مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
( فرع ) : قال في المدونة : وسئل ابن القاسم عن الرجل يحرم في ثوب يجد فيه ريح المسك والطيب قال : سألت مالكا عن الرجل يكون في تابوته المسك ، فيكون فيه ملحفة فيخرجها ليحرم فيها ، وقد علق فيها ريح المسك قال : يغسلها .

أو ينشرها حتى يذهب ريحه قال سند : بعد أن ذكر الخلاف في التطيب عند الإحرام وأن من أباح ذلك أباحه في البدن ، وفي الثوب ، ومن منعه منعه من البدن ومن الثوب ما نصه أما ثوب المحرم إذا علق به ريح طيب ، أو تبخر بعنبر وند وشبههما ، فلا يلبسه المحرم ، فإن فعل ، فقال في الموازية لا يحرم في ثوب فيه ريح مسك ، أو طيب ، فإن فعل ، فلا فدية عليه قال أشهب : في المجموعة إلا أن يكون كالتطيب ، وينبغي أن يخرج الفدية إذا فعله عند الإحرام على ما ذكرناه من الاختلاف فيمن تطيب حينئذ .

أما ما بعد الإحرام ، فيفتدي ، وهو قول الشافعي قال أبو حنيفة : لا فدية في ذلك ، وتعلق بأنه غير مستعمل محرم الطيب في بدنه ، فلا تلزمه الفدية بمجرد الرائحة كما لو جلس في العطارين فشم الطيب ، ووجه المذهب أنه لبس ثوبا مطيبا عامدا ، فوجبت عليه الفدية كما لو تضمخ بالطيب ، ويخالف الجلوس في العطارين بأنه ليس بتطيب بخلاف مسألتنا انتهى .

( قلت ) ما ذكره عن كتاب ابن المواز وعن المجموعة نحوه في النوادر ، وذكر اللخمي عن محمد نحو ما ذكر عن أشهب .

وهو غريب ، ونصه : ولا يحرم في ثوب فيه رائحة الطيب وإن لم يكن فيه عين الطيب قال محمد : إن كثرت الرائحة افتدى انتهى ، ونقله عنه أبو الحسن ولم يتعقبه ، وذكر ابن يونس ما في كتاب ابن المواز كأنه تتميم لكلام المدونة ولم يعزه لكتاب ابن المواز ، ثم ذكر كلام أشهب كأنه تقييد له ، فقال : قال مالك : ولا يحرم في ثوب علق فيه ريح المسك حتى تذهب ريحه بغسل ، أو نشر .

وإن أحرم فيه قبل أن يذهب ريحه ، فلا فدية عليه قال أشهب إلا أن يكثر ، فيصير كالطيب انتهى .

ونقله أبو الحسن ، وقال بعده الشيخ : المسك لم يجعل في الثوب ، وإنما علق به ريحه من غيره يظهر من قوله علق به انتهى .

ثم قال في الطراز : فلو مسه طيب ، ثم ذهب ريح الطيب منه هل يحرم فيه ؟ سئل مالك في الموطإ فقال نعم ما لم يكن فيه صباغ زعفران ، أو ورس ، أو الذي يتحصل عندي من هذا أن الثوب إذا كانت فيه رائحة الطيب ، فلا يحرم فيه .

وينبغي أن يفصل في ذلك ، فإن كانت رائحة طيب مؤنث كان الإحرام فيه حراما ، وإن كانت رائحة طيب مذكر كان الإحرام فيه مكروها ، فإن أحرم فيه ، فإن كان الطيب مذكرا ، فلا شيء عليه وإن كان مؤنثا ، فالظاهر ما قاله صاحب الطراز أن حكم ذلك حكم من تطيب عند الإحرام بما تبقى رائحته بعد الإحرام فالمشهور لا فدية عليه ، وقال أشهب : عليه الفدية إن كان كثيرا ، واختلف هل قوله تفسير ، أو خلاف ؟ كما سيأتي بيانه

التالي السابق


الخدمات العلمية