مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
( الخامس ) قال في سماع عيسى : يعطى من الزكاة أهل الهوى الخفيف الذي يبدع صاحبه ولا يكفر كتفضيل علي على سائر الصحابة وما أشبه ذلك ، وأما أهل الأهواء المضلة كالقدرية والخوارج وما أشبههم فمن كفرهم بمقتضى قولهم لم يجز أن يعطوا من الزكاة ، ومن لم يكفرهم أجاز أن يعطوا منها إذا نزلت بهم حاجة وهو الأظهر ، ومن البدع ما لا يختلف في أنه كفر ، كمن يقول : إن عليا هو النبي وأخطأ جبريل .

ومن يقول : في كل أمة رسولان ناطق وصامت وكان محمد صلى الله عليه وسلم ناطقا وعلي صامتا ، ومن يقول : الأئمة أنبياء يعلمون ما كان وما يكون ، فهؤلاء ومن أشبههم لا يعطون من الزكاة بإجماع لأنهم كفار ، وقد قال ابن حبيب : لا يعطى تارك الصلاة من الزكاة ، وقال : إن ذلك لا يجزئ من فعله ، وهذا على أصله أنه كافر وهو بعيد ، انتهى . وقال في النوادر ، ولم يجز ابن حبيب أن يعطاها تارك الصلاة ، وقال : إن ذلك لا يجزئ من فعله ، وهذا قول انفرد به ، وإن كان غيرهم أولى فلا بأس أن يعطوا إذا كان فيهم الحاجة البينة ، انتهى . ونقل ابن عرفة جميع ذلك مختصرا ، ونصه الشيخ عن محمد عن أصبغ : لا يعجبني إعطاؤها ذا هوى إلا خفيفه الإخوان لا يعطى ذا هوى ومن فعل أساء وأجزأته ، وسمع عيسى ابن القاسم : يعطى أهل الأهواء إن احتاجوا من المسلمين ابن رشد إن خف هواهم كتفضيل علي على الصحابة والقدري والخارجي على القولين في تكفيرهم .

ومنعها ابن حبيب غير المصلي على أصله " الشيخ المصلي أولى منه ويعطى إن كان ذا حاجة بينة " وتقدم قول البرزلي في جواب السيوري في التنبيه الثالث في قليل الصلاة : إنه لا يعطى على وجه الشدة ، ولو أعطي لمضى ، وقال البرزلي إثر هذا الكلام : ومثله أهل المجون والمعاصي إذا كانوا يصرفون الزكاة في محلها من ضرورياتهم ، ولو كانوا يصرفونها حيث لا ترضى غالبا فلا تعطى لهم ، ولا تجزئ من أعطاهم ; لأنه يتوصل بذلك إلى المعصية ولا يحل ما أمر الله به ما نهى عنه ، وهذا على القول بأنهم مسلمون وعلى مذهب من يكفر تارك الصلاة فلا تجزئ ، ونص عليه ابن حبيب ، وأهل الأهواء يسلك بهم هذا المسلك الذي أصلناه .

وفي النوادر عن أصبغ ونقل ما تقدم عنه ، ثم قال فيه بعد هذا : ودفع الزكاة إلى الأصلح حالا أولى من دفعها إلى سيئ الحال إلا أن يخشى عليه الموت فيعطى ، وإذا غلب على الظن أن المعطى ينفقها في المعصية فلا يعطى ولا تجزئ إن وقعت ، انتهى . وقال في مسائل بعض القرويين في أيتام تحل لهم زكاة لهم خادم غير مصل ولا منفق فيحرمون من أجله ؟ فأجاب يعطون من الزكاة ويأكل خادمهم منها بالإجارة ، وقد بلغت محلها يتصرفون فيها كيف شاءوا ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية