مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وحرم الحلق وأهدى لتأخيره ، ولو فعله )

ش : يعني أن المحرم بالعمرة إذا أحرم بالحج بعد سعيها وقلنا : إن إحرامه صحيح ، فإنه يحرم عليه الحلق ويلزمه هدي لتأخير حلاق العمرة قال في مناسكه [ ص: 55 ]

فإن أردف بعد السعي لم يكن قارنا اتفاقا ، ولا متمتعا إلا أن يحل من عمرته في أشهر الحج ، ويصح إحرامه بالحج ولهذا لا يحلق لعمرته حتى يفرغ من حجه ، وعليه دم لتأخير الحلاق انتهى ، وهو نحو قوله في المدونة : وعليه دم لتأخير الحلاق في عمرته ، ويفهم منه أنه لو لم يحصل تأخير الحلاق أنه لا دم عليه ، وبذلك جزم ابن عطاء الله في شرح المدونة ، كما نقله عنه التادلي ، فإنه قال بعد أن ذكر أن عليه دما لتأخير الحلاق ما نصه : هذا إذا كان بين إحرامه بالحج ويوم عرفة زمن طويل ، قال في شرح المدونة العبد الكريم الإسكندري - فيمن اعتمر في آخر يوم عرفة ثم أحرم بالحج ، ولم يحلق حتى وصل إلى منى يوم النحر فحلق أجزأه وكأنه تداخل الحلاقان معا - قال : وانظر إذا فرغ من عمرته ثم أحرم بأخرى قبل أن يحلق الأولى ، هل يكون مثله تردد في ذلك ، ولا فرق في الموضعين ، وهما معا من باب التداخل انتهى .

( قلت : ) وذكر صاحب الطراز في كتاب الحلاق عن عبد الحق ما يقتضي أن الدم لا يسقط ، ولو حلق بالقرب ; لأن الحلق للنسك الثاني ، فإنه قال لما تكلم على من أخر الحلق عن الإفاضة ما نصه : إذا قلنا : يحلق بعد إفاضته ، ولا شيء عليه ، فلو اعتمر بعد أيام منى قبل أن يحلق قال عبد الحق : عليه الهدي ، وإن كان بالقرب ; لأنه لما أحدث العمرة وجب عليه أن يحلق لها انتهى .

( قلت : ) ، وهو الذي يظهر من كلام عبد الحق وابن يونس في الكلام على مسألة من أحرم بالحج بعد سعي العمرة وقبل الحلاق ، وقال عبد الحق : عليه دم لتأخير الحلاق ; لأنه لما أحرم بالحج لم يقدر على الحلاق ، فإن عمد فعجل الحلاق فعليه الفدية ; لأنه محرم حلق رأسه ، ولا يسقط عنه دم تأخير الحلاق ; لأنه قد وجب عليه ولزم ذمته انتهى .

، وقال ابن يونس : قال لي بعض أصحابنا : إن تعدى لهذا الذي لزمه تأخير الحلاق فحلق فظهر لي أنه لا يسقط عنه دم تأخير الحلاق ; لأنه نقص لزمه كمن تعدى الميقات ثم أحرم بالحج فلزمه دم التعدي فلا يسقط عنه رجوعه إلى الميقات ، وقال بعض أصحابنا : يتخرج على قول ابن القاسم وأشهب فيمن قام من اثنتين فلما استوى قائما رجع فجلس قال ابن القاسم : يسجد بعد ، وقال أشهب : قبل فعلى قول ابن القاسم : يسقط عنه دم تأخير الحلاق ، وعلى قول أشهب يجب أن لا يسقط عنه دم تأخير الحلاق انتهى أوله باللفظ وآخره مختصرا بالمعنى ، وإلى عدم سقوط الدم أشار المصنف بقوله : ولو فعله ، واختار صاحب الطراز أن دم التأخير يسقط عنه إذا حلق ورد القول الذي صححه ابن الحاجب والمصنف فقال : وزعم بعض القرويين أنه ، وإن حلق لا يسقط عنه الهدي ; لأن حلقه غير جائز ، قال : وهذا فاسد ; لأن الهدي عليه لتأخير الحلاق ، وإن لم يثبت التأخير فلا يثبت حكمه ، والحلق هاهنا غير جائز من وجه ، وهو صحيح من وجه ، ويضاهي الصلاة في الدار المغصوبة ، فإن حلق فلا هدي عليه ، وعليه الفدية انتهى .

( قلت : ) ، ولا يؤخذ من كلامه هذا مثل ما نقله التادلي عن ابن عطاء الله ; لأن هذا حلق لكل نسك حلاقا فتأمله .

التالي السابق


الخدمات العلمية