مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( ولا يغسل شهيد معترك فقط ولو ببلد الإسلام ) ش : ولا يحنط ولا يصلى عليه ولا فرق فيمن قتل في معترك المشركين من سببهم ، أو من غير سببهم وسواء قتله المشركون بأيديهم ، أو حمل عليهم فتردى في بئر ، أو سقط من شاهق ، أو عن فرسه فاندق عنقه ، أو رجع عليه سهمه ، أو سيفه فقتله فإنه في جميع ذلك شهيد قاله في الطراز قال في الشامل والشهيد من مات في معترك العدو فقط لا بين لصوص ، أو فتنة بين [ ص: 248 ] المسلمين ، أو في دفعه عن حريمه وإن صبيا ، أو امرأة ولو ببلد الإسلام على المشهور ، أو لم يقاتل ، أو هو نائم على الأصح ، أو سقط عن فرسه ، أو تردى من شاهق ، أو رجع عليه سيفه فقتله ، أو سهمه ، أو وجد في المعركة ميتا وليس فيه جراح ، أو أنفذت مقاتله ولم يحي لحياة بينة ، أو رفع مغمورا لم يأكل ولم يشرب على المشهور وإن حمل لأهله فمات فيهم ، أو في أيدي الرجال ، أو وجد في أرض العدو وجهل قاتله ، أو ترك في المعركة حتى مات فكغير الشهيد إلا من عوجل في المعركة سحنون وإن جهل قاتله عند اختلاف الرمي بالنار والحجارة لم يصل عليه انتهى .

قال ابن يونس : قال ابن القاسم من قتله العدو بحجر ، أو بعصا ، أو خنقوه حتى مات ، أو قتلوه أي قتلة كانت في معركة ، أو في غير معركة فهو كالشهيد في المعترك ولو أغار العدو على قرية من قرى الإسلام فدافعوهم عن أنفسهم كان من قتل منهم كالشهيد في المعركة قال عنه أصبغ في العتبية : ولو قتلوهم في منازلهم في غير ملاقاة ولا معترك فإنهم يغسلون ويصلى عليهم بخلاف من قتل في المعركة ، وقال ابن وهب هم كالشهداء في المعترك حيثما نالهم القتل ، منهم محمد بن يونس وبه أقول وسواء كانت امرأة ، أو صبية ، أو صبيا وما قاله سحنون هو وفاق لما في المدونة ، ثم قال : ومن المدونة قال مالك وأما من قتل مظلوما ، أو قتله اللصوص في المعترك ، أو مات بغرق ، أو هدم فإنه يغسل ويصلى عليه وكذلك إن قتله اللصوص في دفعه إياهم عن حريمه ابن سحنون ولو قتل المسلمون في المعترك مسلما ظنوا أنه من العدو ، أو درسته الخيل من الرجال فإن هؤلاء يغسلون ويصلى عليهم انتهى .

( فوائد الأولى ) قال في الموطإ عن النبي صلى الله عليه وسلم { الشهداء سبعة سوى القتلى في سبيل الله المطعون شهيد والغريق شهيد وصاحب ذات الجنب شهيد والمبطون شهيد والحرق شهيد والذي يموت تحت الهدم شهيد والمرأة تموت بجمع شهيدة } قال الشيخ جلال الدين الأسيوطي في حاشيته على الموطإ : المطعون هو الذي يموت في الطاعون والغريق هو الذي يموت غرقا في الماء وصاحب ذات الجنب هو مرض معروف وهو ورم يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع والمبطون قال ابن عبد البر قيل : هو صاحب الإسهال وقيل : المجنون وقال في النهاية هو الذي يموت بمرض بطنه كالاستسقاء ونحوه وفي كتاب الجنائز لأبي بكر المروزي عن شيخه شريح أنه صاحب القولنج ، والحرق الذي يحرق في النار فيموت والمرأة التي تموت بجمع هو بضم الجيم وكسرها ابن عبد البر قيل : هي التي تموت من الولادة سواء ألقت ما في بطنها أم لا وقيل : هي التي تموت في النفاس وولدها في بطنها وقيل : هي التي تموت عذراء والقول الثاني أشهر وأكثر انتهى .

ثم قال بقي من الشهداء صاحب السل رواه الطبراني وأحمد والغريب رواه ابن ماجه والبيهقي في الشعب والدارقطني والصابوني والطبراني وصاحب الحمى رواه الديلمي واللذيع والشريق الذي تفترسه السباع والخار عن دابته رواه الطبراني والمتردي رواه الطبراني والميت على فراشه في سبيل الله رواه مسلم والمقتول دون ماله أو دمه أو دينه أو أهله رواه أصحاب السنن الأربعة أو دون مظلمة رواه أحمد والميت في السجن وقد حبس ظلما رواه ابن منده والميت عشقا رواه الديلمي والميت وهو طالب للعلم رواه البزاز انتهى وقال في العارضة في الذي يقتله اللصوص لا خلاف أنه شهيد وكذلك كل من قتل مظلوما دون مال أو نفس ومن غرق في قطع الطريق فهو شهيد وعليه إثم معصيته وكل من مات بسبب معصية فليس بشهيد وإن مات في معصية بسبب من أسباب الشهادة فله أجر شهادته وعليه إثم معصيته وكذلك لو قاتل على فرس مغصوب أو كان قوم في معصية فوقع عليهم البيت فلهم الشهادة وعليهم المعصية انتهى .

( الثانية ) ذكر أبو داود في سننه في كتاب الجهاد [ ص: 249 ] { أن أم خلاد جاءت منتقبة تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ابنها وهو مقتول فقال لها بعض الصحابة : جئت تسألي عن ابنك وأنت منتقبة فقالت : إن أرزأ ابني فلن أرزأ أحبائي فقال صلى الله عليه وسلم ابنك له أجر شهيدين قالت : ولم ذلك يا رسول الله ؟ . قال : لأنه قتله أهل الكتاب } انتهى .

وفي هذا الحديث أن من قتله أهل الكتاب له أجر شهيدين وروى أبو داود أيضا الغرق له أجر شهيدين ذكره في كتاب الجهاد .

( الثالثة ) الشهيد فعيل بمعنى مفعول واختلف في تسميته شهيدا فعن النضر بن شميل : لأنه حي فروحه شهدت دار السلام وروح غيره إنما تشهدها يوم القيامة ، وقال ابن الأنباري ; لأن الله وملائكته يشهدون له بالجنة وقيل : لأنه شهد عند خروج روحه ما له من الكرامة وقيل : لأن ملائكة الرحمة يشهدونه وقيل : لأن تشهد بصدق نيته ، وقيل : لأن معه شاهدا وهو الدم فإنه يبعث ودمه يثعب وقيل : لأن دمه يشهد على الألم وعلى هذا لا اختصاص له بهذا السبب .

والشهداء ثلاثة : شهيد حرب الكفار له أحكام الشهيد في الدنيا وفي ثواب الآخرة .

والثاني : شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا وهم المبطون ومن ذكر معه .

والثالث : من غل في الغنيمة وشبهه فله حكم الشهيد في الدنيا وليس لهم الثواب الكامل

التالي السابق


الخدمات العلمية