مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وإن لحيض رجي رفعه )

ش : يعني أن إحرام الحائض من أهل مصر والشام ونحوهم من الحليفة أولى من تأخيرهم الإحرام إلى الجحفة ` ` ، وإن أدى ذلك إلى إحرامها الآن من غير صلاة وكانت ترتجي إذا أخرت إلى الجحفة أن تطهر وتغتسل وتصلي للإحرام [ ص: 38 ] وقال في الطراز في باب ما يفعل عند الإحرام ، وقال مالك في المختصر لا تؤخر إلى الجحفة رجاء أن تطهر ، وهو بين ; لأن الإحرام بذي الحليفة أفضل إجماعا ، فإنها تقيم في العبادة أياما قبل أن تصل إلى الجحفة فلا يفي غسلها بفضل تقدمة إحرامها من ميقات النبي صلى الله عليه وسلم ا هـ . ( قلت : ) ، وفي قوله : لا يفي غسلها نظر ; لأنه يقتضي أن الحائض لا تغتسل وليس كذلك كما صرح به هو وغيره ، ولعله أراد أن يقول : فلا يفي ركوعها ; لأن الركوع هو الذي يفوتها في تعجيل الإحرام من ذي الحليفة ، ووقع له ذلك أيضا في موضع آخر قبل هذا ، ونصه : إن كانت الحائض والنفساء من أهل ذي الحليفة وأمكنها المقام في أهلها حتى تطهر فاستحسن الشافعي أن لا تعجل بالسفر إن لم تدعها إليه ضرورة ، وتؤخر حتى تطهر فتغتسل وتركع وتحرم على أكمل حالها ، وقال مالك عند محمد : تغتسل ، ولا تؤخر لانتظار الطهر ، وهو بين ، فإنها إذا أحرمت من الآن دخلت في العبادة ، والذي يفوتها من الفضيلة بالحرمان فوق ما يفوتها من فضيلة الغسل بعد أيام وزمان انتهى .

ونقله ابن عبد السلام في الكلام على سنن الإحرام ، وذكره في الشامل أيضا ، وفي كلام سند الأخير فائدة أخرى ، وهي : التصريح بأن الحائض والنفساء إذا كانتا ممن يجب عليهما الإحرام من ذي الحليفة لا يرخص لهما عند مالك في تأخير الإحرام إلى الجحفة رجاء أن تطهر ، وهو ظاهر كلام النوادر ونصه : ولا تؤخر الحائض من ذي الحليفة إلى الجحفة رجاء أن تطهر انتهى .

فظاهره سواء كانت ممن يجب عليها الإحرام من ذي الحليفة أو ممن يستحب لها ، وهو أيضا ظاهر كلام سند الأول الذي نقله عن مالك في المختصر ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية