ص ( أو الإسقاط ) 
ش : يعني أن 
الحاضنة إذا أسقطت حضانتها لم يعد إليها ، وهذا إذا كان ذلك بعد وجوب الحضانة ، وأما إن أسقطت حقها من الحضانة قبل وجوبها ففي ذلك خلاف ، قال 
المشذالي  في كتاب الشفعة وتسليم الشفعة قبل الشراء : قال لي 
ابن عرفة  الفتوى عندنا فيمن 
خالع زوجته على أن تسقط هي وأمها الحضانة أنها لا تسقط في الجدة ; لأنها أسقطت ما لم يجب لها ، انتهى . وقال 
ابن ناجي  في كتاب الشفعة في شرح قول المدونة : ولو قال المبتاع قبل الشراء اشتر لي فقد أسلمت لك الشفعة وأشهد بذلك فله القيام بعد الشراء ; لأنه سلم ما لم يجب له بعد ، قال بعض شيوخنا على ما بلغني يؤخذ منها ما به الفتوى أن من خالع زوجته على إن أسقطت هي وأمها الحضانة أنها لا تسقط في الجدة ; لأنها أسقطت ما لم يجب لها وفيها خلاف ، انتهى . ثم قال 
المشذالي  إثر كلامه المتقدم : قال 
المتيطي  ذكر 
ابن العطار  في وثائقه في عقد تسليم الأم ابنها إلى أبيه : وعلى إن سلمت إليه ابنها منه وأسقطت حضانتها فيه وقطعت أمها فلانة أو أختها فلانة حجتها فيما كان راجعا إليها من حضانتها ، وانتقد ذلك 
ابن الفخار  وقال : الصواب أن يقال : ثم قطعت حجتها فيما كان راجعا إليها من حضانتها ، فيدل هذا اللفظ أن الجدة قطعت حجتها بعد أن وجب لها ذلك ، وأما بالواو التي لا تفيد رتبة فكأنها قطعت حجتها قبل وجوب الحضانة لها ، فلا يلزمها والله أعلم . 
قال 
المشذالي  وتفرقة 
ابن الفخار  بين العاطفين ضعيفة في المعنى فتأمله ، ثم قال 
المتيطي  وهذا أصل مختلف فيه على ما وقع في المدونة في غير كتاب منها ، انتهى . فعلم من هذا أن الراجح الذي عليه الفتوى في إسقاط الحضانة قبل وجوبها عدم اللزوم ، وأن صورة ذلك أن يسقط من له الحضانة بعد الأم حضانته قبل وجوبها كالجدة والخالة مثلا ، وأنه ليس من ذلك إسقاط الأم حقها من الحضانة في حال العصمة ، وإلا لكان حكمها حكم الجدة والخالة ولم يفرق بينهما ، وأيضا فلا يمكن أن يقال : إن الأم لا حضانة لها في حال العصمة ; لأنها إذا وجبت لها الحضانة بعد الطلاق فأحرى في حالة العصمة ، وقد صرح بذلك 
ابن عرفة  فقال : لما تكلم على الحضانة ومستحقها وأبو الولد زوجا لها ، وفي افتراقهما أصناف : الأول الأم إلخ ، ولا أعلم أحدا أجاز للأب أخذ ولده من أمه في حال العصمة بل ذكر 
اللخمي  في الشروط الناقضة لمقتضى العقد أن يتزوج المرأة على أن لا يكون الولد عندهما ، وأنه إن تزوجها على ذلك فسخ النكاح قبل الدخول ، وصح بعده وسقط الشرط ، وليس المراد ولدها من غيره ; لأن ذلك لازم صحيح إذا كان للولد من يحضنه كما ذكر ذلك 
المصنف  في أول باب النفقات ، حيث قال : كولد صغير لأحدهما إن كان له حاضن والله أعلم . 
( تنبيه ) قال 
المشذالي  إثر كلامه المتقدم : وهذا الخلاف يعني فيمن أسقط حقه من الحضانة  
[ ص: 219 ] قبل وجوبها كالجدة والخالة مثلا إنما هو إذا حضرت الجدة أو الخالة وأشهدت على نفسها بإسقاط ما يرجع إليها من الحضانة ، وأما إن لم تشهد على نفسها بذلك ففيه خلاف أيضا ، قال 
المتيطي  الذي عليه العمل وقاله غير واحد من الموثقين : إن الأم إذا أسقطت حقها في الحضانة بشرط في عقد المبارأة كما ذكرنا أن ذلك يرجع إلى الجدة أو الخالة ، وقاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=12108أبو عمران  قال : القياس أن لا يسقط حق الجدة بترك الأم ، وقال غيره من القرويين يسقط بذلك حق الجدة والخالة ولا كلام لهما في ذلك ، انتهى . وقال 
ابن عرفة  وفي إمضاء نقل ذي حضانة إياها لغيره على من هو أحق بها من المنقول إليه نقل 
ابن رشد  مع أخذه من قولها : إن صالحت زوجها على كون الولد عنده جاز وكان أحق به ظاهره ولو كان له جدة ، ونقله قائلا : كالشفعاء ليس لمن هو أحق بالشفعة تسليمها لشريك غيره أحق بها منه . 
اللخمي  إن تزوجت الأم أخذته الجدة ثم أحبت أن تسلمه لأخته لأبيه فله منعها ; لأنه أقعد منها ، وإن أمسكته ثم طلقت الأم لم يكن له منعها من رده لأمه ; لأنه نقل لما هو أفضل . 
( 
قلت    : ) إنما يتم هذا على أن تزويج الأم لا يسقط حضانتها دائما ، بل ما دامت زوجة ، انتهى . 
ص ( إلا لكمرض ) 
ش : أي فلها أن تأخذه بعد زوال المرض ونحوه إلا أن تتركه بعد زوال العذر سنة ونحوها فليس لها أن تأخذه ، قاله 
ابن رشد  في أول رسم من سماع 
ابن القاسم  من طلاق السنة ، وحكى في الرسم المذكور أيضا خلافا فيما إذا مات هل لها أن تأخذه ممن تصير إليه الحضانة بعده أم لا ، ونص كلامه : ( مسألة ) قال 
ابن القاسم :  سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا  قال في امرأة طلقها زوجها وله منها ولد فردته عليه استثقالا له ثم طلبته : لم يكن ذلك لها ، قال 
ابن رشد  وهذا كما قال : إنها إذا ردته إليه استثقالا له فليس لها أن تأخذ ; لأنها قد أسقطت حقها في حضانته إلا على القول بأن الحضانة من حق المحضون ، وهو قول 
ابن الماجشون  ، ولو كانت إنما ردته إليه من عذر مرض أو انقطاع لبنها لكان لها أن تأخذه إذا صحت أو عاد إليها اللبن على ما وقع 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك  في سماع 
أشهب  من كتاب الأيمان بالطلاق ، ولو تركته بعد أن زال العذر حتى طال الأمد السنة وشبهها لم يكن لها أن تأخذه ، واختلف إن مات هل لها أن تأخذه ممن تصير إليه الحضانة بعده ، قال في آخر رسم من سماع 
أشهب  ليس لها أن تأخذه ; لأنه رأى تركها إياه عند أبيه إسقاطا منها لحقها في حضانته ، وقد قيل : إن لها أن تأخذه إذا مات ; لأن تركها له عند أبيه إنما يحمل منها على إسقاط حضانتها للأب خاصة ، وكذلك إذا قامت الجدة بعد السنة لم يكن لها أن تأخذه ، وقال 
ابن نافع  لها أن تأخذه ، ومثله 
لابن القاسم  في المدونة أن لها أن تأخذه إلا أن يكون عرض عليها فأبت من أخذه ، وهذا على الاختلاف في السكوت هل هو كالإقرار والإذن أم لا ، وهو أصل قد اختلف فيه قول 
ابن القاسم  وبالله تعالى التوفيق .