مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
[ ص: 59 ] ص ( وفعل بعض ركنها في وقته ) ش يعني أن من شروط وجوب الدم على المتمتع أن يفعل بعض أركان العمرة في وقت الحج أي : في أشهره ، قال في المدونة : ومن اعتمر في رمضان فطاف وسعى بعض السعي ثم أهل هلال شوال فأتم سعيه فيه ثم حج من عامه كان متمتعا قال اللخمي : هذا قول مالك ، ويصح أن يقال : إذا لم يبق إلا الشوط والشوطان من السعي أن ليس عليه شيء ; لأن اليسير في حيز اللغو انتهى .

وقال ابن يونس : يريد أنه إذا أتم سعيه بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان ; لأن تلك الليلة من شوال ، أما لو رأى هلال شوال نهارا فأتم سعيه بعد أن رآه نهارا فليس بمتمتع ; لأن ذلك اليوم من رمضان ، والله أعلم .

ص ( وفي شرط كونهما عن واحد تردد )

ش : أشار بالتردد لتردد المتأخرين في النقل فالذي نقله صاحب النوادر وابن يونس واللخمي عدم اشتراط ذلك ، وقال ابن الحاجب : الأشهر اشتراط كونها عن واحد ، وحكى ابن شاس في ذلك قولين : قال في التوضيح : لم يعزهما ، ولم يعين المشهور منهما ، ولم يحك صاحب النوادر وابن يونس إلا ما وقع في الموازية أنه تمتع انتهى .

وقال في مناسكه بعد أن ذكر كلام ابن الحاجب خليل ، ولم أر في ابن يونس وغيره إلا القول بوجوب الدم ، وقال ابن عرفة : وشرط ابن شاس كونهما عن واحد ، ونقل ابن الحاجب لا أعرفه بل في كتاب أبي محمد : من اعتمر عن نفسه ثم حج من عامه عن غيره متمتع فما ذكره المصنف من التردد صحيح لكن المعروف عدم اشتراط ذلك وعادته أنه يشير بالتردد لما ليس فيه ترجيح ، وقال ابن جماعة الشافعي في منسكه الكبير لا يشترط أن يقع النسكان عن واحد عند جمهور الشافعية ، وهو قول الحنفية ورواية ابن المواز عن مالك ، وعلى ذلك جرى جماعة من أئمة المالكية منهم الباجي والطرطوشي ، ومن الشافعية من شرط ذلك ، وقال ابن الحاجب : إنه الأشهر من مذهب مالك وتبع ابن الحاجب في اشتراط ذلك صاحب الجواهر وقوله : وإنه الأشهر غير مسلم ، فإن القرافي في الذخيرة ذكر ما سوى هذا الشرط ، وقال : إن صاحب الجواهر زاد هذا الشرط ، ولم يعزه إلى غيره انتهى .

( تنبيه ) : شروط القران لا شك أنها شرط في وجوب الدم لا في تسمية الفعل قرانا ، أما شروط التمتع ، فهل شروط في وجوب الدم أو في تسميته متمتعا فظاهر كلام المصنف وابن الحاجب : أنها شروط في وجوب الدم ، وصرح القاضي في المعونة بأنه إذا فقد شرط منها لا يسمى متمتعا ، قال ; لأن أصل التمتع الجمع بين العمرة والحج في سفر واحد ثم قال : بشرط أن يأتي بالعمرة في أشهر الحج ; لأن أصل الرخصة بذلك تعلقت ، وهو إيقاع العمرة في أشهر الحج ; لأن العرب كانت تراه فجورا ، وبذلك صرح اللخمي وغيره ، نعم وقع في المدونة والرسالة إطلاق التمتع على ما يفعله المكي ، ولعل ذلك على سبيل التجوز ، والله أعلم .

، وقال القباب في شرح قواعد القاضي عياض عند قوله : وعلى القارن غير المكي والمتمتع الهدي يعني والمتمتع غير المكي ، وقد يقال : إنه لا يحتاج إلى هذه العناية ; لأنه قد قدم أن المتمتع إنما هو غير المكي فلا يسمى المكي متمتعا فلذلك لم يقيده انتهى .

ويشير بما قدمه إلى قوله في كلامه السابق : والتمتع هو أن يعتمر غير المكي في أشهر الحج ثم يحل ويحرم من عامه ، ولا يكون متمتعا إلا بشروط ستة إلا أن يكون مكيا انتهى .

، وقال بعض المالكية في منسكه من تمتع بالعمرة إلى الحج ، ولم تجتمع فيه شروط التمتع فهو مفرد مع أنه قدم العمرة على الحج انتهى .

، وقال ابن جماعة في منسكه الكبير : والشروط المذكورة معتبرة عند الشافعية لوجوب الدم ، كما بيناه وهل تعتبر في تسميته تمتعا ؟ قال القفال : تعتبر ، وحكاه عن نص الشافعي ، وبه جزم الدارمي ، فلو فات شرط لم يكن متمتعا ، وكانت الصورة صورة إفراد ، وقال الرافعي [ ص: 60 ] إن الأشهر أن ذلك لا يعتبر ، وهو قول المالكية ومذهب الحنابلة انتهى .

( تنبيه ) : ذكر التادلي للمتمتع تسعة شروط الخمسة التي ذكرها المصنف وزاد عن الباجي سادسا : وهو تقديم العمرة على الحج ، وسابعا : وهو أن يحل من العمرة قبل الإحرام بالحج ، وهما في الحقيقة شيء واحد ; لأن الإحلال من العمرة قبل الإحرام بالحج يستلزم تقديم العمرة على الحج ، وقد نبه على ذلك التادلي والمصنف في التوضيح ، وهذان الشرطان مأخوذان من قول المصنف في تعريف التمتع بأن يحج بعدها وزاد عن الباجي أيضا ثامنا : وهو كون العمرة صحيحة ، وهو غير صحيح ; لأن ذلك ليس بشرط ، كما نص عليه ابن يونس ، ونقله المصنف في التوضيح ، ونصه : ، ولا يشترط في التمتع صحة العمرة ; لأن في الموازية : من أفسد عمرته في الحج يعني في أشهر الحج ثم حل منها ثم حج من عامه قبل قضاء عمرته فهو متمتع ، وعليه قضاء عمرته قبل أن يحل من حجه ، وحجه تام ذكره ابن يونس انتهى .

وتقدم ذلك في كلام صاحب الطراز عند قول المصنف إن صحت وزاد عن الباجي تاسعا : وهو كون العمرة مقصودة ، وهو يشير إلى ما قاله المصنف في فصل الموانع : ولا يتحلل إن دخل وقته ، وإلا فثالثها يمضي ، وهو متمتع ، وذكر للقران شروطا لا يحتاج إليها منها : أن يقدم العمرة على الحج في نيته ، وأن يبدأ بفعل العمرة إن أتى بهما في عقدين ، وأن يحرم بالحج قبل تمام العمرة إن كان مردفا ، وأن لا يتمادى على الطواف إذا أردف في أثنائه ، وأن تكون العمرة صحيحة ، وهذه كلها مستغنى عنها بما ذكره المصنف في صفة القران

التالي السابق


الخدمات العلمية