مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( بجزء قل ، أو كثر )

ش : لا مفهوم لقوله بجزء ، وإنما نبه به على أنه لا تجوز المساقاة بكيل مسمى من الثمرة ، ولم يرد أنه لا بد أن يكون المأخوذ جزءا من الثمرة بل تجوز المساقاة على أن تكون الثمرة جميعها للعامل قاله في المدونة وغيرها قال ابن ناجي : وظاهرها أنها مساقاة حقيقية ، ويجبر العامل أو يستأجر من يعمل إلا أن يقوم دليل على أنه أراد الهبة لقلة المؤنة وكثرة الخراج قال اللخمي ، وهو مقتضى ما رواه [ ص: 374 ] ابن حبيب ، وقال التونسي : هي كالهبة ، وإن انتفع ربها بسقي أصوله ، ولو مات قبل الحوز بطلت انتهى .

( قلت : ) قال اللخمي متمما للكلام الأول : ومتى أشكل الأمر حملا على المعاوضة لقوله : أساقيك ، ورب الحائط أعلم بمنافعه ومصلحة ماله انتهى .

ونقله أبو الحسن ، وقال في المقدمات : وتجوز المساقاة على أن تكون الثمرة كلها للعامل بعمله ، وقد قيل فيه : إنه منحة فيفتقر إلى الحيازة ، ويبطل بالموت ، وهو بعيد انتهى .

( قلت : ) وأما عكس هذا فظاهر جوازه ، وهو أن تكون الثمرة كلها لرب المال ; لأن العامل هنا متبرع بعمله ( تنبيه : ) يشترط في الجزء المأخوذ أن لا يكون مختلفا فلو كان في الحائط أصناف من الثمرة وشرط أن يأخذ من صنف منها النصف ، ومن صنف منها الثلث لم يجز ، وكذلك لو كان فيه أنواع من الثمار فساقاه في نوع من الثمار منها بالنصف ، وفي نوع بالثلث لم يجز قال ابن عرفة : والحائط مختلف نوع شجرة مختلطا كمتحد اللخمي واختلاف ثمرته بالجودة والرداءة كتساويها ، وتعدد الحوائط وثمرها سواء في الجودة والرداءة والعمل ، أو تقارب كواحد انتهى .

( فرع : ) وقع في الموطإ وغيره في حديث خيبر { أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم ، ثم يقول لهم : إن شئتم فلكم ، وإن شئتم فلنا بخرصها ونؤدي إليكم نصفها } هكذا ذكره في المقدمات ، وفي الموطإ نحوه قال الباجي قال ابن مزين : سألت عيسى عن فعل عبد الله أيجوز ذلك للمساقيين والشريكين ، فقال : لا يعمل ، ولا يصلح اقتسامه إلا كيلا إلا أن تختلف حاجتهما إليه فيقتسمانه بالخرص قال الباجي : وهذا الذي حمل عيسى الحديث عليه ، وأنه كان يسلم إليهم جميع الثمرة ليضمنوا حصة المسلمين منها لا يجوز ; لأنه بيع التمر بالتمر بالخرص في غير العرايا فلذلك تأول الحديث على أن الخرص للقسمة خاصة ، وإذا حمل الحديث على أنه إنما كان الخرص للزكاة سلم مما جاء به وأنكره ، وهو محتمل لذلك ، ويكون قوله : إن شئتم فلكم ، وإن شئتم فلنا على سبيل التحقيق لصحة خرصه انتهى بالمعنى وخرص الحائط للقسمة إنما يجوز إذا كان للأكل بشروط تقدمت في باب القسمة ، وقال في المقدمات : جاء في بعض الآثار تضمين اليهود نصيب المسلمين ، وفي بعضها تخييرهم من غير ذكر ضمان فأما تخييرهم في أخذهم الثمرة في رءوس النخل بما فيه خرص عليهم من الثمرة يؤدونه عند الجداد من غير تضمين فليس بضيق ، وقد أجازه جماعة من أهل العلم ، وهو على قياس ما قاله مالك في الخرص بسبب الزكاة ، وأما تخييرهم في التزامهم ذلك مضمونا عليهم فهو من المزابنة ، ولا يكون إلا مفسوخا ، وقد ذكر عن بعض أهل العلم إجازته ، وهو بعيد انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية