صفحة جزء
( وتتعين الفاتحة كل ) قيام من قيامات الكسوف الأربعة وكل ( ركعة ) كما جاء عن نيف وعشرين صحابيا وللخبر المتفق عليه { لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب } الظاهر في نفي الحقيقة لا كمالها للخبر الصحيح كما قاله أئمة حفاظ { لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها بأم القرآن } ، ونفي الإجزاء وإن لم يفد الفساد على الخلاف الشهير في الأصول [ ص: 35 ] لكن محله فيما لم تنف فيه العبادة لنفي بعضها وبفرض عدم هذا فالدليل على استعماله في الواجب الخبر الصحيح أيضا { أنه صلى الله عليه وسلم قال للمسيء في صلاته إذا استقبلت القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن ثم اصنع ذلك في كل ركعة } وصح أيضا { أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها في كل ركعة } ومر خبر { صلوا كما رأيتموني أصلي } وصح أنه نهى المؤتمين به عن القراءة خلفه إلا بأم القرآن حيث قال { لعلكم تقرءون خلفي قلنا نعم قال لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها } ( إلا ركعة مسبوق ) فلا تتعين فيها لأنها وإن وجبت عليه يتحملها الإمام عنه بشرطه كما يأتي فلا اعتراض على عبارته خلافا لمن ظنه زاعما أن ظاهرها عدم وجوبها عليه بالكلية وذلك لأن المتبادر من تعين الشيء عدم قبوله لتحمل قبوله لذلك وقد يتصور ذلك في كل الصلاة لسبقه في الأولى وتخلفه عن الإمام بنحو زحمة أو نسيان أو بطء حركة فلم يقم في كل مما بعدها إلا والإمام راكع .


حاشية ابن قاسم

( قوله كل ركعة ) .

( فرع ) نذر قراءة الفاتحة كلما عطس فعطس في الصلاة في محل القراءة بعد قراءتها لزمه قراءتها أيضا ( قوله على الخلاف الشهير في الأصول ) قال في جمع الجوامع قبيل العام ، وقيل إن نفى عنه القبول أي نفى عن الشيء يفيد الصحة ، وقيل بل النفي دليل الفساد ونفي الإجزاء كنفي القبول ، وقيل أولى بالفساد ا هـ . وقوله كنفي القبول قال في شرحه في أنه يفيد الفساد أو الصحة قولان بناء للأول على أن الإجزاء الكفاية في سقوط الطلب وهو الراجح وللثاني على أنه إسقاط القضاء فإن ما لا يسقطه بأن يحتاج إلى الفعل ثانيا قد يصح كصلاة فاقد الطهورين ثم قال وفي الثاني أي وعلى الفساد في الثاني حديث الدارقطني وغيره { لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها بأم [ ص: 35 ] القرآن } ا هـ . ( قوله فيما لم تنف فيه العبادة ) كان المراد إجزاءها وقوله لنفي بعضها قد يقال هذا يتوقف على كون الفاتحة بعضا من الصلاة وهو أول المسألة إلا أن يقال كونها بعضا في الجملة محل اتفاق إذ لا نزاع لأحد في أنها تكون من الصلاة بأن قرئت فيها ولا في ثبوت قراءته عليه الصلاة والسلام إياها في الصلاة وإنما الخلاف في أن بعضيتها على وجه توقف الحقيقة عليها أو لا فليتأمل . ( قوله قبوله لذلك ) قد يقال خصوص [ ص: 36 ] هذا القبول لا يفهم من عدم التعين فضلا عن تبادره منه ، والمفهوم مجرد جواز الترك

حاشية الشرواني

قول المتن ( وتتعين الفاتحة ) أي قراءتها حفظا أو نظرا في مصحف أو تلقينا أو نحو ذلك وقوله كل ركعة أي في قيامها أو بدله للمنفرد وغيره سرية كانت الصلاة أم جهرية فرضا أم نفلا مغني زاد النهاية وقد يجب تكرير الفاتحة في الركعة الواحدة أربع مرات فأكثر كأن نذر أن يقرأ الفاتحة كلما عطس فعطس في صلاته فإن كان في غير القيام وجب عليه أن يقرأ إذا فرغ من الصلاة وإن كان في القيام وجب عليه أن يقرأ حالا لأن تكرير الفاتحة لا يضر كما ذكره القاضي حسين في فتاويه ا هـ قال ع ش قوله م ر أن يقرأ إذا فرغ إلخ ينبغي أن المعنى أنه يعذر في التأخير إلى فراغ الصلاة فلو خالف وقرأ في الركوع أو غيره اعتد بقراءته وقوله م ر وجب عليه إلخ ينبغي أن محل ذلك في المأموم ما لم يعارضه ركوع الإمام فإن عارضه فينبغي أن يتابعه ويتدارك بعد وقوله م ر حالا ظاهر إن عطس بعد فراغ القراءة الواجبة وإلا فينبغي أن يكمل الفاتحة عن القراءة الواجبة ثم يأتي بها عن النذر إن أمن ركوع الإمام كما تقدم وإلا أخرها إلى تمام الصلاة وبقي ما لو عرض له ذلك وهو جنب هل يقرأ وهو جنب أو يؤخر القراءة إلى أن يغتسل ويكون ذلك عذرا في التأخير فيه نظر والأقرب الثاني حتى لو نذر أن يقرأ عقب العطاس كان محمولا على عدم المانع وبقي أيضا ما لو عطس قبل الشروع في القراءة فهل يشترط لوقوع القراءة عن الواجب القصد لأن طلبها للعطاس صارف عن وقوعها عن الواجب أم لا فإذا قرأها مرتين وقعت إحداهما عن الركن والأخرى عن النذر وإن لم يعين ما لكل والأقرب الأول لأنه حيث لم يقصد وقعت القراءة لغوا وأما لو اقتصر على مرة واحدة من غير قصد وركع فإنه تبطل صلاته ع ش .

( قوله كل قيام ) إلى قوله فلا اعتراض في النهاية والمغني إلا قوله ونفي الإجزاء إلى أنه صلى الله عليه وسلم ( قوله وللخبر المتفق عليه إلخ ) وأما خبر { من صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة } فضعيف عند الحفاظ كما بينه الدارقطني وغيره نهاية ( قوله على الخلاف الشهير إلخ ) قال في جمع الجوامع وشرحه ونفي الإجزاء كنفي القبول أي في أنه يفيد الفساد أو الصحة قولان بناء للأول على أن الإجزاء الكفاية في سقوط الطلب وهو الراجح وللثاني على أنه إسقاط القضاء فإن ما لا يسقطه بأن يحتاج إلى الفعل ثانيا قد يصح كصلاة فاقد الطهورين انتهى ا هـ سم [ ص: 35 ] قوله لكن محله ) أي محل عدم الإفادة أو محل الخلاف ( قوله لم تنف فيه العبادة ) كأن المراد إجزاؤها سم ( قوله لنفي بعضها ) قد يقال هذا يتوقف على كون الفاتحة بعضا من الصلاة وهو أول المسألة إلا أن يقال كونها بعضا في الجملة محل اتفاق إذ لا نزاع لأحد في أنها تكون من الصلاة بأن قرئت فيها ولا في ثبوت قراءته عليه الصلاة والسلام إياها في الصلاة وإنما الخلاف في أن بعضيتها على وجه توقف الحقيقة عليها أو لا فليتأمل سم ( قوله ويفرض عدم هذا ) أي قوله محله إلخ ( قوله على استعماله ) أي نفي الإجزاء ( قوله وصح أنه إلخ ) وأما قوله تعالى { فاقرءوا ما تيسر منه } فوارد في قيام الليل أو محمول كخبر { ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن } على الفاتحة أو على العاجز عنها جمعا بين الأدلة مغني زاد النهاية وخبر مسلم { وإذا قرأ فأنصتوا } محمول على السورة لحديث عبادة وغيره أي { أنه صلى الله عليه وسلم نهى المؤتمين } إلخ ودل على أن محلها القيام فلا تجزئ في الركوع ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا } ا هـ .

( قوله كما يأتي ) أي في صلاة الجماعة مغني ( قوله قال لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب إلخ ) هذا دليل دخول المأموم في عموم الأحاديث المتقدمة نهاية ( قوله لمن ظنه إلخ ) عبارة المغني وظاهر كلامه عدم لزوم المسبوق الفاتحة وهو وجه والأصح أنها وجبت عليه وتحملها عنه الإمام وتظهر فائدة الخلاف فيما لو بان إمامه محدثا أو في خامسة أن الركعة لا تحسب له لأن الإمام ليس أهلا للتحمل فلعل المراد أن تعينها لا يستقر عليه لتحمل الإمام لها عنه ا هـ .

( قوله وذلك ) أي عدم ورود الاعتراض ( قوله لتحمل الغير ) صلة قبوله ( قوله قبوله لذلك ) قد يقال خصوص هذا القبول لا يفهم من عدم التعين فضلا عن تبادره منه والمفهوم مجرد جواز الترك سم ( قوله وقد يتصور ) إلى قوله لأنها نزلت في المغني إلا قوله وفيه أصرح إلى ولا يكفر وقوله لا بيقيني إلى والأصح وكذا في النهاية إلا قوله وإثبات إلى ولقوة .

( قوله وقد يتصور ذلك إلخ ) أي سقوط الفاتحة في الركعات الأربع شرح بافضل ( قوله بنحو زحمة إلخ ) أي بأن أدرك الإمام في ركوع الأولى فسقطت عنه الفاتحة لكونه مسبوقا ثم حصل له زحمة عن السجود فيها فتمكن منه قبل أن يركع الإمام في الثانية فأتى به ثم قام من السجود ووجده راكعا في الثانية وهكذا تأمل زيادي ا هـ ع ش ( قوله أو نسيان ) أي للصلاة أو قراءة الفاتحة أو للشك فيها ( قوله أو بطء حركة ) أي أو قراءة ( قوله مما بعدها ) أي بعد الركعة الأولى

( قوله راكع ) أي أو هاو للركوع ولو نوى مفارقة إمامه بعد الركعة الأولى ثم اقتدى بإمام راكع وقصد بذلك إسقاط الفاتحة عنه صحت في أوجه احتمالين كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى واستقر رأيه عليه آخرا نهاية ومثله ما لو فعل ذلك في بقية الركعات ع ش

التالي السابق


الخدمات العلمية