مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
[ ص: 317 ] ص ( والاقتضاء لمثله مطلقا والفائدة للمتأخر منه فإن اقتضى خمسة بعد حول ثم استفاد عشرة فأنفقها فعلى حولها ثم اقتضى عشرة زكى العشرين والأولى إن اقتضى خمسة )

ش : الضم في قوله وضم لاختلاط أحواله لجميع الأحوال ، والضم هنا لإيجاب الزكاة وإسقاطها فالاقتضاء أن يضم بعضها لبعض مطلقا أي لما تقدم وما تأخر ، وسواء أنفق المتقدم أو كان باقيا ، وسواء تخللتهما فوائد أم لا ، وأما الفوائد فإن كانت مفردة عن الاقتضاءات فقد تقدم كيفية زكاتها وما يضم منها وما لا يضم وذكر هنا أيضا أنها إذا اختلطت أحوالها تضم الأولى منها للأخيرة ، وأما إذا تخللت بين الاقتضاءات فما اقتضى وأنفق قبل حصولها ولم تجتمع هي فائدة فلا تضم إليه اتفاقا وما اقتضى وأنفق بعد حصولها وقبل حلول حولها لم تضم إليه عند ابن القاسم ; لأنه يشترط في الضم اجتماعهما في ملك حولا كاملا وتضم عند أشهب ، وما اقتضى بعد حلول حولها أو عند حلوله تضم له ، وهذا معنى قول المصنف والفائدة للمتأخر منه أي للاقتضاء المتأخر عن حولها ، وسواء كانت باقية أو أنفقت .

( تنبيهات الأول ) قولنا : ما اقتضى بعد حصولها وقبل حلول حولها لا تضم له عند ابن القاسم أي إذا أنفق المقتضى قبل حلول حول الفائدة ، وأما لو استمر المقتضى باقيا بيده حتى حل حولها فإنه [ ص: 318 ] يضمها له ويزكيها وذلك واضح ; لأنه قد حصل الشرط وهو اجتماعهما في الملك حولا كاملا ، وقد قال في المدونة : وإن كان معه عشرون دينارا لم يتم حولها فاقتضى من دينه أقل من عشرين لم يزك شيئا من المالين حتى يتم به حول العشرين فإذا تم حول العشرين زكاها وزكى ما كان اقتضى جميعا ، قال أبو الحسن : يريد إذا كان ما اقتضى قائما بيده ; لأنه مما يصيران كمال واحد ، ولو أتلف قبل تمام حول العشرين لم يزكه حتى يقتضي تمام عشرين فيزكي حينئذ ما اقتضى وما أتلف ، انتهى . ثم قال أبو الحسن في الكبير : وتحصيل هذا أن كل ما اقتضى من الدين بعد حصول الفائدة وكان إذا أضافه إليها كان فيها النصاب فإنه يضيفه إليها ، وكل ما اقتضى من الدين قبل حصول الفائدة أو قبل حلول حولها فلا يضمه إليها الشيخ ، وكلامنا فيما يضم وما لا يضم إنما ذلك إذا كان أنفق ، وأما إذا كان باقيا فإنه يضم ، انتهى . وهذا ظاهر وما في التوضيح في قول ابن الحاجب : ويضم الاقتضاء إلى الفائدة قبله أو بعده ما نصه كما لو كان عنده عشرة فائدة حال حولها ثم اقتضى عشرة ، وهذا ضم الاقتضاء إلى الفائدة قبله ، أي حال حولها قبل الاقتضاء ، وقوله أو بعده كما لو اقتضى عشرة ثم استفاد عشرة أو كانت لم يحل حولها فإذا حل حولها والمقتضى باق يزكي المجموع ، انتهى . ثم ذكر فيه أنه لو أنفق المقتضى قبل حلول حولها لم يضمها إليه ، والله أعلم .

( الثاني ) حمل الشارح في الكبير كلام المصنف على أن الخمسة المقتضاة أولا لم تنفق ، وهذا غير ظاهر لأنك قد علمت أن المقتضى إذا كان باقيا حتى حال الحول على الفائدة فإنه يضم إليها ، وهذا ظاهر ; لأنه مما قد اجتمعا في الملك والحول فيصيران كما قال أبو الحسن مالا واحدا ولا يضرنا بعد ذلك إنفاق أحدهما فتأمله . وأما في الوسط والصغير فلم يتعرض لكونها منفقة أو باقية ويتعين حمل كلام المصنف على أن مراده إذا أنفقت ، وأما لو كانت باقية فإنها تضم إلى ما بعدها من الفائدة والاقتضاء إذا كمل النصاب ويزكي ، والله أعلم .

( الثالث ) قولنا ما اقتضى بعد حلول حولها يضم لها ، أي سواء كانت باقية أو أنفقها ولذا فرض المصنف - رحمه الله - الفائدة في مسألة منفقة فقوله " ثم استفاد عشرة فأنفقها " قصد به بيان ما يتوهم فيه عدم الضم ، وهي ما إذا أنفقت ولم يحترز به من شيء ، والله أعلم ، وإذا علمت ما تقدم ظهر لك المثال الذي فرضه المصنف فإنه قال : اقتضى خمسة بعد حولها يعني بعد مرور حول على الدين يريد وأنفقها ثم استفاد عشرة فأنفقها بعد حولها ثم اقتضى عشرة فيضم العشرة الفائدة المنفقة للعشرة المقتضاة بعدها ويزكي العشرين ولا يزكي الخمسة المقتضاة أولا ; لأنها أنفقت قبل حلول حول الفائدة فلا يضم لها ولا يكمل من الاقتضاءات نصاب فكذلك إذا اقتضى خمسة أخرى زكى الخمسين ; لأنه حينئذ كمل من الاقتضاءات نصاب ، وقد علمت أن الاقتضاءات تضم لبعضها ، ولو أنفق المتقدم ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية