صفحة جزء
( والمذهب أنه لا ينعزل قبل بلوغه خبر عزله ) لعظم الضرر في نقض أقضيته لو انعزل . ومر الفرق بينه وبين الوكيل في بابه . ومن علم عزله لم ينفذ حكمه له إلا إن يرضى بحكمه فيما يجوز التحكيم فيه لعلمه أنه غير حاكم باطنا ذكره الماوردي . وإنما يتجه إن صح ما قاله أنه غير حاكم باطنا ، أما على ما اقتضاه كلامهم أنه قبل أن يبلغه خبر عزله باق على ولايته ظاهرا وباطنا فلا يصح ما قاله ؛ ألا ترى أنه لو تصرف بعد العزل وقبل بلوغ الخبر بتزويج من لا ولي لها مثلا لم يلزم الزوج باطنا ولا ظاهرا انعزالها ، فإن قلت : الماوردي يخص عدم نفوذه باطنا بحالة علم الخصم لا مطلقا قلت : هو حينئذ بالتحكم أشبه فلا يقبل ؛ لما تقرر أن من بلغه ذلك معتقده أن ولايته باقية قبل بلوغه هو خبر العزل . وبحث الأذرعي الاكتفاء في العزل بخبر واحد مقبول الرواية ، والقياس ما قاله الزركشي أنه لا بد من عدلي الشهادة ، أو الاستفاضة كالتولية . لا يقال يتعين على من علم عزله ، أو ظنه أن يعمل باطنا بمقتضى علمه أو ظنه كما هو قياس نظائره ؛ لأنا نقول : إنما يتجه ذلك إن قلنا بعزله باطنا قبل أن يبلغه خبره ، وقد تقرر أن الوجه خلافه .

ولا يكفي كتاب مجرد ، وإن حفته قرائن يبعد التزوير بمثلها كما يصرح به كلامهم ، ولا قول إنسان : وليت ، نعم الوجه أنه إن صدقه المدعي و المدعى عليه نفذ حكمه لهما وعليهما كالمحكم بل أولى ، بخلاف ما إذا صدقه أحدهما ، أو صدقه أهل الحل ، والعقد ؛ لأن تصديقهم لا يثبت تولية عامة بخلاف توليتهم فيما قدمته قبيل قوله : وشرط القاضي ؛ لأن ذاك جوزت للضرورة فتقدرت بقدرها ولزم عمومها ، ولا كذلك مجرد تصديقهم له . وعلى هذا التفصيل يحمل اختلافهم في أن التصديق هل يفيد أولا بحث البلقيني أنه إذا انعزل لم تنعزل [ ص: 123 ] نوابه حتى يبلغهم خبر عزله كما ذكروا أنه يستحق معلومه ؛ لأن بقاء نوابه كبقائه ، وأن نائبه إذا بلغه خبر عزل أصله لم ينعزل لبقاء ولاية أصله ونظر فيه غير واحد ، والنظر في الثانية واضح ؛ لأن القياس يقتضي انعزالهم وإنما اغتفر للضرورة فليتقدر بقدرها في عدم انعزالهم بالنسبة للأحكام لا بالنسبة لبقاء ولايته ببقاء ولايتهم ، وفي الثالثة إنما يتجه على ما قدمناه لا على ما مر عن الماوردي . ويظهر أن العبرة في بلوغ خبر العزل للنائب بمذهبه لا بمذهب منوبه .


حاشية ابن قاسم

( قوله : فلا يصح ما قاله ألا ترى أنه لو تصرف بعد العزل ) كتب على فلا يصح م ر . ( قوله : والقياس ما قاله الزركشي إنه لا بد من عدلي الشهادة ) كتب عليه [ ص: 123 ] م ر وقوله : وبحث البلقيني أنه إذا انعزل لم ينعزل نوابه حتى يبلغهم إلخ كتب عليه م ر وقوله : لأن القياس يقتضي انعزالهم كتب عليه م ر وقوله : ويظهر أن العبرة في بلوغ خبر العزل للنائب بمذهبه لا بمذهب منوبه كتب عليه م ر .

حاشية الشرواني

( قوله : لعظم الضرر ) إلى قوله : وإنما يتجه في المغني وإلى قوله : ألا ترى في النهاية . ( قوله : ومن علم إلخ ) أي : والخصم الذي علم إلخ ( قوله : لعلمه ) علة لما قبل الاستثناء . ( قوله : ذكره الماوردي ) ضعيف . ا هـ . ع ش ( قوله : وإنما يتجه إلخ ) عبارة النهاية ، والأوجه خلافه ؛ إذ علم الخصم بعزل القاضي لا يخرجه عن كونه قاضيا . ا هـ . ( قوله : هو ) أي : ما ذكره الماوردي حينئذ أي : حين التخصيص بالتحكم أشبه يمكن منعه وقوله : فلا يقبل أي قول الماوردي . ( قوله : أن من بلغه إلخ ) أي : من الخصوم ( قوله : معتقده ) بفتح القاف مبتدأ وقوله : إن ولايته باقية خبره ، والجملة خبر أن . ( قوله : وبحث الأذرعي الاكتفاء بخبر واحد إلخ ) هذا هو الظاهر ، ويفرق بين التولية ، والعزل بأن التولية فيها إقدام على الأحكام فيحتاط لها ، والعزل فيه توقف عنها وهو أحوط . ا هـ . مغني . ( قوله : ما قاله الزركشي أنه لا بد إلخ ) جزم به النهاية . ( قوله : لا يقال ) إلى قوله : ولا يكفي كالمكرر مع قوله ، فإن قلت إلى قوله : وبحث إلخ فإنه يغني عن هذا وعلى فرض عدم الإغناء فكان حقه أن يقدم على قوله : وبحث الأذرعي إلخ . ( قوله : ولا يكفي كتاب مجرد إلخ ) في الأصح فيهما . ا هـ . مغني أي العزل ، والتولية . ( قوله : وليت ) ببناء المفعول [ ص: 123 ] قوله : كما ذكر ) أي : بعدلي الشهادة ، أو الاستفاضة . ( قوله : ونظر فيه إلخ ) عبارة النهاية ولو بلغ الخبر المستنيب دون النائب ، أو بالعكس انعزل من بلغه ذلك دون غيره خلافا للبلقيني . ا هـ . وعبارة المغني بعد سوق كلام البلقيني المذكور نصها : وما قاله ظاهر في الأول ممنوع في العكس أي : فيما لو بلغ النائب قبل أصله ؛ لأن النائب داخل في عموم كلام الأصحاب حتى يبلغه الخبر ، والنائب قاض فينعزل ببلوغ الخبر كما جرى عليه شيخنا في بعض كتبه ولو ولى السلطان قاضيا ببلد فحكم ذلك القاضي ولم يعلم أن السلطان ولاه قال الزركشي : فيحتمل أن ينفذ حكمه كما لو وكل وكيلا ببيع شيء فتصرف الوكيل وباعه ، ثم علم بالوكالة . ا هـ . و الظاهر عدم نفوذ حكمه لاشتراط القبول من القاضي وأخذ مما بحثه في قاض أقدم على تزويج امرأة يعتقد أنها في غير ولايته ، ثم ظهر أنها بمحل ولايته من أنه لا يصح قال : لأنه بالإقدام يفسق ويخرج عن الولاية . ا هـ .

( قوله : في الثانية ) أي : مسألة استمرار ما رتب للقاضي ما لم يبلغ خبر عزله لنوابه . ( قوله : وإنما اغتفر ) أي : عدم انعزالهم . ( قوله : لبقاء ولايته ) الأنسب لبقاء استحقاقه المعلوم . ( قوله : إنما يتجه على ما قدمناه لا على ما مر إلخ ) فيه نظر بل الظاهر العكس كما يفيده قول ع ش على ما مر آنفا عن النهاية ما نصه قوله انعزل من بلغه ذلك إلخ هذا ظاهر إن قلنا بكلام الماوردي فيما لو بلغ الخصم عزل القاضي ولم يبلغ القاضي ، أما على ما استوجهه من نفوذ الحكم على الخصم وله لعدم انعزال القاضي ففيه نظر . ا هـ . ( قوله : ويظهر ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله : أي : القاضي إلى المتن .

التالي السابق


الخدمات العلمية