مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وعدم كفاية بقليل أو إنفاق أو صنعة )

ش : يعني أنه يشترط في كل واحد من الفقراء والمساكين أن يكون عادما للكفاية : إما بأن لا يكون له شيء أصلا ولا له من ينفق عليه ولا له صنعة ، أو [ ص: 343 ] يكون له شيء قليل لا يكفيه أو له من ينفق عليه نفقة لا تكفيه أو له صنعة لا كفاية له فيما يحصل منها ، قال ابن الحاجب : ويشترط فيهما أي الفقير والمسكين الإسلام والحرية اتفاقا وأن لا يكون ممن تلزم نفقته مليا ، وكذلك إن كانت لا تلزم ولكنه في نفقته وكسوته ، قال في التوضيح يعني أنه يلحق الملتزم النفقة والكسوة بمن تلزمه في الأصل ، وسواء كان التزامه لها صريحا أو بمقتضى الحال ، وسواء كان من قرابته أو لا ، قاله ابن عبد السلام ، انتهى . ثم قال : فإن انقطعت النفقة أو الكسوة عن أحد الشخصين فإنه يجوز أن يدفع له من الزكاة ما يقدر عليه من النفقة والكسوة ، انتهى .

( تنبيهات الأول ) قال ابن فرحون : ظاهر كلام المؤلف أنه سواء كان المليء يجريها عليه أم لا ; لأنه قادر على أخذها منه بالحكم وينبغي أن يستثنى من هذا ما لو كان المليء لا يمكن الدعوى عليه أو تعذر الحكم ، انتهى . وفي البرزلي عن السيوري : من له ولد غني وأبى من طلب نفقته منه يعطى من الزكاة البرزلي ; لأنها لا تجب إلا بالحكم فكأنه لم يكن له ولد ، فلو كان الأمر على العكس ففيه نظر على مذهب ابن القاسم وأشهب ، انتهى . وفي المدونة ، قال ابن القاسم : وإذا كان رجل فقير وله أب غني لا يناله رفقه فلا بأس أن يعطى من الزكاة فإن كان يناله رفقه فغيره ممن لا يناله رفق أحد أولى أن يؤثر ، انتهى . فقوله " أولى أن يؤثر يدل " على أنه يعطى وهو موافق لما تقدم عن التوضيح ; لأن قوله " يناله رفقه " يفهم منه أنه ليس ملتزما له بالكفاية فلو التزم له بالكفاية لم يعط .

( الثاني ) ظاهر ما تقدم في التوضيح أن من له من ينفق عليه ويكسوه لا يعطى من الزكاة ، ولو احتاج إلى ضروريات أخر لا يقوم له بها المنفق ، والظاهر أنه يعطى بقدر ما يسد به ضرورياته الشرعية فقد قال البرزلي : وسئل السيوري عن كافل يتيمة تخدمه وهو يطعمها ويكسوها ، هل تعطى من الزكاة ما ترتفق به في كسوتها أو تتجمل به في العيد أو متى تزوجت ؟ فقال للسائل ليس عن مثل هذا تسألني مع كثرة المسائل التي عندك فلعلها معلومة ، وما ينبني عليه موجود عندك البرزلي لم يعطه جوابا وأحاله على ما قيده ، والذي سمعت عن بعض شيوخنا وأظن أنى قيدته منه أنها تعطى من الزكاة ما يصلحها من ضروريات النكاح ، والأمر الذي يراه القاضي حسنا في حق المحجور ، قال : والصواب في هذه المسألة المفروضة أنه إن قابل بشيء من الزكاة خدمتها فلا تجزئ ; لأنه يصون بها ماله ، وإن لم يقابل ويعلم أنه لو لم تخدمه لم يعطها شيئا فلا تعطى أيضا ، وإن لم يكن شيء من ذلك بأن كان غيرها أشد حاجة منها فلا يعطيها ، وإن استوت الحاجة فغيرها ممن يصرفها في أهم مما تصرفه هي فيه خير ، وإن اشتدت حاجتها عن غيرها أعطيت ما تدعو الضرورة إليه من أسباب النكاح ، انتهى . ويؤخذ مما يأتي عن النوادر في قوله " ودفع أكثر منه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية