مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( فيحرم ولي عن رضيع وجرد قرب الحرم )

ش : يعني فبسبب أنه لا يشترط في صحة الحج والعمرة إلا الإسلام صح الإحرام بالحج والعمرة عن الصبي ولو كان رضيعا ; لأنه محكوم له بالإسلام وكذلك المجنون المطبق ، وهذا هو مذهب المدونة وهو المشهور في المذهب . وفي الموازية لا يحج بالرضيع وأما ابن أربع سنين أو خمس فنعم ، قال اللخمي : وعلى قوله هذا فلا يحج بالمجنون المطبق . وكأنه فهم كلام الموازية على المنع ; ولذا قال ابن عرفة : وفي صحته يعني الإحرام لغير المميز قولان لها وللخمي مع رواية ابن وهب يحج بابن أربع لا برضيع وفي المجنون قولان لها ولتخريج اللخمي على الصبي وقول الباجي : عدم العقل يمنع صحته خلاف النص ونقله ابن عبد السلام له عن بعض شارحي الموطإ من المتأخرين تعمية أو قصور ، انتهى .

وقال في التوضيح : وحمل عياض قوله في الموازية لا يحج بالرضيع على كراهة ذلك لا منعه ابن عبد السلام ووقع في كلام بعض شارحي الموطإ من المتأخرين أن الحج لا يصح من المجنون نفلا ولا فرضا وهو خلاف نص المدونة ، انتهى كلام التوضيح ، وكلام ابن عبد السلام المتقدم ذكره في [ ص: 476 ] شرح قول ابن الحاجب . وأما المميز والعبد فعن أنفسهما وإنما نبهت على هذا ; لأن الشيخ في التوضيح نقله في غير هذا الموضع وقال ابن عبد السلام في شرح قول ابن الحاجب : يجب بالإسلام إلى آخره بعد أن ذكر كلام الموازية قال الباجي : هو على الاستحباب ، انتهى . فهذا تصريح من ابن عبد السلام عن الباجي أنه حمل الموازية على الاستحباب ، ويعني به أن ترك الإحرام بالرضيع مستحب ، والله أعلم .

والأصل في الحج بالصغير ما رواه مالك في الموطإ { أنه صلى الله عليه وسلم مر بامرأة وهي في محفتها فقيل لها : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بضبعي صبي كان معها فقالت : ألهذا حج يا رسول الله ؟ فقال : نعم ، ولك أجر } رواه مسلم في صحيحه قال في الإكمال : ولا خلاف بين أئمة العلم في جواز الحج بالصبيان إلا قوما من أهل البدع منعوه ولا يلتفت لقولهم ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وإجماع الأئمة والصحابة يرد قولهم وإنما الخلاف للعلماء هل ينعقد عليهم حكم الحج وفائدة الخلاف إلزامهم من الفدية والدم والجبر ما يلزم الكبير أم لا ؟ فأبو حنيفة لا يلزمهم شيئا وإنما يتجنب عنده ما يتجنب المحرم على طريق التعليم والتمرين وسائرهم يلزمونه ذلك ويرون حكم الحج منعقدا عليه إذ جعل له النبي صلى الله عليه وسلم عليه إذ جعل له النبي صلى الله عليه وسلم حجا وأجمعوا على أنه لا يجزيه إذا بلغ من الفريضة ، إلا فرقة شذت فقالت : يجزيه ولم يلتفت العلماء إلى قولها ثم اختلفوا فيمن أحرم وهو صبي فبلغ قبل عمل شيء من الحج فقال مالك : لا يرفض إحرامه ويتم حجه ولا يجزئه عن حجة الإسلام ، قال : وإن استأنف الإحرام قبل الوقوف بعرفة أجزأه عن حجة الإسلام وقيل : يجزيه إن نوى بإحرامه الأول حجة الإسلام ، وقال أبو حنيفة : يلزمه تجديد النية ورفض الأولى ، وقال الشافعي : تجزئه ولا يحتاج إلى تجديد نية ، وكذلك اختلفوا على هذا في العبد يحرم ثم يعتق سواء واختلف عن مالك في الرضيع ومن لا يفقه هل يحج به ؟ وحمل أصحابنا قوله بالمنع إنما هو على الاستحباب لتركه ، والكراهة لفعله لا على التحريم انتهى كلام صاحب الإكمال .

وما ذكره صاحب الإكمال من الإجزاء إذا استأنف الإحرام أو نوى بإحرامه الأول الفرض مخالف لنص المدونة وسيأتي الكلام على ذلك مستوفى في شرح قول المصنف وشرط وجوبه كوقوعه فرضا حرية وتكليف

التالي السابق


الخدمات العلمية