مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وخاتم الفضة )

ش : قال البرزلي - رحمه الله تعالى - في مسائل الصلاة المنسوبة لابن قداح مسألة التختم بالذهب والنحاس والحديد لا يجوز قال البرزلي المنقول أن الذهب لا يجوز واختلف إذا كان فيه مسمار ذهب ، وأما النحاس والحديد فمكروه حكاه ابن رشد وغيره ومثل ذلك القزدير والرصاص وأخذ من قوله : { التمس ولو خاتما من [ ص: 127 ] حديد } الجواز . وكتب عمر بن عبد العزيز لولده اتخذ خاتما من حديد صيني قال وخاتم الفضة مستحب ويستحب جعله في اليد اليسرى .

( قلت ) عن بعض الأوائل كراهته إلا لضرورة الطبع كما اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاء المسلمين بعده وقال شيخنا الفقيه الإمام : وهذا إذا اتخذ للسنة ، وأما اليوم فلا يفعله غالبا إلا من لا خلاق له ، أو يقصد به غرض سوء فأرى أن لا يباح لمثل هؤلاء اتخاذه ; لأنه زينة لمعصية ، أو لمباهاة لا لقصد حسن وقال في موضع آخر ، وأما خاتم النحاس فمكروه إلا لمن به صفراء فيتختم به للتداوي انتهى . ومثله ما يجعل في الذراع ونحوه من النحاس للتداوي والله - تعالى - أعلم . وذكر في أواخر جامع ابن رشد والباجي أن مالكا كره التختم في اليمين قال ابن رشد ولا فرق بين الأعسر وغيره ولا بين قريش وغيرهم فإنه سئل عن ذلك قال مالك في سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة ولا بأس بجعل الخاتم في يمينه للحاجة يتذكرها ، أو يربط خيطا في أصبعه ثم قال والذي استقر عليه العمل أنه يجعل في الخنصر وفي الحديث أن وزنه درهمان فضة وفصه منه وجعله مما يلي كفه وانظر إن كان أثقل من هذا وأراد أن يجعل خاتما في خنصر اليمنى وخاتما في خنصر اليسرى هل يجوز ذلك أو يمنع ؟ ويحمل أنه تختم في يمينه ويساره على البدلية انتهى .

وفي الجامع من نوازل ابن رشد : ومنها أنك سألت عن وجه كراهة مالك التختم في اليمين مع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب التيامن في أموره كلها وهل يسامح الأعسر في ذلك أم لا وهل بين قريش وغيرهم في ذلك فرق فأجاب ما ذهب إليه مالك - رحمه الله تعالى - من استحسان التختم في اليسار هو الصواب والحديث الذي ذكرته حجة له لا عليه وذلك أن الأشياء إنما تتناول باليمين على ما جاءت به السنة فهو إذا أراد التختم تناول الخاتم بيمينه فجعله في يساره وإذا أراد أن يطبع به على مال ، أو كتاب ، أو شيء تناوله بيمينه من شماله فطبع به ثم رده في شماله إذ أصل ما اتخذ الخاتم للطبع به على ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب إلى كسرى وقيصر فقيل له إنهم لا يقبلون كتابا غير مطبوع . ثم قال : ولا فرق بين الأعسر وغيره ولا بين القرشي وغيره انتهى .

وقوله في الحديث " فصه منه " كذا في البخاري قال ابن حجر ولا يعارضه ما أخرجه مسلم وأصحاب السنن من أن فصه كان حبشيا ; لأنه يحمل على التعدد ومعنى قوله حبشيا أي حجرا من بلاد الحبشة ، أو على لون الحبشة ، أو كان جزعا ، أو عقيقا ; لأنه قد يؤتى به من الحبشة ، ويحتمل أن يكون هو الذي فصه منه ، ونسبه إلى الحبشة لصفة فيه إما صناعة ، أو نقش انتهى . والفص بفتح الفاء قاله الجوهري وحكي عن غيره فيه الكسر وحكى ابن مالك وغيره التثليث

التالي السابق


الخدمات العلمية