مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص [ ص: 126 ] ورميه العقبة حين وصوله ، وإن راكبا ) ش قال سند : والركوب في العقبة ليس من سنة الرمي حتى يقال : من قدم منى ماشيا فليركب وقت الرمي ، وإنما السنة الاستعجال فمن كان راكبا رمى راكبا قبل أن ينزل ، ومن كان ماشيا رمى ماشيا ، ولو مشى الراكب وركب الماشي لم يكن فيه شيء ; لأن هذه هيئة ، وليس بنسك مستقل قال مالك في الموازية : وليمش في رمي الجمار في أيام منى ، وفي اليوم الآخر فقيل : إن الناس قد تحملوا مرحلتين قال في ذلك سعة ركب أو مشى انتهى .

وقال قبله قال في الموازية : وليرمها راكبا ، كما هو إلا أن يأتي قبل الفجر يريد أن الركوب ليس هو لأجل الجمرة ، وإنما المقصود منه الاستعجال بها ، فإذا قدم راكبا مر ، كما هو إليها ورمى ، وإن قدم في غير وقت رمي أخر الرمي حتى تطلع الشمس ثم ليس عليه أن يركب إليها بل يمشي لها كما يمشي لسائر الجمار ، فإن المشي إلى العبادة أفضل في هذا الموضع لما رواه نافع { عن عمر أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر ماشيا ذاهبا وراجعا ويخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك } أخرجه أبو داود ، وروى مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن الناس كانوا إذا رموا الجمار مشوا ذاهبين وراجعين ، وأول من ركب معاوية بن أبي سفيان انتهى .

ونقله في النوادر ( فرع ) : قال في النوادر ، ولما تكلم على رمي جمرة العقبة قال مالك : ويرميها من أسفلها ، فإن لم يصل لزحام فلا بأس أن يرميها من فوقها ، وقد فعله عمر لزحام ثم رجع مالك فقال : لا يرميها إلا من أسفلها ، فإن فعل فليستغفر الله ، وكذلك في المختصر ، وإذا رماها من أسفلها فليستقبلها ومنى عن يمينه ، وهو ببطن الوادي ، وكذلك كان ابن مسعود يفعل ، ولا يقف عندها بعد الرمي انتهى .

وقال قبله ، ومن كتاب ابن المواز قال مالك : ومن رمى جمرة العقبة رجع من حيث شاء انتهى .

وقال في التوضيح : وقول ابن الحاجب : ولا يقف للدعاء ظاهر الباجي ويحتمل أن يكون ذلك من جهة المعنى أن موضع الجمرتين الأوليين فيه سعة للقيام لمن يرمي ، وأما جمرة العقبة فموضعها ضيق ; ولذلك لا ينصرف الذي يرميها على طريقه ; لأنه يمنع الذي يأتي للرمي ، وإنما ينصرف من أعلى الجمرة انتهى .

ص ( وحل بها غير نساء وصيد ) ش شمل قوله : نساء الجماع ومقدماته عقد النكاح ، وهو كذلك ، فإن هذه الأشياء لا تباح بالتحلل الأول قال في الطراز : فإن عقد النكاح فهو فاسد ، وإن قبل فعليه هدي ، وأما الجماع فسيذكر المصنف حكمه ، والتحلل الأول يحصل برمي جمرة العقبة أو بخروج وقت أدائها قاله في الطراز في آخر مسألة من باب جمرة العقبة ، ونحوه في ابن عرفة ، ونصه : وفوت رمي العقبة بخروج وقته كفعلها في الإحلال الأصغر لسماع عيسى عن ابن القاسم من مضى إثر وقوفه لبلده رجع لابسا ثيابه انتهى .

والمراد بالوقت وقت الأداء قاله في الطراز في أثناء كلامه فراجعه ، والله أعلم .

ص ( وتكبيره مع كل حصاة ) ش ابن عرفة روى محمد رافعا صوته بالتكبير ، وفيها قيل : إن سبح أيجزئه ؟ قال : السنة التكبير ، ثم قال : فإن ترك التكبير فلا شيء عليه أبو عمر إجماعا انتهى .

وقال ابن هارون : ومن لم يكبر فلا شيء عليه عند مالك ، وذهب قوم إلى أن التكبير هو الواجب في الجمار ، وإنما جعل الرمي حفظا لعدده كالتسبيح بالحصى فالدم يتعلق عندهم بترك التكبير لا بترك الرمي ، وحكاه الطبري عن عائشة ، والجمهور على خلافه انتهى .

وحكى في الطراز أيضا الإجزاء عن الجمهور ( تنبيه : ) ذكر ابن عطاء الله في منسكه عن بعض أصحابنا أنه يقول مع التكبير هذه في طاعة الرحمن ، وهذه في غضب الشيطان انتهى .

وقال في الزاهي ويقول : إذا رمى الجمار اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا انتهى .

ويعني بعد فراغه من رمي الجمار ، وقال في النوادر : وقال ابن حبيب : وكلما رمى أو عمل شيئا من أمر الحج قال : اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا انتهى .

ص [ ص: 127 ] وتتابعها ) ش أي : ندب تتابع الحصيات السبع أي : موالاتها ، وهذا كقوله : بعد وندب تتابعه أي : تتابع الرمي في الجمار الثلاث ، وفي غيرها فهو أعم من الأول ; لأن الكلام الأول خاص بجمرة العقبة والثاني : عام في الجمار كلها انتهى .

وسيأتي الكلام على التتابع ، هل هو واجب أو مستحب عند قول المصنف وندب تتابعه .

ص ( ولقطها ) ش قال ابن الحاجب : ولقطها أولى من كسرها ، وقال ابن هارون في شرح المدونة : قال ابن المواز عن مالك : ولقطها أحب إلي من كسرها ، وليس عليه غسلها ، فإن احتاج إلى كسرها فلا بأس انتهى .

وقال في التوضيح : وقال غير واحد له أن يأخذ حصى الجمار بمنزله من منى أو من حيث شاء إلا جمرة العقبة ، فإنه يستحب أخذها من المزدلفة قاله ابن القاسم وابن حبيب وغيرهما ، وقال ابن الحاجب في مناسكه : ويستحب له أخذها من وادي محسر ونص اللخمي وغيره على أنه ليس من مزدلفة

التالي السابق


الخدمات العلمية