مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( والأضيق صرف ، ثم إقالة طعام ، ثم تولية وشركة فيه ، ثم إقالة عروض وفسخ الدين في الدين ، ثم بيع الدين ، ثم ابتداؤه )

ش : أصل هذا الكلام لابن محرز في تبصرته وعنه نقله المصنف في توضيحه قبل بيع المرابحة ، ونقله عنه ابن عرفة في الكلام على الإقالة ، ونص كلام ابن محرز في كتاب السلم الثالث من تبصرته في ترجمة الإقالة .

( قلت : ) وأضيق هذه الأحكام كلها في القبض أمر الصرف ، ثم الإقالة من الطعام والتولية فيه ، ثم الإقالة من العروض وفسخ الدين في الدين ، ثم بيع الدين المتقرر في الذمة ، وعن ابن المواز في بيع الدين أنه لا بأس أن يتأخر ثمنه اليوم واليومين حسبما يتأخر رأس المال في السلم انتهى .

، وفيه مخالفة لكلام المصنف حيث جعل التولية في الطعام مع الإقالة منه في مرتبة واحدة ، والمصنف عطفها بثم وأيضا ، فلم يذكر الشركة في الطعام ، ولكن أمر الشركة والتولية واحد ، ونقل ابن عرفة كلامه كما ذكرنا عن تبصرته إلا أنه عطف التولية في الطعام على الإقالة منه بالواو ، وكذا نقله عنه أبو الحسن ، وهو في التبصرة باق ، ونقل المصنف كلامه في [ ص: 488 ] التوضيح بثم كما في مختصره ، ولم يذكر أحد عنه الشركة في الطعام ، وإنما ذكرها المصنف ، والله أعلم . في مختصره ; لأن حكمها حكم التولية وإذا كان كذلك فلا إشكال في أن الصرف أضيق الأبواب قال اللخمي : المعروف من المذهب أن الإقالة أوسع من الصرف ، وأنه تجوز المفارقة في الإقالة ليأتي بالثمن من البيت أو ما قارب ذلك والتولية وبيع الدين أوسع من الإقالة ; لأنه لا يجوز تأخير الإقالة اليومين والثلاثة بشرط بغير خلاف واختلف هل يجوز مثل ذلك في التولية ، وبيع الدين انتهى . واعلم أن الذي يظهر أنه لا فرق بين الإقالة من الطعام والتولية فيه ، والشركة فيه ، وإقالة العروض ، وفسخ الدين وبيع الدين على المشهور ، وإنما تفترق في كون بعضها فيه الخلاف ، وبعضها لا خلاف فيه نعم هذه أخف من الصرف ، وأما ابتداء الدين فهو أوسع منه ومما يدل على أن الإقالة من الطعام أخف من الصرف أنه قال في المدونة : إذا أقلته ثم أحالك بالثمن على شخص فقبضته قبل أن تفارق الذي أحالك جاز ، وإن فارقته لم يجز ، وإن وكل البائع من يدفع لك الثمن أو وكلت من يقبض لك وذهبت وقبضه الوكيل مكانه جاز انتهى . وهذا كله لا يجوز في الصرف انتهى . وقال في أوائل كتاب السلم الثالث من المدونة : قال مالك : وإن أسلمت إلى رجل في حنطة أو عرض ، ثم أقلته أو وليت ذلك رجلا أو بعته إن كان مما يجوز لك بيعه لم يجز لك أن تؤخر بالثمن من وليته أو أقلته أو بعته يوما أو ساعة بشرط أو بغير شرط ; لأنه دين في دين ولا تفارقه حتى تقبض الثمن كالصرف ولا يجوز أن تقيله من الطعام أو تفارقه قبل أن تقبض رأس المال ولا على أن يعطيك به حميلا أو رهنا أو يحيلك به على أحد أو يؤخر به يوما أو ساعة ; لأنه يصير دينا في دين ، وبيع الطعام قبل قبضه فإن أخرك به حتى طال ذلك انفسخت الإقالة وبقي البيع بينكما على حاله وإن نقدك قبل أن تفارقه فلا بأس به انتهى . فعلم من هذا أن الإقالة من الطعام ومن العروض ، والتولية وبيع الدين حكمها سواء ; لأنه صرح به والشركة حكمها حكم التولية بلا إشكال ، وفسخ الدين في الدين هو أشد من بيع الدين فيكون حكم الجميع واحدا على مذهب المدونة فتأمله .

( تنبيه ) واعلم أن هذا في الإقالة من الطعام قبل قبضه والعرض المسلم فيه وأما في البيع المعين فيجوز فيه التأخير قال في المدونة قبل المسألة المتقدمة : وإن ابتعت من رجل سلعة بعينها ونقدته ثمنها ، ثم أقلته وافترقتما قبل أن تقبض رأس مالك وأخرته به إلى سنة جاز ; لأنه بيع حادث ، والإقالة تجري مجرى البيع فيما يحل ويحرم انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية