مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( ورد البيع في لأضربنه ما يجوز ، ورد لملكه )

ش : أتى المصنف بهذه المسألة هنا ; لأن البائع لا قدرة له على تسليم المبيع لأجل اليمين المتعلقة به ، ولا خصوصية لحلفه بالضرب بل إذا حلف بحرية عبده أو أمته ، وكانت يمينه على حنث فإنه يمنع من البيع ، ومن الوطء .

( فروع الأول ) : قال أبو الحسن عن ابن يونس : لو لم ينقض البيع حتى ضربه عند المبتاع فقيل يبر وقيل لا يبر ، ونقلهما الرجراجي بلفظ فإن مكنه المشتري من الضرب في ملكه فهل يبر أو لا ؟ قولان قائمان من المدونة منصوصان في المذهب ، ولو كاتبه ثم ضربه قال ابن المواز : بر ، وقال أشهب : لا يبر ، ويمضي على كتابته ، ويوقف ما يؤدي فإن عتق بالأداء تم فيه الحنث وصار حرا ، وأخذ كل ما أدى ، وإن عجز ضربه إن شاء ، وقال أصبغ عن ابن القاسم في العتبية : مثله نقله أبو الحسن ( الثاني ) حكي في المدونة عن ربيعة أنه إذا حلف ليجلدن عبده مائة سوط فإنه يوقف حتى ينظر أيجلده أم لا قال ربيعة ومالك : وإن حلف ليجلدنه ألف سوط عجلت عتقه قال الشيوخ : قول ربيعة في الأولى وفاق أيضا لقول مالك .

ونقل ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون إنه إذا حلف ليجلدنه مائة فقد أساء ويترك وإياه ، وإن حلف على أكثر من ذلك مما فيه التعدي ، والشنعة فيعجل عتقه وقال أصبغ : إن المائة من التعدي قال ابن حبيب : وبالأول أقول نقله أبو الحسن ، ونقل أبو الحسن عن أبي إسحاق إن السيد يصدق إن العبد حصل منه ذنب يقتضي الأدب ، ولو أقر أنه يضربه ظلما بغير سبب لوجب أن يعتق عليه قال ، ومثله للقابسي .

وتأول أبو محمد أنه يمكن من ضربه بغير ذنب إذا كان يسيرا قال : واستبعده ابن رشد ( الثالث ) : قال أبو الحسن : فإن تجرأ ، وضربه ما لا يجوز فإنه لا يعتق عليه ولكنه يباع عليه إلا أن يكون ضربا فظيعا فيعتق بالمثلة ( الرابع ) : حلف ليضربنه ما لا يجوز ، وباعه رد المبيع من باب أحرى إلا أنه لا يرد لملكه وإنما يرد للعتق ، ولذا قال المصنف : ورد البيع في لأضربنه ، ونحوه ، ورد لملكه إن أجاز لكان أحسن ، وأشمل والله أعلم .

وما ذكر من أنه يرد لملكه إذا حلف ليضربنه ما يجوز هو المشهور ومقابله لابن دينار أنه ينقض البيع ، ويعتق عليه قال : ولا أنقض صفقة مسلم إلا لعتق ناجز ، وضعف بأنا ننقض البيع للكتابة ، والتدبير ( الخامس ) : قال في المدونة : إذا مات السيد قبل أن يضربه عتق عليه في ثلثه ( السادس ) : إن كانت يمينه على بر نحو إن ضربته فهو حر لم يمنع من البيع [ ص: 274 ] ولا من الوطء قال في أوائل كتاب العتق من المدونة : ومن حلف بعتق عبده لا فعلت كذا أو لا أفعل كذا فهو على بر ، ولا يحنث إلا بالفعل ، ولا يمنع من البيع والوطء ، وإن مات لم يلزم ورثته عتق ، ولو قال : إن لم أفعل أو لأفعلن فهو على حنث .

ويمنع من البيع ، والوطء ، ولا أمنعه من الخدمة فإن مات قبل الفعل عتق رقيقه في الثلث ا هـ . هو حنث وقع بعد الموت انتهى زاد أبو الحسن عن اللخمي ، ولا أمنعه الخدمة ، ولا الاستئجار ( السابع ) : إذا كانت يمينه على حنث ، وضرب أجلا فإنه يمنع من البيع ، ولا يمنع من الوطء قال في المدونة : وإن قال أمتي حرة إن لم أفعل كذا إلى أجل أو إن لم يفعل فلان كذا إلى أجل سماه فهو على بر قال مالك : ولا يمنع من الوطء في الأجل ويمنع من البيع ; لأنها مرتهنة فيهن ، ولو باعها رددت البيع ، ولم أقبل منها رضاها بالبيع ، وروي لمالك يمنع من الوطء كمنعه من البيع قال ابن يونس : لو لم يرد البيع حتى مضى الأجل ولم يفعل ما حلف عليه لم يرد البيع ; لأنه بمضي الأجل حنث وليست في ملكه فارتفعت عنه اليمين فيها فلا ترد إذ لا ترد إلى أمر يترقب فيه بره أو حنثه انتهى . قلت : وعلم منه أن الأمة والعبد قبل رد البيع في ملك المشتري ، وضمانه وهو ظاهر ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية