مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
. وقوله " كالأجنبي في مال الأجنبية " يقتضي أنه إذا ثبت أن أصل ذلك المال له فيكون له أخذه وهو ظاهر والله أعلم . وقال في العتبية في المسألة الرابعة عشر من سماع أصبغ من كتاب النكاح قلت يعني لابن القاسم : فلو زوج ابنته وهي بكر رجلا فأدخلها عليه ومضى لدخولها حين ثم قام الأب فادعى بعض ما جهزها به وزعم أنه إنما كان عارية منه ليجملها به وصدقته الابنة أو أنكرت ما ادعى وزعمت أنه لها ومن جهازها فإن القول قول الأب إذا قام بحدثان ما ابتنى الزوج بها وليس للزوج مقال ، والأب مصدق ولا يلتفت إلى إنكار الابنة في ذلك ولا إقرارها ; لأن هذا من عمل الناس معروف ذلك من شأنهم يستعيرون المتاع يتجملون به ويكثرون بذلك الجهاز إذا كان فيما بقي من المتاع وفاء بالمهر فإذا كان هذا فليس للزوج مقال وسواء كان ذلك المتاع معروفا أصله للأب أو غير معروف هو فيه مصدق إذا كان فيما بقي وفاء بالمهر .

( قلت ) فإذا كان قيام الأب بحدثان دخول زوجها بها وكان أصل المتاع معروفا للأب وليس فيما بقي من الجهاز ما فيه وفاء بالمهر قال : فهو للأب إذا عرف أصله له ويتبع الزوج الأب بوفاء الصداق حتى يتم له من الجهاز لابنته ما فيه وفاء بما أصدقها .

قال ابن رشد : فإن الأب مصدق فيما ادعى مما جهز به ابنته أنه كان عارية منه لها بشرطين أحدهما : أن يكون ذلك بحدثان البناء والثاني : أن يكون فيما بقي بعد ما ادعاه وفاء بالمهر يريد أنه مصدق في ذلك مع يمينه كذا قال ابن حبيب وزاد فقال : ولا أرى السنة فيه طولا وهذا في الأب خاصة في ابنته البكر وأما في الثيب وفي وليته البكر أو الثيب فلا وهو فيها كالأجنبي وقاله بعض أصحاب مالك فأما إيجاب اليمين في ذلك على الأب فصحيح ولا يقال إن اليمين تسقط عنه من أجل أن الوالد لا يحلف لولده إذ ليس ذلك حكما عليه باليمين وإنما هو حكم له به إن شاء أن يأخذ ويحلف حلف وأخذ وإن [ ص: 525 ] شاء أن يترك ترك ، وإنما خص بذلك الأب في البكر ; لأنها في ولايته ومالها في يديه فعلى قياس هذا يكون في الثيب إذا كانت في ولايته بمنزلته في البكر ويكون الوصي فيمن إلى نظره من اليتامى الأبكار ، والثيب بمنزلته أيضا ويحمل قوله وأما في الثيب أنه أراد بها الثيب التي لا ولاية له عليها ، وقوله إذا ادعى الأب بحدثان البناء وفيما بقي وفاء بالمهر فليس للزوج فيه مقال ، كلام صحيح ; لأنه إذا لم يكن فيما بقي وفاء بالمهر فإنما يصدق فيما زاد على قدر الوفاء به بخلاف إذا عرف أصل المتاع له ; لأنه إذا عرف أصل المتاع له فيأخذه ويتبع بوفاء المهر إذ من حقه أن يجهز زوجته به إليه انتهى .

واقتصر ابن عرفة على نقل كلام العتبية وكلام ابن رشد عليها وقال بعد قول ابن رشد : فعلى قياس هذا يكون في الثيب إذا كانت في ولايته بمنزلته في البكر ويكون الوصي فيمن إلى نظره من اليتامى الأبكار ، والثيب بمنزلته .

( قلت ) كقولها يعني : المدونة في حوزه لها ما وهبه لها ثم قال : وذكر المتيطي قول ابن حبيب وقال بعض الموثقين : يكون للأب ما وجد من ذلك ولا شيء على الابنة فيما فوتته من ذلك أو امتهنته أو زوجها معها ولا ضمان عليه لتملك الأب ذلك ، وقال غير واحد من الموثقين : إن قام قبل مضي عام من يوم بنائه قبل دخوله دون يمين ; لأنه عرف من فعل الآباء وإن قام بعد عام سقط قوله ، وقال أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم : قول ابن القاسم القول قول الأب ما لم تثبت الابنة أو زوجها مضي السنة ونحوها قال : والعشرة أشهر عندي كثير تسقط دعوى الأب .

وقال في موضع آخر : إن طلب الأب الشورة بعد ثلاثين يوما من بنائها حلف على دعواه عاريتها وأخذ ما حلف عليه . قال بعض الموثقين : هذه المسألة في سماع أصبغ ابن القاسم قال فيه : إن قام بحدثان بنائها صدق ولفظ التصديق عند شيوخنا إن وقع مبهما اقتضى نفي اليمين ولم يحد في سماع أصبغ مدة القرب إلا أن الشيخ أبا إبراهيم جليل في العلم والورع ممن يلزمنا الاقتداء به قال أبو إبراهيم : وادعاء الأب لما في يد ابنته من الأمور الضعيفة التي لنا فيها الاتباع لسلفنا ولولا ذلك كان الوجه عدم خروج ما بيدها إلا بما تخرج به في سائر الحقوق ولا سيما ما بيد البكر .

( قلت ) قوله ليس فيه إلا الاتباع يريد بما استدل به ابن القاسم من العرف ولا يخفى وجوب العمل بالعرف على مثل الشيخ أبي إبراهيم كدلالة إرخاء الستور ونحوه ، وأجاب ابن عات في أب ادعى أن نصف ما شور به ابنته البكر عارية له بعد أربعة أعوام من بنائها أنه غير مصدق في دعواه ابن سهل وكذا الرواية عن مالك وابن القاسم وغيرهما في الواضحة والعتبية وغيرهما ولا خلاف أعلمه فيها وجواب ابن القطان أن الأب مصدق فيما زاد على قدر النقد من ذلك خطأ ، زاد المتيطي قال بعض شيوخنا : الذي في الرواية إذا قام بعد طول مدة فلم ير ابن القطان هذه المدة طولا

( قلت ) لعله نحا بها منحى مدة الحيازة ففي بطلان دعواه العارية بسنة أو بها أو نحوها بدلا منها ثالثها بعشرة أشهر ورابعها بما زاد على سنة وخامسها لا تبطل بأربعة أعوام للمتيطي عن غير واحد من الموثقين وأبي إبراهيم عن ابن القاسم واختياره ودليل قول ابن حبيب وابن القطان ا هـ . كلام ابن عرفة بلفظه وقوله بدلا منها أي : من السنة يعني لا بمجموعها فمضي السنة أو نحو السنة كاف في بطلان دعواه العارية ونبه به خشية توهم تكراره مع القول الرابع وهو قول ابن حبيب القائل بأن بطلان دعواه إنما يكون بما زاد على السنة إلا أن ابن عرفة لم يتعرض لبيان مقدار الزيادة ، وقال البرزلي بعد قول ابن حبيب : وليست السنة في ذلك طولا .

( قلت ) ذكر هنا أن السنة قريب ومفهومه أن أكثر منها طول وهي تجري على مسألة الشفعة فيكون الخلاف في مقدار زيادة الأشهر كالثلاثة ونحوها مما يصيرها طولا انتهى

التالي السابق


الخدمات العلمية