مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وأمة )

ش : أي لا نفقة لحمل أمة يريد والزوج حر بدليل قوله بعد : ولا على عبد ، قال ابن عبد السلام والمانع لها من النفقة كون ذلك رقيقا كما لو ولد ; لأنه إذا اجتمع موجبان من موجبات النفقة لشخص أخذ نفقة واحدة بأقوى الموجبين وسقط الموجب الآخر ، انتهى . وقال في طلاق السنة منها وليس للأمة الحامل نفقة على الزوج إذا طلقها إذ الولد رق لغيره سواء كان الزوج حرا أو عبدا ، وكذلك حرة طلقها عبد وهي حامل منه ، انتهى . وقال اللخمي للحامل النفقة على زوجها إذا كانا حرين ، وإن كان عبدا وهي حرة لم يلزمه نفقة لحملها في البائن ، وكذلك إن كانت أمة والزوج حر ثم قال : فإن أعتق السيد الأمة لزمته النفقة ; لأن الحمل عتيق بعتق أمه ، ويختلف إذا عتق الحمل وحده ، فعلى القول على أنه لا يكون عتيقا إلا بالوضع تبقى النفقة على السيد ، وعلى أنه حر من الآن وفيه الغرة تكون النفقة على الأب ، انتهى من التبصرة . وطلاق السنة والقول الأول من القولين اللذين ذكرهما عليه اقتصر ابن يونس في كتاب أمهات الأولاد ، قال : قال ابن المواز من اشترى زوجة بعد أن أعتق السيد ما في بطنها فشراؤه جائز وتكون بما تضعه أم ولد ; لأنه عليه عتق بالشراء ولم يكن يصيبه عتق السيد إذ لا يتم عتقه إلا بالوضع ، ولأنها تباع في فلسه ويبيعها ورثته قبل الوضع إن شاءوا ، وإن لم يكن عليه دين والثلث يحملها ، انتهى . ولو ضربها رجل فألقته ميتا ; فإن فيه ما في جنين أمه ، ولو كان ذلك بعد أن اشتراها كان فيه ما في جنين الحرة وولاؤه إن استهل لأبيه ، ولا ينظر في ذلك كله إلى عتق السيد إلا أنه لا يشتريها أجنبي بعد عتق السيد جنينها من قبل أن يرهقه دين ويرد إن فعل ، انتهى . وقال في العتق الثاني من المدونة في الكلام على هذه الأمة : ولو ضرب رجل بطنها فألقته ميتا ففيه عقل جنين أمة ، بخلاف جنين أم الولد من سيدها فتلك في جنينها عقل جنين الحرة ; لأن جنين الأمة لا يعتق إلا بعد الوضع وجنين أم الولد حر حين حملت به ، انتهى .

وهذا القول هو الذي يظهر من قوله في المختصر في باب الظهار لقوله إذا عتق الجنين لا يجزئه ويعتق بعد وضعه والله أعلم . وهذا أعني سقوط نفقة الأمة البائن الحامل عن زوجها الحر إنما يظهر - والله أعلم - إذا لم تكن الأمة جارية ولده أو أمه أو من يعتق ولد الأمة عليه ، وأما إن كانت الأمة لأحد هؤلاء فلم أر فيه نصا لأهل المذهب الآن ، والذي يظهر من تعليل ابن عبد السلام عدم لزوم النفقة لحمل الأمة بكون الولد رقا ، ومن بناء اللخمي لزوم النفقة وعدم لزومها فيما إذا أعتق السيد الجنين فقط على الخلاف في كونه حرا من الآن ، أو إنما يكون حرا بعد وضعه أن النفقة لازمة للزوج إذا كانت الأمة لمن يعتق ولد الزوج عليه ; لأن المذهب على أن الولد حر في بطن أمه ، قال في أمهات الأولاد من المدونة من اشترى زوجته لم تكن له أم ولد بما ولدت قبل الشراء إلا أن يبتاعها حاملا فتكون بذلك أم ولد ، ولو كانت لأبيه فابتاعها حاملا لم تكن له أم ولد بذلك الحمل ; لأن ما في بطنها قد عتق على جده ، بخلاف أمة الأجنبي ; لأن الأب لو أراد بيع أمته لم يجز له ذلك ; لأنه قد عتق عليه ما في بطنها ، والأجنبي لو أراد بيع أمة وهي حامل من زوجها جاز ذلك ودخل حملها في البيع معها ، وقال غيره لا يجوز للابن شراؤها من والده ، وهي حامل ; لأن ما في بطنها قد عتق على جده فلا يجوز أن تباع ، ويستثنى ما في بطنها ; لأن ذلك غرر ; لأنه وضع من ثمنها بما استثنى ، وهو لا يدري أيكون أم لا . ؟ فكما لا يجوز بيع الجنين لأنه غرر فكذلك لا يستثنى انتهى .

قال ابن يونس وقول الغير هذا كله ليس بخلاف [ ص: 192 ] لابن القاسم ، وإنما تكلم ابن القاسم إذا اشتراها وفات ذلك كيف يكون الحكم ، وأما بدءا فليس له أن يبتاعها على قوله : فإن ابتاعها فسخ البيع إلا أن تضع الولد فيكون عليه قيمتها يوم قبضها على أن حملها حر ; لأنه بيع فاسد فات بالوضع ، ونحوه حكى بعض شيوخنا عن القابسي وكان يعيب قول من يجعله خلافا ، انتهى . وقال أبو الحسن الصغير انظر قول الغير هنا علل بكون المستثنى مشترى ( الشيخ ) وكذلك لو كان المستثنى مبقى في هذه المسألة لما جاز ; لأنه لا يتصرف فيه إلا بعد الوضع ففيه تحجير ، وقاعدتهم أنه متى آل الأمر إلى الفساد في أن المستثنى مبقى منعوا ، وكذلك إن آل الأمر إلى الفساد على أن المستثنى مشترى ، انظر الأكرية إذا باع دابة واستثنى ركوبها عشرة أيام لا يجوز ، وهو بناء على أن المستثنى مبقى ، وإن استثنى ركوبها ثلاثة أيام أجازه ; لأنه لا يئول الأمر فيه إلى فساد سواء كان المستثنى مبقى أو مستثنى ، انتهى .

ثم قال في المدونة : وهذا الجنين لا يرق ، ولا يلحقه دين ; لأنه عتق سنة وليس هو عتق اقتراب ابن القاسم ، ومن ابتاع زوجة والده حاملا انفسخ نكاح الأب إذ لا ينكح أمة ولده ، ولا تكون أم ولد للأب وتبقى رقيقا للابن ويعتق عليه ما في بطنها ، ولا يبيعها حتى تضع إلا أن يرهقه دين فتباع ، وهي حامل ، وقاله أشهب ، وقال غيره : لا تباع في الدين حتى تضع ; لأنه عتق سنة لا باقتراب ، انتهى . قال ابن يونس وهذا بخلاف من اشترى زوجته الحامل وهي أمة لأبيه ، عند ابن القاسم تلك أمة لا يرق حملها ، ولا يلحقه دين ، والفرق بينهما عنده والله أعلم أن الولد في المسألة الأولى خلق حرا لم يمسه رق ، وفي هذه قد مسه الرق في بطنها ، وإنما عتق باشتراء الولد بأمه فأشبه العتق المبتدأ ، وغيره لم يفرق بينهما ; لأنه كله عتق بسنة فوجب أن يتساوى الحكم فيهما فتأمل ذلك جميعه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية