مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وفيها أيضا يصدق ، وإن أعتقه مشتريه إن لم يستدل على كذبه )

ش : قال في المدونة : بعد نصها المتقدم في المسألة الأولى قيل لابن القاسم في باب آخر أرأيت من باع صبيا ولد عنده ، فأعتقه المبتاع ، ثم استلحقه البائع أتقبل دعواه ، وينقض البيع فيه ، والعتق قال إن لم يتبين كذب البائع فالقول قوله قال ابن يونس : قال سحنون : هذه المسألة أعدل قوله في هذا الأصل انتهى . فظاهر هذا أنه مخالف لنصها المتقدم أي في أمهات الأولاد في قولها ومن استلحق صبيا في ملك غيره وبعد أن أعتقه غيره إلخ وكلام المصنف يقتضي أنه حمله على الخلاف ، وهو المفهوم من كلام ابن عرفة ، فإنه قال : ولو استلحقه بائعه بعد أن أعتقه مشتريه فقال ابن القاسم : في أول الباب إن كذبه من أعتقه لم يصدق ، وقال بعده إن لم يتبين كذب البائع قبل قوله ، وهو قول غيره ، وهو أشهب ورجحه سحنون وقال هو أعدل قوله انتهى . وفرق أبو الحسن بينهما بأنه في الأولى لم يملك أمه فليس معه قرينة تصدقه بخلاف هذه ا هـ .

وهذه التفرقة غير ظاهرة لما سيأتي ، ولو فرق بينهما بأن الأولى لم يدخل العبد في ملكه ، والثانية كان في ملكه كان أبين ، فإن جميع المسائل الآتية التي قال فيها في المدونة : إنه يلحق به كان العبد أو أمه في ملكه ، فتأمله والظاهر حمله على الخلاف ، وهو المفهوم من كلام الرجراجي والقول الثاني هو الظاهر ، وهو الموافق لما سيأتي من كلام المصنف ، وهو المأخوذ من أكثر مسائل المدونة قال فيها : ومن باع صبيا ولد عنده أو لم يولد عنده ، ثم استلحقه بعد طول الزمان لحق به ورد الثمن إلا أن يتبين كذبه ا هـ . فظاهر هذا سواء ملك أمه أو لا ، وهذه المسألة هي التي أشار المصنف إليها بقوله أو باع ونقض ، ثم قال فيها : ومن ابتاع أمة ، فولدت عنده ما بينه وبين أربع سنين ، ولم يدعه فادعاه البائع ، فإنه يلحق به ، ويرد البيع ، وتعود أم ولد له إن لم يتهم فيها ، وإن ادعاه بعد عتق المبتاع للأم والولد ألحقت به نسب الولد ، ولم أزل عن المبتاع ما ثبت له من ولائهما ، ويرد البائع الثمن ، وكذلك إن استلحقه بعد موتهما ، ولو عتقت الأم خاصة لم أقبل قوله فيها وقبلته في الولد ، ولحق به ورد الثمن لإقراره أنه ثمن أم الولد ، ولو كان الولد خاصة هو المعتق لثبت الولاء لمعتقه وألحقت الولد بمستلحقه ، وأخذ الأم إن لم يتهم فيها لدناءتها ، ورد الثمن ، وإن اتهم فيها لم ترد إليه ، وكذلك الجواب إذا باع الأمة وهي حامل فولدت عند المبتاع فيما ذكرنا انتهى .

وهذه المسألة هي التي أشار إليها المصنف بقوله وإن باعها ، فولدت فاستلحقه إلخ وهو قول المصنف ، ولحق به الولد مطلقا أي سواء أعتق الأم والولد أو لم يعتقهما أو أعتق أحدهما دون الآخر إلا أن قوله في المدونة في هذه المسألة ألحقنا به نسب الولد ، ولم أزل عن البائع ما ثبت له من ولائهما خلاف قوله في المسألة الأولى إنه ينقض البيع والعتق [ ص: 242 ] فتحصل من هذا أنه إذا استلحق من هو في ملك غيره أو ولائه هل يصدق ، ويلحق به أو لا ؟ قولان ، وعلى القول بتصديقه وهو الظاهر فإن كان المستلحق من ملك غيره لم يدخل في ملكه ، فإنه يبقى في ملك مالكه كما تقدم عن ابن رشد في سماع عيسى ، وإن كان هو البائع له ، فإنه يلحق به ، وينقض البيع إن كان المشتري لم يعتقه ، وإن أعتقه المشتري فهل ينقض البيع والعتق أو لا ؟

قولان ، ويظهر من كلام ابن رشد ترجيح القول بنقض البيع والعتق ، فإنه قال في آخر نوازل سحنون وإذا استلحق الولد الذي باع أمه ، وكان ولد عنده ولم يكن له نسب ، وهو حي فلا اختلاف أنه يلحق به ، ويفسخ البيع فيه ، ويرد إليه ولد أو أمه أو أم ولد وإن كان الولد قد أعتق ، وينقض العتق ، وقيل إنه لا ينقض ا هـ .

ولابن رشد كلام يأتي عند قول المصنف وإن اشترى مستلحقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية