صفحة جزء
( فصل ) في جملة من أحكام عقد الذمة

( يلزمنا ) عند إطلاق العقد فعند الشرط أولى ( الكف عنهم ) نفسا ، ومالا ، وعرضا ، واختصاصا ، وعما معهم كخمر ، وخنزير لم يظهروه لخبر أبي داود { ألا من ظلم معاهدا ، أو انتقصه ، أو كلفه فوق طاقته ، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة } ( وضمان ما نتلفه عليهم نفسا ، ومالا ) ، ورد ما نأخذه من اختصاصاتهم كالمسلم ؛ لأن ذلك هو فائدة الجزية كما أفادته آيتها ( ودفع أهل الحرب ) ، والذمة ، والإسلام

وآثر الأولين ؛ لأنهم الذين يتعرضون لهم غالبا ( عنهم ) إن كانوا بدارنا ؛ لأنه يلزمنا الذب عنها ، فإن كانوا بدار الحرب لم يلزمنا الدفع عنهم إلا إن شرطوه علينا [ ص: 293 ] أو انفردوا بجوارنا ، وألحق بدارنا دار حرب فيها مسلم ، فإن أريد أنه يلزمنا دفع المسلم عنهم ، أو أنه لا يمكن الدفع عن المسلم إلا بالدفع عنهم فقريب ، أو دفع الحربيين عنهم بخصوصهم فبعيد جدا ، والظاهر أنه غير مراد ( وقيل : إن انفردوا لم يلزمنا الدفع عنهم ) كما لا يلزمهم الذب عنا ، والأصح أنه يلزمنا الدفع عنهم مطلقا حيث أمكن ؛ لأنهم تحت قبضتنا كأهل الإسلام أما عند شرط أن لا نذب عنهم ، فإن كانوا معنا ، أو بمحل إذا قصدوهم مروا علينا فسد العقد لتضمنه تمكين الكفار منا ، وإلا فلا


حاشية ابن قاسم

( فصل يلزمنا الكف عنهم إلخ . ) ( قوله : فإن كانوا بدار الحرب لم يلزمنا الدفع عنهم ) ظاهر هذا مع قوله السابق والذمة ، والإسلام أنه لا يلزمنا حينئذ دفع أهل الإسلام ، وقد يقتضي عدم لزوم ذلك جواز تعرضنا لهم [ ص: 293 ] لكن جواز تعرضنا مناف لمقصود عقد الذمة ، ومما يفهم وجوب دفع أهل الإسلام عنهم بدار الحرب قوله : الآتي فإن أريد إلخ . ( قوله : أو بمحل إلخ . ) ، وهو صادق بمحل بدار الحرب ، ويخالفه قوله : في شرح الروض بخلاف ما لو شرط أن لا يندب عنهم من لا يمر بنا ، أو يمر بنا ، وهم غير مجاورين لنا . ا هـ . أي : فلا يفسد العقد بهذا الشرط

حاشية الشرواني

( فصل في جملة من أحكام عقد الذمة )

( قوله : في جملة ) إلى قول المتن ، أو أسلم في النهاية ( قول المتن يلزمنا الكف ) أي : الانكفاف بدليل قوله : ودفع أهل الحرب عنهم ا هـ . رشيدي ، ويصرح بذلك تصوير شرح المنهج الكف بقوله : بأن لا نتعرض لهم نفسا ، ومالا ، وسائر ما يقرون عليه كخمر إلخ . ( قوله : نفسا ) إلى قوله : أما عند شرط في المغني إلا قوله : وآثر إلى المتن ، وقوله : وألحق إلى المتن ( قوله : كخمر ، وخنزير ) إنما أفردهما بالذكر مع دخولهما في الاختصاص لأن لهما قيمة عندهم ، أو لدفع ما يتوهم من منعهم إظهارهما من عدم لزوم الكف عن التعرض لهم فيهما ا هـ . ع ش ( قوله : أو انتقصه ) أي : احتقره بضرب ، أو شتم ، أو غيرهما ، وهو ، وما بعده تفصيل لبعض أفراد الظلم فهو من عطف الخاص على العام كما في ع ش ، وإن كان بأو ا هـ . بجيرمي ( قوله : فأنا حجيجه ) أي : خصمه لمخالفته لشريعتي من وجوب عدم التعرض لهم ، وهذا خرج مخرج الزجر ، والتخويف فلا دلالة فيه على تشريف الذمي ا هـ . بجيرمي عن القليوبي ( قول المتن : نفسا ، ومالا ) منصوبان على التمييز من الكف ، وحذفها من قوله : وضمان ما نتلفه لدلالة ما سبق ، والتمييز إذا علم جاز حذفه ، ولا يجوز أن يكون الكف ، وضمان من تنازع العاملين لأنك إذا أعملت الأول منهما أضمرته في الثاني ، فيلزم وقوع التمييز معرفة ، وإن أعملت الثاني لزم الحذف من الأول لدلالة الثاني ، وهو ضعيف ا هـ . مغني أقول ، وإعمال الثاني هو مختار البصريين كما في الكافية ، وأكثر استعمالا كما في شرحه للفاضل الجامي .

( قوله : ورد إلخ ) عطف على الكف ( قوله : ورد ما نأخذه إلخ ) عبارة المغني ، والروض مع شرحه ، واحترز بالمال عن الخمر ، والخنزير ، ونحوهما فمن أتلف شيئا من ذلك لا ضمان عليه سواء أكانوا أظهروه أم لا لكن من غصبه يجب عليه رده عليهم ، ومؤنة الرد على الغاصب ، ويعصي بإتلافهما إلا إن أظهروها ، وتراق الخمر على مسلم اشتراها منهم ، وقبضها ، ولا ثمن عليه لهم ؛ لأنهم تعدوا بإخراجها إليه ، ولو قضى الذمي دين مسلم كان له عليه بثمنه خمرا ، ونحوه حرم على المسلم قبوله إن علم أنه ثمن ذلك ؛ لأنه حرام في عقيدته ، وإلا لزمه القبول ا هـ . ( قوله : لأن ذلك ) أي : ما ذكر من الضمان ، والرد ( قوله : كما أفادته آيتها ) انظر وجه الإفادة فيها ا هـ . رشيدي أقول : وجهها المغني بأن الله تعالى غيا قتالهم بالإسلام ، أو ببذل الجزية ، والإسلام يعصم النفس ، والمال ، وما ألحق به فكذا الجزية ا هـ . ( قوله : وآثر الأولين ) أي : أهل الحرب ا هـ . ع ش ( قوله : لأنه يلزمنا الذب عنها ) أي : عن دارنا ، ومنع الكفار من طروقها ا هـ . مغني ( قوله : لم يلزمنا الدفع عنهم ) أي : دفع غير المسلم أخذا من قوله : الآتي ، فإن أريد إلخ سيد عمر وسم

[ ص: 293 ] قوله : أو انفردوا إلخ ) أي : وهم بدار الحرب كما هو صريح السياق ا هـ . رشيدي

( قوله : بجوارنا ) بكسر الجيم ، وضمها ، والكسر أفصح كما في المختار ا هـ . ع ش ( قوله : فيها مسلم ) أي : فنمنعه عنهم ، ومن يتعرض لهم بأذى يصل إلى المسلم ، وظاهره ، وإن اتسعت أطراف دار الحرب ا هـ . ع ش ( قوله : فإن أريد إلخ ) أي : من الإلحاق ا هـ . ع ش ( قوله : عنهم بخصوصهم ) أي : الذميين بدار الحرب ( قوله : والظاهر أنه غير مراد ) أي : وإنما المراد ما قدمنا من منع المسلم عنهم ، ومنع من يتعرض إلخ ا هـ . ع ش ( قول المتن : ببلد ) أي : بجوار دار الإسلام كما قيده في الروضة ا هـ . مغني ( قوله : كما لا يلزمهم الذب إلخ ) أي : عند طروق العدو لنا ا هـ . مغني ( قوله : مطلقا ) أي : سواء كانوا بدارنا ، أو بجوارها ( قوله : أما عند شرط إلخ ) محترز قوله : عند إطلاق العقد إلخ .

( قوله : أو بمحل إذا إلخ ) هذا صادق بمحل بدار الحرب ، ويخالفه قول شرح الروض بخلاف ما لو شرط أن لا نذب عنهم من لا يمر بنا ، أو يمر بنا ، وهم غير مجاورين لنا انتهى أي : فلا يفسد العقد بهذا الشرط ا هـ . سم ، ولك أن تمنع المخالفة بأن المراد كما يفيده السياق ، أو بمحل بجوارنا ( قوله : إذا قصدوهم ) أي : قصد أهل الحرب بسوء الذميين الكائنين في هذا المحل

التالي السابق


الخدمات العلمية