مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وعدم بنوة لهاشم والمطلب )

ش : يعني أنه يشترط في الذي يحل له أخذ الزكاة أن يكون عادما لبنوة هاشم والمطلب أي لا يكون من بني هاشم ولا من بني المطلب وعممنا هذا الشرط ، وإن كان كلام المصنف في الفقير والمسكين ; لأنه قد ذكر القرافي وغيره أن هذا الشرط عام في جميع الأصناف ، وكذلك الحرية والإسلام إلا المؤلفة على القول المشهور فيهم ، ويعني بقوله " المطلب " المطلب بن عبد مناف ، وهو أخو هاشم وليس المراد به [ ص: 345 ] عبد المطلب بن هاشم حتى اعترض عليه بأن بنوة هاشم كافية عنده ; لأن من كان من بني عبد المطلب فهو من بني هاشم ، بل قال ابن رشد في الأجوبة : لم يعقب أحد من بني هاشم إلا عبد المطلب ، وما مشى عليه المصنف من أن الآل هم بنو هاشم وبنو المطلب ، هو قول عزاه في الإكمال لبعض شيوخ المالكية ، وذكره الرجراجي ، ولم يعزه ، واقتصر عياض عليه في قواعده ، وقال الشيخ زروق في شرح الوغليسية : هو المذهب وكأنه اعتمد كلام المصنف هنا ، ولكن الذي عليه مالك وأكثر أصحابه أنهم بنو هاشم فقط .

( تنبيه ) قال الونشريسي في المعيار : وسئل سيدي محمد بن مرزوق عن رجل شريف هل يواسى بشيء من الزكاة أو صدقة التطوع ، وقد علمتم ما في ذلك من الخلاف ، وحالة هذا الرجل وغيره من الشرفاء عندنا لا سيما من له عيال تحت فاقة ، فالمراد ما نعتمده في ذلك من جهتكم فإني وقفت على جواب للإمام ابن عرفة قيل فيه : المشهور من المذهب أنهم لا يعطون من الزكاة ، وبذلك احتججت على من تكلمت معه في ذلك من طلبة بلدنا ، فقالوا لي : إن وقفنا على هذا وشبهه مات الشرفاء وأولادهم وأهاليهم هزالا فإن الخلفاء قصروا في هذا الزمان في حقوقهم ، ونظام بيت المال وصرف ماله على مستحقيه فسد ، والأحسن عندي أن يرتكب في هذا أخف الضررين ، ولا ينظر في حفدة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يموتوا جوعا فعارضني بما ( قلت ) لكم وبما قاله الشيخ ابن بشير في ذلك في الأجوبة فأجاب : المسألة اختلف العلماء فيها كما علمتم ، والراجح عندي في هذا الزمان أن يعطى وربما كان إعطاؤه أفضل من إعطاء غيره ، والله أعلم ، ونقله في المازونية وعنه باللفظ المذكور ، وعبد مناف اسمه المغيرة ، ومناف اسم صنم أضيف " عبد " إليه وله من الأولاد الذكور أربعة هاشم بن عبد مناف والمطلب بن عبد مناف ، وهؤلاء الثلاثة أشقاء ، والرابع نوفل بن عبد مناف ، والله أعلم .

ص ( كحسب على عديم )

ش : قال في المدونة : ومن كان له دين على رجل فقير فلا يعجبني أن يحسبه عليه في زكاته ، قال غيره : لأنه تاو ولا قيمة له أو له قيمة دون ، قال في التوضيح : وقد صرح ابن القاسم بعدم الإجزاء ، وقال أشهب : يجزئه ، انتهى . وقال أبو الحسن : قوله لا يعجبني على المنع ، وقول الغير تفسير وتتميم ، قال : وفي الحواشي عن بعض الشيوخ يلزم على قول الغير أن الدين إذا لم يكن تاويا يحسب عليه في زكاته ، مثل أن يكون له دار وخادم إذ لو قام رب الدين على الغريم لبيعت له الدار والخادم ، وكذلك قوله : على يتيمة ربع دينار يحتسب به في مهرها ويتزوجها الشيخ ، وهذا غير بين ; لأنه إذا لم يكن تاويا فإن قيمته دون ; لأن الدين إنما يعتبر قيمته ، وقيمته دون إذ هو كالعرض فلا يحسبه عليه ، وكذلك من له على يتيمة ربع دينار لا يحتسب به عليها في مهرها ; لأنه يؤدي إلى أن يتزوج بغير النصاب ، انتهى . فعلى هذا لا يكون لقوله " على عديم " مفهوم لما ذكره أبو الحسن ، والتاوي : الهالك ، وقال المشذالي : أخذ منه أن من له دين على رجل ، وقد أخذ به رهنا أنه يجوز أن يعطيه له في زكاته ; لأنه ليس بتاو ، وقال ابن عرفة : وكذا عندي لو أعار رجل شيئا لمن يرهنه في دين عليه أنه يجوز له أن يعطيه ما يفك به ما أعاره ولا يتهم أنه قصد نفعا ; لأنه فعل معروفين ، انتهى . وهو ظاهر عندي ، والله أعلم . وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد ولا يحسب في دين على فقير ، ومن فعل لم يجزه خلافا لأشهب بناء على الكراهة أو المنع وبه أفتى ابن رشد ، انتهى .

ص ( وجاز لمولاهم )

ش : قال في التوضيح : هذا هو المشهور والشاذ لمطرف وابن الماجشون وابن نافع وأصبغ ، ثم قال : وأخذ اللخمي بقول أصبغ لحديث أبي رافع ، قال { : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني مخزوم على الصدقة ، فقال لأبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحبني فيما نصيب منها ، فقال : لا حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله فسأله ، فقال : إن الصدقة لا تحل لنا ولا لموالينا } [ ص: 346 ] وهو صحيح ذكره الترمذي في مسنده ، انتهى كلامه في التوضيح ، وبقول أصبغ قطع ابن عبد البر في التمهيد في شرح حديث بريدة وهو الثالث لربيعة ، ونصه : قال أبو عمر : أما الصدقة المفروضة فلا تحل للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لبني هاشم ولا لمواليهم ، لا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك ، إلا أن بعض أهل العلم قال : إن مولى بني هاشم لا يحرم عليه شيء من الصدقات ، وهذا خلاف الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر الحديث المتقدم إلا أنه قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الصدقة لا تحل لنا } ، وإن موالي القوم منهم ، انتهى . فهذا من إجماعاته ، وقد حذروا منها ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية