مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

صفحة جزء
ص [ ص: 371 ] ولو أطلقها لا إن لم يسترده )

ش : لما ذكر أنه إذا كانت الوصية مقيدة بمرض أو سفر وكتبها في كتاب وأخرجه من يده ، ثم استرده أنها تبطل ذكر ههنا أنها تبطل أيضا إذا كانت مطلقة ، أي غير مقيدة بمرض أو سفر وكتبها في كتاب وأخرجها ، ثم استرده من يد من جعلها عنده ، وقال في التوضيح وحكى صاحب المقدمات الاتفاق على بطلانها ، وذكر عياض أن ابن شبلون وغيره تأولوا الكتاب على ذلك ، وأن ظاهر تأويل أبي محمد إنما يضر استرجاع المقيدة لا المبهمة ، وأن أبا عمران تردد في ذلك انتهى . واقتصر في البيان على حكاية البطلان ولم يصرح بنفي الخلاف ، وظاهر كلام المصنف أنه مشى على ذلك ولكن في قول المصنف : ولو أطلقها بعض قلق ; لأنه فرض أولا في المقيدة ، ثم بالغ في الإطلاق ولو شبه المطلقة بالمقيدة فقال : كأن أطلقها لكان أبين وأحسن انتهى . وقوله : لا إن لم يسترده ، أي لا إن لم يسترد الكتاب بعد أن أخرجه فلا تبطل الوصية وسواء كانت مطلقة أو مقيدة ، ونقله في التوضيح ، وقاله في البيان .

ص ( أو قال متى حدث الموت )

ش : يعني أن الوصية تمضي ولا تبطل إذا قال متى حدث الموت وسواء قال ذلك في مرض أو سفر أو في صحة ، وسواء مات في ذلك المرض أو السفر أو بعدهما وسواء أشهد على ذلك بغير كتاب أو بكتاب أقره عند نفسه أو وضعه عند غيره ، فإنها تنفذ على كل حال متى مات إلا أن يكون كتبها في كتاب ، وأخرجه من يده ، ثم استرده ، فإنها تبطل كما تقدم .

( تنبيه ) قال الشارح : ومثل قوله " متى حدث الموت " قوله : إن مت أو إذا مت ونحوه في التوضيح قال وسواء قالها في الصحة أو في المرض ، ونصه : " وإن أطلق الوصية ، فقال : متى حدث الموت أو إن مت أو إذا مت فإنها ماضية وظاهره يعني كلام ابن الحاجب سواء كتبها في كتاب أم لا استرجعها أم لا أما إن لم يكتبها فقال غير واحد : إنها نافذة أبدا لا ينقضها إلا تغيرها قالها في صحته أو في مرضه ، وإن كانت بكتاب ، وأشهد فيه فهي ماضية بالاتفاق سواء أقرها عنده إلى الموت أو جعلها على يد غيره حتى مات وأما إن قبضها من يد من جعلها على يديه سواء قبضها في الصحة أو في المرض ، فحكى صاحب المقدمات الاتفاق على بطلانها انتهى . ثم ذكر كلام عياض المتقدم عن ابن شبلون وتأويل أبي محمد فظاهره أنه إذا قال : إن مت وكان مريضا أنها تنفذ ولو صح من ذلك المرض ، وهكذا قال في التنبيهات ونصه : " إذا كان إشهاده في غير كتاب في المبهمة فهي ماضية أبدا لا ينقضها إلا تغيرها ونسخها أشهد في مرضه أو صحته انتهى .

وهو خلاف ما قاله ابن رشد في أول رسم من سماع ابن القاسم ، ونصه : " إن أوصى في صحته دون سفر ولا مرض فسواء قال فيها : متى مت أو إذا مت وسواء أشهد على ذلك بغير كتاب أو بكتاب أقره عند نفسه أو وضعه عند غيره تنفذ على كل حال متى مات إلا أن يسترجع الكتاب بعد أن وضعه عند غيره فتبطل بذلك وصيته وكذلك إن أوصى في مرض أصابه وعند سفر أراده ، فقال في وصيته : متى مات ، وأما إن أوصى في مرض أصابه أو عند سفر أراده لغزو فقال : إن مت ولم يزد أو قال من مرضي هذا ، وكذلك إن أوصى في مرض أصابه أو عند سفر أراده لغزو فقال في وصيته : إن مت في سفري هذا ، ولم يزد أو قال : من مرضي هذا أو ، قال : يخرج عني كذا وكذا ولم يذكر الموت بحال فإن كان أشهد بذلك بغير كتاب لم تنفذ الوصية إلا أن يموت من ذلك المرض أو في ذلك السفر واختلف قول مالك إن أقر الكتاب ، وإن كتب بذلك كتابا وضعه عند غيره بكل حال نفذت ، وإن مات من غير ذلك المرض ، وفي غير ذلك السفر ، واختلف قول مالك إن أقر الكتابة عنده فمرة ، قال : تنفذ على كل حال متى مات ، ومرة قال : لا تنفذ إلا أن يموت من ذلك المرض أو في ذلك السفر ، وجه الأول أن إبقاءه الكتاب بعد برئه وقدومه دليل على إلغائه والتنفيذ لها ، ووجه الثاني [ ص: 372 ] اعتبار زائد ظاهر لفظه ، والأول أظهر من جهة المعنى والثاني من جهة اللفظ وكذا إذا قال ، وهو صحيح دون مرض أصابه ، ولا سفر أراده إن مت في هذا العام فيخرج عني كذا وكذا ، وهو بمنزلة ما إذا قال إن مت في مرضي هذا أو سفري هذا انتهى . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية