مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وندب إفراد )

ش : يعني أن الإحرام بالحج مفردا أفضل من الإحرام بالقران أو التمتع ، وظاهر كلامه ، وإن كان لم يأت بعد الحج بعمرة ، وهو ظاهر كلامه في التوضيح والمناسك ، وقال في مناسكه في فضل أوجه الإحرام ، والإفراد أفضلها ، وهو أن يحرم مفردا ثم إذا فرغ يسن له أن يحرم بعمرة ، فلم يجعل العمرة داخلة في حقيقة الإفراد المحكوم له بالأفضلية بل جعلها سنة مستقلة ، فإذا أحرم بالإفراد ، وترك العمرة ، وترك السنة ، وهو نحو قوله : في التوضيح ، والإفراد ، وإن لم يكن مستلزما للعمرة لكنه إذا أتى بالعمرة بعد الحج ، فقد أتى بهما ، وإن كان حجه إفرادا ، وهو ظاهر كلام غيره من أهل المذهب قال ابن عرفة الإفراد الإحرام بنية حج فقط ، وقال المقري في قواعده قال مالك ومحمد : الإفراد أفضل إذا كان بعده عمرة ، أما إذا لم يعتمر بعده ، فالقران أفضل انتهى .

ولم أر من صرح بذلك من المالكية إنما نقله سند عن الشافعي ، وقال ابن جماعة الشافعي وعند المالكية أن الإفراد أن يأتي بالحج وحده ، ولم يذكروا العمرة ، وأطلقوا القول بأنه أفضل من القران والتمتع ، ونص على ذلك مالك - رحمه الله تعالى - ونقل الطرطوشي اتفاق مالك وأصحابه عليه انتهى .

( قلت : ) ، ولعل المقري أخذ ما قاله مما وقع في رسم حلف من سماع ابن القاسم من كتاب الحج ، ونصه : وسئل مالك عمن أحرم بعمرة ثم حج ، أذلك أحب إليك أم إفراد الحج والعمرة بعده في ذي الحجة ؟ فقال : بل إفراد الحج والعمرة في ذي الحجة بعد الحج أحب إلي صرورة كان أو غير صرورة قال ابن رشد ، كما فعلت عائشة رضي الله عنها حين أعمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من التنعيم ، وهذا على مذهبه في تفضيل الإفراد ثم ذكر قول ابن عمر بتفضيل المتمتع انتهى .

لكنه لم يصرح في العتبية بأنه إذا لم يعتمر بعد الحج ، فلا يكون الإفراد أفضل ، كما قال المقري ( قلت : ) ومما يستدل به على خلاف ما قاله المقري استدلال أهل المذهب على أفضلية الإفراد بفعله عليه الصلاة والسلام ، ولم ينقل عنه عليه الصلاة والسلام أنه اعتمر بعد حجته ، والله أعلم .

قال سند : وإنما كان الإفراد أفضل من القران والتمتع ; ; لأنه لا يترخص فيه بالخروج من الإحرام ولأنه يأتي بكل نسك على انفراده ، فاجتمع فيه أمران ولأنه مجمع عليه وغيره مختلف فيه ، فكان عمر ينهى عن التمتع ، وكان عثمان ينهى عن القران ، ولأنه لا خلل فيه بدليل أنه لا يتعلق به وجوب الدم ، وغيره يوجب الدم ، ووجوبه : دليل على الخلل ، فكان الإفراد الذي لا خلل فيه أفضل ولأنه فعل الأئمة انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية