الوكيل فكان هو في الأداء ممتثلا أمره فلا ضمان عليه سواء علم بأدائه أو لم يعلم بخلاف المأمور بقضاء الدين فإنه مأمور بأن يملكه ما في ذمته بما يدفع إليه ، وذلك لا يتصور بعد قضاء الموكل بنفسه الدين فكان قضاؤه عزلا للوكيل ولكن لا يثبت حكمه في حقه قبل العلم به دفعا للضرر عنه . فأما أبو حنيفة رحمه الله تعالى قال : هو مأمور بأداء الزكاة ، وقد أدى غير الزكاة فكان مخالفا ضامنا ، أن بيانه موجب أداء الزكاة سقوط الفرض عن ذمته ، وقد سقط بأداء الموكل بنفسه فلا يتصور إسقاطه بأداء الوكيل وكان أداء الموكل عزلا للوكيل من طريق الحكم لفوات المحل ، وذلك لا يختلف بالعلم والجهل كالوكيل ببيع العبد إذا أعتق الموكل العبد انعزل الوكيل علم به أو لم يعلم بخلاف الوكيل بقضاء الدين فإنه مأمور بأن يجعل المؤدى مضمونا على القابض على ما هو الأصل بأن الديون تقضى بأمثالها ، وذلك لا يتصور بعد أداء الموكل فلم يكن أداؤه موجبا عزل الوكيل حكما . يوضح الفرق أن هناك لو لم نوجب الضمان على الوكيل لجهله بأداء الموكل لا يلحق الموكل فيه ضرر فإنه يتمكن من استرداد المقبوض من القابض ويضمنه إن كان هالكا ، وهنا لو لم نوجب الضمان أدى إلى إلحاق الضرر بالموكل ; لأنه لا يتمكن من استرداد الصدقة من الفقير ولا تضمينه والضرر مدفوع فلهذا أوجبنا الضمان بكل حال

التالي السابق


الخدمات العلمية