مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
كتاب الرضاع يقال : رضاع ورضاعة بفتح الراء وكسرها فيهما نقله في التوضيح عن الصحاح .

ص ( باب حصول لبن امرأة ، وإن ميتة أو صغيرة بوجور أو سعوط أو حقنة يكون غذاء )

ش : وحده ابن عرفة بما نصه : الرضاع عرفا وصول لبن آدمي لمحل مظنة غذاء وآخر لتحريمهم بالسعوط والحقنة ، ولا دليل إلا مسمى الرضاع ، انتهى .

وقوله : لبن امرأة ، قال عياض ذكر أهل اللغة أنه لا يقال : في بنات آدم لبن ، وإنما يقال : فيه لبان ، واللبن لسائر الحيوان غيرهن ، وجاء في الحديث كثير خلاف قولهم ، انتهى من التوضيح ، وقوله : وإن ميتة ، قال في المدونة : وإذا حلب من ثدي المرأة لبن في حياتها أو بعد موتها فوجر به صبي أو دب فرضعها ، وهي ميتة وعلم أن في ثديها لبنا فالحرمة تقع بذلك ، انتهى .

قال ابن ناجي يريد في الكتاب ، وكذلك يحرم إذا شك هل هو لبن أم لا ; لأنه أحوط ، وقول ابن راشد إنما يحرم إذا كان هناك لبن محقق وإلا فلا خلاف ، انتهى . وقال ابن فرحون تبعا لابن عبد السلام في قول ابن الحاجب إن علم هذا شرط في العلم بوجوده في الثدي بعد الموت وبوصوله إلى جوف الرضيع ; لأنه ربما يمص من ثدي الميتة ، ولا يكون فيه شيء من اللبن فيظن أنه خراج ، انتهى .

وقوله : وصغيرة ، قال في المدونة : وإذا درت بكر لا زوج لها ويائسة من المحيض فأرضعت صبيا فهي أم له ، انتهى . قال ابن ناجي ظاهره في البكر ، وإن كان لا يوطأ مثلها ، وهو كذلك على ظاهر المذهب ثم قال : وما ذكره من اعتبار لبن اليائسة ظاهره وإن كانت لا توطأ ، وهو كذلك على المعروف ، انتهى . وقال ابن فرحون في الشرح قال في الجلاب : وإذا حدث للصبية الصغيرة التي لا يوطأ مثلها لبن فرضعها صبي لم تقع به حرمة ، والصحيح أنه يحرم ، قاله [ ص: 179 ] ابن راشد ، انتهى . وأبقى المصنف في التوضيح كلام ابن الحاجب ، وفي لبن من نقصت عن سن المحيض قولان على إطلاقه إذ ظاهره سواء كان يوطأ مثلها أم لا ، وتعقب ابن هارون ابن الحاجب بأنه إنما ذكر الأشياخ الخلاف فيمن لم تبلغ حد الوطء ، وقال ابن عرفة وقول ابن الحاجب وفي لبن من نقصت إلى آخره وقبوله ابن عبد السلام لا أعرفه ، وقول ابن هارون إنما ذكر الأشياء إلى آخره صواب ، انتهى . وقال في التوضيح : إن ابن الحاجب تبع في نقل القولين ابن بشير وابن شاس ، وقال ابن ناجي إنه وهم في ذلك ، وهو كذلك إذ نص ابن بشير إذا وقع الرضاع من المرأة ، وهي في سن من توطأ حصلت به الحرمة بلا خلاف ; فإن كانت من الصغر في سن من لا توطأ فهل تقع الحرمة بينهما قولان ، والمشهور وقوعها لعموم الآية والأحاديث ، والشاذ أنها لا تقع قياسا على الولادة ، انتهى . وقال ابن شاس ويحرم لبن البكر واليائسة من المحيض وغير الموطوءة والصبية ، وقيل : ما لم ينقص سن الصبية عن سن من توطأ ، انتهى .

فتأمل كلامهما ، وإذا علم أن المشهور وقوع الحرمة بلبن الصغيرة : ولو كانت في سن من لا توطأ فإبقاء المدونة على ظاهرها من الخلاف لكلام الجلاب أولى مما حمله عليه الشيخ خليل في التوضيح من الوفاق ونصه خليل ، ولا يبعد أن يحمل ما في المدونة على ما إذا كانت في سن من يوطأ ، ولا يكون ما في الجلاب خلافا للمدونة ، والله أعلم . ثم قال ابن عرفة ، وقول ابن عبد السلام قال ابن رشد لبن الكبيرة التي لا توطأ من كبر لغو لا أعرفه ، بل ما في مقدماته تقع الحرمة بلبن البكر والعجوز التي لا تلد ، وإن كان من غير وطء إن كان لبنا لا ماء أصفر ، ومفهوم قول ابن عمر في الكافي لبن العجوز التي لم تلد إذا كان مثلها يوطأ يحرم ، ونقل ما نقله عن ابن رشد ، انتهى . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية