مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص ( وقدم عاصب النسب )

ش : ( فرع ) قال في المدونة : وللمرأة الحرة ولاء من أعتقت ، وعقل ما جره مواليها على قومها ، ومواريثهم لها فإن مات فهو لولدها الذكور فإن لم يكن لها ولد ذكور فذاك لذكور ولد ولدها الذكور دون الإناث ، وينتمي مولاها إلى قومها كما كانت هي تنتمي فإذا انقرض ولد ولدها رجع ميراث مواليها لعصبتها الذين هم أعقل بها يوم يموت الموالي دون عصبة الولد ، وقاله عدة من الصحابة والتابعين انتهى .

وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأصح الروايتين عن أحمد وقد أطال المارديني في شرح كشف الغوامض في ذلك ، وذكر أبو داود في سننه في آخر باب الفرائض عن الصحابة ، وقال ابن بكير : لا شيء لولدها من مواليها ، نقله العقباني في شرح الحوفي ، ونقله ابن عرفة في مختصره للحوفي .

ص ( ثم عصبته ) ش ( فرع ) قال في المدونة : ولا يرث الأخ للأم من الولاء شيئا فإن لم يترك الميت غيره فالعصبة أولى إلا أن يكون من العصبة فيرث معهم ، قال ابن يونس : مثل أن يترك الهالك ابني عم وموالي ، وأحدهما أخ لأم فيكون الولاء بينهما نصفين ببنوة العم ، وتسقط الولادة للأم ، ابن المواز قال أشهب : بل يكون الأخ للأم أولى بالولاء ; لأنه أقعد بالرحم كما لو ترك الهالك أخا شقيقا ، وأخا لأب فإن الميراث للأخ الشقيق ، وكما لو ترك ابن عم شقيق ، وابن عم لأب لكان الشقيق أولى بالولاء والميراث [ ص: 363 ] ابن يونس وهذا أقيس انتهى .

قال ابن عرفة ودرجات التعصيب في القرب فيه كالتعصيب في الإرث إلا أن الأخ ، وابن الأخ يقدمان على الجد زاد الحوفي : وابن العم على ابن الجد ( قلت ) ، وهو مندرج في الأولى بالمعنى اللخمي اختلف إن كانا ابني عم أحدهما أخ لأم ، فقال مالك وابن القاسم في المدونة : لا فضل للأخ للأم ، وقال أشهب عند محمد : الأخ للأم أحق ; لأنه أقعد للرحم كما لو ترك المعتق أخوين أحدهما شقيق والآخر لأب ( قلت ) في جريان هذا الخلاف في إرث المال نظر ويرد قياس أشهب بأن زيادة الشرط في الأم في المقيس عليه هي فيما به التعصب فيه ببنوة العمومة انتهى . وقد حكى في التوضيح في باب الفرائض الخلاف في ميراث النسب أيضا .

( فرع ) منه قال والمذهب انتقاله بموت مستحقه إلى أقرب عصبة المستحق المعتق حينئذ لا إلى أقرب عصبة المستحق انتهى . وعلى هذا يتفرع قول المصنف : وإن اشترى ابن وابنة أباهما .

ص ( كالصلاة )

ش : يعني كالصلاة على الجنازة فيقدم الابن ، ثم ابنه ، ثم الأب ، ثم الأخ ، ثم ابنه ، ثم الجد ، ثم العم ، ثم ابنه ولو قال المصنف كالنكاح لكان أحسن ، وإن كان الحكم سواء ; لأنه لم يبين هذا الترتيب في الجنائز وبينه في النكاح والحاصل أن الولاء والصلاة على الميت وولاية النكاح سواء .

ص ( أو جره ولاء بولادة أو عتق )

ش : نحوه لابن الحاجب ، فقال في التوضيح حكى سحنون على هذا الإجماع أنه لا ولاء للمرأة إلا من باشرت عتقه أو أعتقت من أعتقه أو يكون ولدا لمن أعتقته ، وإن سفل من ولد الذكور خاصة ولم يبين المصنف يعني ابن الحاجب هنا أنه لا يجر إلا أولاد الذكور إلا أنه قال : وعلى من جره ولاؤها وقد بين أولا أن المرأة إنما تجر ولاء أولادها إذا لم يكن لهم نسب من حر انتهى .

ومثله يقال عليه والتقييد بالذكور وقع في المدونة : لكنه لا كبير فائدة فيه ; لأن من المعلوم أنه لا ينجر إليها بالولادة إلا ما ينجر للذكر وقد تقدم أن المعتق إذا أعتق أمة فإنما يكون له الولاء على أولادها الذكور إذ لم يكن لهم نسب من حر بل التقييد به مشوش ; لأنه يوهم أن أولاد المعتقة لا ولاء عليهم لمعتقها مطلقا سواء كان لهم نسب من حر أم لا وليس كذلك ، ونص كلامه في المدونة : ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو ولد من أعتقن من ولد الذكور ذكرا كان ولد هذا الذكر أو أنثى انتهى . إلا أنه قال بعده : وإذا أعتقت المرأة امرأة فولدت المعتقة من الزنا أو من الزوج ، ثم نفاه ولاعن فيه كان ميراث هذا الولد للمرأة التي أعتقت أمه انتهى . وبهذا فسر الشيخ أبو الحسن المدونة ، وقال اللخمي ما أعتقت المرأة يجري مجرى ما لو كان المعتق رجلا فكل موضع يكون الولاء فيه للمعتق إذا كان رجلا يكون لها انتهى .

ص ( وورثه الابن )

ش : ولا ترث البنت منه شيئا ; لأن الابن عاصب المعتق من النسب ، والبنت معتقة المعتق ، وعاصب المعتق مقدم على معتق المعتق ، وهذه تسمى " فريضة القضاة " لغلط أربعمائة قاض فيها بتوريثهم البنت بالولاء .

ص ( فإن مات الابن أولا فللبنت النصف ) ش إن مات الأب ، ثم مات الابن قبل موت [ ص: 364 ] العبد المعتق ، ثم مات العبد فللبنت النصف ; لأنه لما فقد المعتق وعصبته من النسب انتقل الولاء لمعتق المعتق ، ومعتق المعتق البنت ، والابن الميت فلها النصف والنصف الثاني الذي كان لأخيها لموالي أبيه وموالي أبيه هو وإخوته فلها نصف نصفه ، وهو الربع فيصير لها ثلاثة أرباع المال والربع الباقي يكون لموالي أم الأخ إن كانت أمة معتقة ، وإن كانت حرة فلبيت المال ، والله أعلم .

وبهذا توجه المسألة الأخرى ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية