مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( ومضى إن رخص أو غلا )

ش : يريد إلا أن يكون ما صار له أكثر من جميع حقه فيرد الفضل للغرماء قال في التوضيح الباجي وصاحب المقدمات : فإن تأخر الشراء حتى غلا أو رخص فلا تراجع فيه بينه وبين الغرماء إلا أن يكون فيما صار له أكثر من جميع حقه فيرد الفضل إلى الغرماء وإنما يكون التحاسب بينه وبين الغريم ، وقال المازري ولو تغير السعر حتى صار يشتري له أكثر مما كان يشتري له يوم قسمة المال فالزائد بين الغرماء ويدخل معهم فيه كمال طرأ للمفلس وذهب ابن الماجشون إلى أن هذا الفضل الذي حدث بمقتضى اختلاف الأسعار يستبد به هذا الغريم الموقوف له المال ويشتري له مما بقي له في ذمة المفلس بناء على أصله إن مصيبة ما وقف له من ذلك ممن له الدين ا هـ .

وقد حكى في الشامل في ذلك ثلاثة أقوال ، ونصه : " ومضى وإن غلا ، أو رخص وقيل إلا أن يصير له أكثر فيرد الفاضل للغرماء وقيل يشتري له به أيضا مما بقي في ذمة المفلس " ا هـ . وكأنه غره ظاهر كلام التوضيح حيث حكى عن الباجي وابن رشد أنه يمضي غلا السعر ، أو رخص ، ثم حكى عن المازري قولين فقد يتبادر من ظاهر الكلام أنهما مخالفان لكلام الباجي وابن رشد وليس كذلك بل القول الأول في كلام المازري مخالف ، والقول الثاني الذي نقله ابن الماجشون موافق لكلام الباجي وابن رشد ونص كلام ابن الماجشون على ما نقله ابن حبيب في مختصر الواضحة في ترجمة الرجل المفلس وعليه طعام وعروض فإن حال السعر بعد أن وضع لهم الثمن ليشتري لهم بغلاء اتبعوا الغريم بالفضل إلا أن يكون فيما صار لهم أكثر من حقوقهم فيردوا الفضل على الغرماء وإنما ذلك حكم نازل يحكم فيه فيمضي عليهم ولا يحول عنهم وإنما يحول عن الغريم وله ، وإن اعتقبته الأسعار بالرخص والغلاء فكل قد كان عنده اختصاص في دين الميت سواء ا هـ .

ولفظ ابن رشد في المقدمات : فإن غلا السعر أو رخص فاشترى له بذلك أقل مما صار له في المحاصة لغلاء السعر ، أو أكثر لرخص السعر فلا تراجع في ذلك بينه وبين الغرماء إلا أن يكون فيما صار له أكثر من جميع حقه فيرد الفضل إلى الغرماء وإنما التحاسب في زيادة ذلك ونقصانه بينه وبين الغريم يتبعه بما بقي من حقه قل لرخص السعر ، أو كثر لغلائه ا هـ . ولفظ الباجي : فإن تأخر الشراء حتى غلا السعر ورخص فإنه لا تراجع فيه بينه وبين الغرماء وإنما التحاسب بينه وبين المفلس في زيادة ذلك ونقصانه لا يتعلق بما يرى الغرماء ا هـ . فظهر من هذا موافقة كلام ابن الماجشون كلام الباجي وابن رشد فليس في المسألة غير قولين نقل ابن عرفة كلام ابن رشد ، وقال بعده : ونحوه للباجي ، ولم يتعرض [ ص: 45 ] للقول الذي ذكره المازري وجعله مقابلا لقول ابن الماجشون ولا لكلام ابن الماجشون أيضا إذا علم ذلك فكلام صاحب الشامل مشكل من وجوه : أحدها حكاية ثلاثة أقوال في المسألة اعتمادا على ظاهر ما في التوضيح إن كان اعتماده على ذلك . الثاني : جعله بقية قول الباجي وابن رشد قولا ثانيا وهو قوله وقيل إلا أن يصير له أكثر فيرد الفضل للغرماء ; لأن ذلك من تتمة كلامها وكلامابن الماجشون أيضا كما تقدم بيانه . الثالث : عدم ذكره للقول المقابل للمشهور الذي حكاه المازري ، وجعله مقابلا لقول ابن الماجشون وهو أن يكون على ما نابه بالحصاص يوم القسمة بين الغرماء ويدخل هو معهم فيه ، فالثلاثة الأقوال التي ذكرها على ما تحصل من كلامهم ترجع لقول واحد ; لأن القول الثاني في كلامهم هو تتمة القول الأول ، والقول الثالث في كلامه هو قول ابن الماجشون ونقله عنه في التوضيح ، وقد علم مما تقدم أنه موافق لما قاله الباجي وابن رشد فتأمله والله أعلم .

( تنبيه ) بقي على المصنف أن ينبه على تتمة ما قاله الباجي وابن رشد وابن الماجشون من أنه يختص بما نابه بالحصاص يوم القسمة دون الغرماء إذا رخص السعر بما إذا لم يزد ما صار له على جميع حقه فإنه حينئذ يرد الفضل للغرماء ونبه على ذلك الشارح إلا أن ظاهر كلامه يقتضي أن ذلك من كلامابن رشد فقط وليس كذلك بل كلام الباجي شامل له أيضا والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية