مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وفرض في مال الغائب )

ش : قال الشارح في الكبير : قال فيها يعني المدونة : ولا يفرض على الغائب النفقة لزوجته إلا أن يكون له مال يعدى فيه ، انتهى . وقوله يعدى ، قال أبو الحسن الصغير قال عياض في المشارق : والاستعداء طلب النصرة ، وقيل : طلب الإعانة ومعناه يحكم ، انتهى من كتاب الزكاة الأول ، وكلام المدونة هو في أواخر النكاح الثاني ، وقد يتبادر منه أنه إذا لم يكن للغائب مال يعدى فيه لا يفرض الحاكم لها النفقة عليه ، ولو علم أنه مليء في غيبته كما نبه على ذلك ابن عرفة وسيأتي كلامه ، وليس كذلك إن علم أنه موسر في غيبته فرض لها عليه .

وإن علم عسره أو جهل أمره لم يفرض لها عليه ، قال في العتبية في آخر رسم من سماع يحيى من طلاق السنة ، وهو رسم أول عبد ابتاعه ، قال : وسألته عن الرجل يغيب عن أهله وله أولاد صغار في حجر أمهم تلزمه نفقتهم ، فإذا قدم ادعت امرأته ، وهي أمهم أنها أنفقت عليهم من مالها أيلزمه ذلك أم يبرأ بمثل ما يبرأ به من نفقتها إذا زعم أنه كان يبعث بها إليها ، ولا يكون لها عليه شيء إلا أن ترفع أمرها إلى السلطان . ؟

قال حالها فيما تدعي من الإنفاق من مالها بمنزلة ما تدعي أنها أنفقت على نفسها إذا لم ترفع ذلك إلى السلطان حتى يقدم لم تصدق .

وإن رفعت ذلك إلى السلطان فرض لها ولهم وحسبه لها عليه من يوم يفرضه وكان لها دينا تتبع به ، قال ابن رشد قوله : إن الرجل يبرأ من نفقة ولده الذي في حجره مع زوجته أمهم بما يبرأ من نفقة زوجته صحيح ; لأنه مؤتمن على ذلك ، وأما قوله : وإن رفعت ذلك إلى السلطان فرض لها ولهم ، قوله : فمعناه إذا عرف ملاؤه في غيبته وذلك أنه لا يخلو في مغيبه من ثلاثة أحوال : ( أحدها ) أن يكون معروف الملا ( والثاني ) أن يكون معروف العدم ( والثالث ) أن يكون حاله مجهولة إذا كان معروف الملا ; فإن النفقة تفرض لها عليه على ما يعرف من ملئه فتتبعه بذلك دينا ثابتا في ذمته ، هذا معنى قول ابن القاسم هنا ونص قول ابن حبيب في الواضحة .

وظاهر قوله فيها أنه لا خيار للمرأة في فراقه كما يكون ذلك لها في المجهول الحال ، ومعنى ذلك إذا كان لها مال فتنفق منه على نفسها وما لم تطل إقامته عنها على ما مضى في رسم الشريكين من سماع ابن القاسم ، وفي رسم شهد من سماع عيسى ، وأما إن كان معروف العدم ، فلا يفرض لها السلطان إذ لا يجب على المعدم لامرأته عليه نفقته ويفرق السلطان بينهما بعد التلوم ، وإن أحبت الصبر عليه كتب لها كتابا بذلك اليوم من ذلك الشهر أنها قامت عنده عليه طالبة لنفقتها ; فإن قدم وعلم أنه كان له مال كان القول قولها إنها أنفقت على نفسها من ذلك اليوم إن ادعى أنه خلف عندها أو بعث إليها ، وأما إذا كان مجهول الحال لا يعرف ملؤه في غيبته من عدمه فقال : في المدونة إن السلطان لا يفرض لها نفقة على زوجها في مغيبه حتى يقدم ، فإن كان موسرا فرض عليه نفقة مثله لمثلها ، وقال ابن حبيب في الواضحة إنها إن أحبت الصبر عليه أشهد لها السلطان إن كان فلان زوج فلانة اليوم مليئا في غيبته وجب عليه لامرأته فريضة مثلها من مثله ، وسيأتي في سماع أصبغ القول في فرض نفقة الأبوين وبالله عز وجل التوفيق ا هـ كلامه بلفظه .

ونقله في التوضيح باختصار ونصه في شرح قول ابن الحاجب ; فإن كان له مال بيع وفرض منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية