صفحة جزء
( فصل )

في بيان كفارة اليمين ( يتخير ) الرشيد الحر ولو كافرا ( في كفارة اليمين بين عتق كالظهار ) أي : كعتق يجزأ فيه بأن تكون رقبة كاملة مؤمنة بلا عيب يخل بالعمل أو الكسب ولو نحو غائب علمت حياته أو بانت كما مر ، وهو أفضلها ولو في زمن الغلاء خلافا لما بحثه ابن عبد السلام أن الإطعام فيه أفضل ( وإطعام عشرة مساكين ، كل مسكين مد حب ) أو غيره مما يجزئ في الفطرة ( من غالب قوت البلد ) في غالب السنة أي : بلد المكفر ، فلو أذن لأجنبي أن يكفر عنه اعتبر بلده لا بلد الآذن فيما يظهر ، فإن قلت : قياس ما مر في الفطرة اعتبار بلد المكفر عنه

قلت يفرق بأن تلك طهرة للبدن ، فاعتبر بلده بخلاف هذه ، نعم في كثير من النسخ بلده ، وقضيتها اعتبار بلد الحالف وإن كان المكفر غيره في غير بلده ، وهو محتمل لما ذكر من مسألة الفطرة ، ولا ينافي ما تقرر جواز نقل الكفارة ؛ لأنه لملحظ آخر . [ ص: 17 ] وأفهم كلامه أنه لا يجوز صرف أقل من مد لكل واحد ولا لدون عشرة ولو في عشرة أيام ( أو كسوتهم بما يسمى كسوة ) ، ويعتاد لبسه بأن يعطيهم ذينك على جهة التمليك ، وإن فاوت بينهم في الكسوة ( كقميص ) ولو بلا كم ( أو عمامة ) ، وإن قلت أخذا من إجزاء منديل اليد ( أو إزار ) أو مقنعة أو رداء أو منديل يحمل في اليد أو الكم لقوله تعالى { فكفارته إطعام عشرة مساكين } الآية . ( لا ) ما لا يسمى كسوة ولا ما لا يعتاد كالجلود فإن اعتيدت أجزأت فمن الأول نحو ( خف وقفازين ) ودرع من نحو حديد ومداس ونعل وجورب وقلنسوة وقبع وطاقية ( ومنطقة ) وتكة وفصادية وخاتم وتبان لا يصل للركبة وبساط وهميان وثوب طويل أعطاه للعشرة قبل تقطيعه بينهم ؛ لأنه ثوب واحد وبه فارق ما لو وضع لهم عشرة أمداد وقال : ملكتكم هذا بالسوية أو أطلق ؛ لأنها أمداد مجتمعة ، ووقع لشيخنا في شرح المنهج أجزاء العرقية وهو مشكل بنحو القلنسوة ، وأجيب بأنها في عرف أهل مصر تطلق على ثوب يجعل تحت البرذعة ويرشد إليه قرنه إياها بالمنديل ، وأفهم التخيير امتناع التبعيض ، كأن يطعم خمسة ويكسو خمسة .

( ولا يشترط ) كونه مخيطا ولا ساترا للعورة ، ولا ( صلاحيته للمدفوع إليه فيجوز سراويل ) ونحو قميص ( صغير ) أي دفعه ( لكبير لا يصلح له ) ، وإن نازع فيه جمع ( وقطن وكتان وحرير ) وصوف ونحوها ( لامرأة ورجل ) ؛ لوقوع اسم الكسوة على الكل ولو متنجسا لكن عليه أن يعرفهم به لئلا يصلوا فيه ، وقضيته أن كل من أعطى غيره ملكا أو عارية مثلا ثوبا به نجس خفي غير معفو عنه بالنسبة لاعتقاد الآخذ عليه إعلامه به حذرا من أن يوقعه في صلاة فاسدة ، ويؤيده قولهم : من رأى مصليا به نجس غير معفو عنه أي : عنده لزمه إعلامه به وفارق التبان السراويل الصغير بأن التبان لا يصلح ولا يعد لستر عورة صغير فضلا عن غيره ، فإن فرض أنه يعد لستر عورة صغير فهو السروال الصغير . ( ولبيس ) أي : ملبوس كثيرا إن ( لم تذهب ) عرفا ( قوته ) باللبس كالحب العتيق بخلاف ما ذهبت قوته كالمهلهل النسيج الذي لا يقوى على الاستعمال ولو جديدا ومرقع لا بلي ومنسوج من جلد ميتة أي : وإن اعتيد كما هو ظاهر .

( فإن عجز ) بالطريق السابق في كفارة الظهار [ ص: 18 ] ( عن ) كل من ( الثلاثة ) المذكورة ( لزمه صوم ثلاثة أيام ) للآية إذ هي مخيرة ابتداء مرتبة انتهاء ، ( ولا يجب تتابعها في الأظهر ) لإطلاق الآية ، وصح عن عائشة رضي الله عنها كان فيما أنزل ثلاثة أيام متتابعات فسقطت متتابعات ، وهو ظاهر في النسخ خلافا لمن جعله ظاهرا في وجوب التتابع الذي اختاره كثيرون ، وأطالوا في الاستدلال له بما أطال الأولون في رده ( وإن غاب ماله انتظره ) ولا يصم ؛ لأنه واجد ، وفارق متمتعا له مال ببلده بأن القدرة فيه اعتبرت بمكة ؛ لأنها محل نسكه الموجب للدم فلم ينظروا لغيرها وهنا اعتبرت مطلقا فلم يفرقوا هذا بين غيبة ماله لمسافة القصر وأقل ، وبحث البلقيني تقييده بدونها بخلاف من عليها ؛ لأنه عد معسرا في الزكاة . وفسخ الزوجة والبائع مردود بأنه إنما عد كذلك ثم للضرورة ولا ضرورة ، بل ولا حاجة هنا إلى التعجيل ؛ لأنها واجبة على التراخي أي : أصالة ، وحيث لم يأثم بالحلف وإلا لزمه الحنث والكفارة فورا كما هو ظاهر .


حاشية ابن قاسم

[ ص: 16 ] فصل )

يتخير في كفارة اليمين بين عتق كالظهار إلخ ( قوله : بين عتق كالظهار وإطعام عشرة مساكين كل مسكين مد حب إلخ ) في مختصر الكفاية لابن النقيب فرع هل يجب إخراج الكفارة على الفور قال [ ص: 17 ] في التتمة إن كان الحنث معصية فنعم وإلا فلا . وقال القفال كل كفارة وجبت بغير عدوان فهي على التراخي لا محالة ، وإن وجبت بعدوان ففي الفور وجهان وتبعه الغزالي وقال الرافعي في الوصية : إن الموصي يعتق على [ ص: 18 ] الطفل كفارة القتل قال : وفيه وجه في التتمة فإنها ليست على الفور قال ابن الرفعة المشهور أن الكفارات والنذور ليست على الفور وهل للإمام المطالبة بها وجهان ا هـ .

( قوله : وإلا لزمه الحنث والكفارة فورا ) هل ينتظر ماله الغائب هنا أيضا ويغتفر عدم الفور حينئذ

حاشية الشرواني

( فصل )

في بيان كفارة اليمين ( قوله : في بيان ) إلى قوله : أي بلد المكفر في النهاية إلا قوله : كاملة . ( قول المتن يتخير إلخ ) في مختصر الكفاية لابن النقيب فرع هل يجب إخراج الكفارة على الفور قال : في التتمة إن كان الحنث معصية فنعم وإلا فلا وقال القفال : كل كفارة وجبت بغير عدوان فهي على التراخي لا محالة ، وإن وجبت بعدوان ففي الفور وجهان وتبعه الغزالي انتهى ا هـ . سم وما في التتمة ذكر الشارح ما يوافقه في كفارة القتل وسيذكره قبيل قول المصنف ولا يكفر عبد بمال . ( قوله الرشيد ) لم يذكر المصنف ما يؤخذ من هذا القيد ، لكن ذكر الشارح في شرح ولا يكفر عبد إلخ أن المحجور عليه بسفه أو فلس في حكم العبد ، وقوله : الحر أخذ هذا القيد من قول المصنف ولا يكفر عبد بمال ا هـ ع ش . ( قول المتن بين عتق إلخ ) فإذا أتى بجميع الخصال أثيب على أعلاها ثواب الواجب ، وإن تركها كلها عوقب على أدناها ، وإن أتى بجميعها مع اعتقاد وجوبها أجزأ واحد منها على المعتمد ، وإن كان يحرم عليه اعتقاده ع ش وبجيرمي . ( قوله : أي كعتق إلخ ) عبارة شيخ الإسلام والنهاية أي كإعتاق عن كفارته وهو إعتاق رقبة إلخ . ( قوله : بأن تكون إلخ ) الأولى التذكير بإرجاع الضمير إلى المعتق . ( قوله : أو الكسب ) هو في النهاية والمغني بالواو . ( قوله : أو بانت ) أي : بأن أعتقه على ظن موته فبان حيا فيجزئ اعتبارا بما في نفس الأمر ، وقياسه أنه لو دفع في الكفارة ما يظنه ملك غيره فبان ملكه أو دفع لطائفة يظنها غير مستحقة للكفارة فبان خلافه أجزأه ذلك ا هـ ع ش .

( قوله : كما مر ) أي : في الظهار عبارته هناك وآبق ومغصوب وغائب علمت حياتهم أو بانت ، وإن جهلت حالة العتق ا هـ . ( قوله : أفضلها ) أي : خصالها ( قوله : فيه ) أي زمن الغلاء ( قول المتن وإطعام عشرة مساكين إلخ ) ولو كان عليه كفارات جاز إعطاء ما وجب فيها لعشرة مساكين فيدفع لكل واحد أمدادا بعددها ا هـ ع ش . ( قول المتن كل مسكين ) بالجر بدل من عشرة إلخ ، وقوله : موجب مفعول لإطعام إلخ ا هـ بجيرمي . ( قوله : أي بلد المكفر ) إلى قوله : نعم عقبه النهاية بما نصه كذا قيل والأوجه اعتبار بلد الآذن كالفطرة ا هـ . وفي المغني ما يوافقها ( قوله : أي بلد المكفر ) أي المخرج للكفارة ، وإن كان غير الحالف أخذا مما يأتي ا هـ ع ش .

( قوله : فلو أذن ) أي : الحالف ( قوله : اعتبر بلده ) أي المأذون ( قوله : في كثير من النسخ إلخ ) أي للمنهاج ( قوله : وقضيتها اعتبار بلد الحالف ) اختارها النهاية والمغني كما مر . ( قوله : اعتبار بلد الحالف إلخ ) أي : محل الحنث ؛ لأن العبرة ببلد المؤدي عنه ولا يتعين صرفها لفقراء تلك البلد ا هـ . بجيرمي عن الحلبي ( قوله : ما تقرر ) أي : من اعتبار بلد [ ص: 17 ] الحالف كالفطرة ( قوله : وأفهم كلامه ) إلى قول المتن ولا يجب في النهاية إلا قوله : وإن نازع فيه جمع ، وقوله : كالحب العتيق ، وقوله : لبلى ( قوله : ولا لدون عشرة ) لا يخفى ما في عطفه والمراد ولا يجوز صرف عشرة أمداد لدون عشرة مساكين ثم رأيت قال الرشيدي قوله : ولا لدون عشرة صوابه وعدم جواز صرفها لدون عشرة ا هـ . ( قوله : ذينك ) أي المد والكسوة ا هـ . رشيدي أي : أحدهما

( قوله : وإن قلت ) أي : كذراع مثلا ا هـ . ع ش ( قوله : منديل اليد ) بكسر الميم . ( قوله : أو مقنعة ) بكسر الميم ما تقنع به المرأة رأسها ا هـ . قاموس وفسرها ع ش بطرحة فليراجع . ( قوله : أو الكم ) انظر ما المراد من المنديل المحمول في الكم عبارة الحلبي قوله : أو منديل أي منديل الفقيه وهو شاله يوضع على كتفه أو ما يجعل في اليد كالمنشفة الكبيرة ا هـ . ( قوله : فإن اعتيدت ) أي : الجلود أي لبسها ( قوله : أجزأت ) ويجزئ فرو ولبد اعتيد في البلد لبسهما ا هـ . مغني ( قوله : فمن الأول ) أي : ما لا يسمى كسوة ا هـ ع ش . ( قوله : من نحو حديد ) أي : بخلاف درع من صوف ونحوه وهو قميص لا كم له فيكفي ا هـ مغني .

( قوله : ومداس ) وهو المكعب ا هـ مغني ( قوله : وتبان لا يصل إلخ ) عبارة المختار والتبان بالضم والتشديد سروال صغير مقدار شبر يستر العورة المغلظة ، وقد يكون للملاحين انتهى ا هـ ع ش . ( قوله : وهميان ) اسم لكيس الدراهم ا هـ . ع ش ( قوله : أعطاه للعشرة قبل تقطيعه إلخ ) بخلاف ما لو قطعه قطعا قطعا ثم دفعه إليهم قاله الماوردي وهو محمول على قطعة تسمى كسوة ا هـ مغني . ( قوله ووقع لشيخنا إلخ ) عبارة النهاية وعرقية وقول الشيخ في شرح منهجه بإجزائها محمول على شيء آخر يجعل فوق رأس النساء يقال له عرقية أو على ما يجعل على الدابة تحت السرج ونحوه ا هـ .

( قوله : وأجيب إلخ ) عبارة المغني وحمله شيخي على التي تجعل تحت البرذعة وهو وإن كان بعيدا أولى من مخالفته للأصحاب ا هـ . ( قوله : تطلق على ثوب إلخ ) قد يقال الواجب كسوة المساكين كما يدل عليه قوله تعالى { : أو كسوتهم ، } لا كسوة دوابهم تأمل ا هـ بجيرمي . ( قوله ويرشد إليه قرنه إلخ ) انظر ما وجه الإرشاد . ( قوله : وأفهم ) إلى قوله وقضيته في المغني إلا قوله : كونه مخيطا إلى المتن ، وقوله : وإن نازع فيه جمع . ( قوله : كونه ) أي : ما يسمى كسوة ( قوله : أن يعرفهم به ) أي : بكونه متنجسا ( قوله وقضيته أن كل من إلخ ) معتمد ا هـ ع ش . ( قوله : غير معفو عنه ) قضيته أنه لا يجب عليه إعلامه ، وقد يتوقف فيه ؛ لأنه ربما ضمخه بما يسلب العفو ا هـ رشيدي

( قوله : أي عنده ) أي : المصلي ( قوله : ولا يعد لستر إلخ ) انظره مع قوله : المار ولا ساترا للعورة ا هـ رشيدي . ( قوله : لستر عورة صغير ) بالإضافة . ( قوله : أي ملبوس ) إلى قوله وصح في المغني إلا قوله : ومرقع لبلي ، وقوله : أي وإن اعتيد كما هو ظاهر . ( قوله : بخلاف ما إذا ذهبت قوته ) أي : بحيث صار منسحقا لم يجز ولا بد مع بقاء قوته من كونه غير متخرق ا هـ مغني . ( قوله : كالمهلهل ) الكاف فيه للتنظير ا هـ رشيدي .

( قوله : لا يقوى إلخ ) عبارة المغني لا يدوم إلا بقدر ما يدوم لبس الثوب البالي ا هـ . ( قوله ومرقع ) معطوف على ما من قوله : ما ذهبت ا هـ رشيدي . ( قوله : ومنسوج إلخ ) عبارة المغني ولا يجزئ نجس العين من الثياب ويندب أن يكون الثوب جديدا خاما أو مقصورا لآية { : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } ا هـ . ( قوله : بالطريق السابق ) أي : بأن لم [ ص: 18 ] يملك زيادة على كفاية العمر الغالب ما يخرجه في الكفارة ا هـ ع ش . ( قوله : إذ هي مخيرة ابتداء إلخ ) بمعنى أنه إن قدر على الثلاثة تخير بينها أو على اثنين تخير بينهما أو على خصلة منها تعينت فإن عجز عن جميعها صام ا هـ ع ش .

( قوله وهو ظاهر في النسخ ) أي : حكما وتلاوة نهاية ومغني . ( قوله : بما أطال الأولون إلخ ) أي : القائلون بعدم وجوب التتابع . ( قوله : لأنه واجد ) إلى قوله : بأنه إنما عد في المغني وإلى الفرع في النهاية إلا قوله : أو حيث إلى المتن . ( قوله : فلم يفرقوا إلخ ) تفسير لمطلقا . ( قوله : تقييده ) أي : وجوب الانتظار بدونها أي : مسافة القصر . ( قوله : لأنه ) أي : من على مسافة القصر ( قوله : وإلا ) أي كأن حلف أن لا يصلي الظهر مثلا . ( قوله وإلا لزمه الحنث إلخ ) هل ينتظر ماله الغائب هنا أيضا ويغتفر عدم الفور حينئذ ا هـ . سم

التالي السابق


الخدمات العلمية