مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( والإفاضة إلا أن يتطوع بعده ، ولا دم )

ش : يعني أن من طاف للإفاضة ثم تبين له أن طوافه غير صحيح لفقد شرط من شروطه ، فإنه يرجع لذلك من بلده إلا أن يكون طاف بعد طواف الإفاضة طوافا صحيحا تطوعا أو لوداع ، فإنه لا يرجع حينئذ لطواف الإفاضة ، ويجزئه ما طافه تطوعا عن طواف الإفاضة قال في المدونة : ومن طاف للإفاضة على غير وضوء رجع لذلك من بلده فيطوف للإفاضة إلا أن يكون قد طاف بعد ذلك تطوعا فيجزئه عن طواف الإفاضة ، قال ابن يونس يريد ، ولا دم عليه انتهى .

( تنبيهات الأول : ) قال أبو الحسن الصغير : قال أبو إسحاق : لم يذكر في المدونة إعادة إذا كان بالقرب أو أن عليه دما إذا فات انتهى .

( قلت : ) لا إشكال أن المسألة إنما هي مفروضة فيمن رجع إلى بلده ، أما إذا كان بمكة فلا شك أنه مطلوب بالإعادة وسيأتي في كلام ابن يونس وصاحب النكت أنه إذا ذكر ذلك ، وهو بمكة أنه يعيد طوافه وسعيه ، ولم يفصلوا فيه بين أن يكون طاف بعده تطوعا أم لا ؟ وكما يفهم من كلام سند في التنبيه الثالث ، ومن كلام غيره أن المسألة إنما هي مفروضة مع الرجوع إلى بلده ( الثاني : ) قال في التوضيح : حمل بعضهم المشهور على أن ذلك كان نسيانا بخلاف العمد قال ابن عبد السلام : وظاهر كلام غيره ، ولو كان على سبيل العمد انتهى .

( قلت : ) الظاهر حمله على النسيان ، وقد قال الجزولي في باب جمل من الفرائض : لا خلاف فيما إذا طاف للوداع ، وهو ذاكر الإفاضة أنه لا يجزئه انتهى .

( الثالث : ) حكم من نسي الطواف بالكلية حكم من طاف ، ولم يصح طوافه قال سند في شرح مسألة المدونة المتقدمة : هذا مختلف فيه إذا لم يطف للإفاضة ونسي ذلك حتى طاف للوداع أو غيره وخرج فقال مالك والشافعي والجمهور يجزئه ، وقال ابن حنبل : لا يجزئه ، وقال ابن عبد الحكم : لأنها عبادة واجبة متصلة بالبيت فافتقرت إلى تعيين النية ، ووجه [ ص: 89 ] ما قلناه : أن أركان الحج لا تحتاج إلى تعيين بدليل الوقوف والإحرام والسعي ، وهذا من أركان الحج فلا يفتقر إلى تعيين نعم نية الحج مشتملة على جميع أفعاله ، ولا يصح غير الحج في زمان الحج فلما صح الطواف في نفسه وجب أن يحكم أنه طواف الإفاضة ، ويستحب ابن القاسم فيه الدم ، كمن طاف عند قدومه من غير نية وسعى ، ولم يعد سعيه حتى رجع لبلده ( الرابع : ) قال في التوضيح : هل يجزئ طواف القدوم عن طواف الإفاضة ظاهر المذهب : عدم الإجزاء ، وهو مذهب ابن القاسم وغيره ثم ذكر عن ابن عبد الحكم ما يقتضي أنه يجزئه

التالي السابق


الخدمات العلمية