صفحة جزء
( ويبحث ) بالرفع ( القاضي ) ندبا ( عن حال علماء البلد ) ، أي : محل ولايته ( وعدوله ) إن لم يعرفهم قبل دخوله ، فإن تعسر فعقبه ليعاملهم بما يليق بهم ( ويدخل ) وعليه عمامة سوداء " كما فعل صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة يوم الفتح " . والأولى دخوله ( يوم الاثنين ) صبيحته " ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم دخل المدينة فيه حين اشتد الضحى " ، فإن تعسر فالخميس فالسبت وصح خبر { اللهم بارك لأمتي في بكورها } ، ومن ثم قال المصنف [ ص: 131 ] ينبغي تحريها بفعل وظائف الدين ، والدنيا فيها ، وعقب دخوله يقصد الجامع فيصلي ركعتين ، ثم يأمر بعهده ليقرأ ، ثم بالنداء من كانت له حاجة ؛ ليأخذ في العمل ويستحق الرزق . وقضيته أنه لا يستحقه من حين التولية وبه صرح الماوردي ( وينزل ) حيث لا موضع مهيأ للقضاء ( وسط ) بفتح السين على الأشهر ( البلد ) ليتساوى الناس في القرب منه ( وينظر أولا ) ندبا بعد أن يتسلم من الأول ديوان الحكم ، وهو الأوراق المتعلقة بالناس ، وأن ينادي في البلد متكررا أن القاضي يريد النظر في المحابيس يوم كذا فمن كان له محبوس فليحضر . ( في أهل الحبس ) حيث لا أحوج بالنظر منهم هل يستحقونه ، أو لا ؟ لأنه عذاب ، ويقرع في البداءة فمن قرع أحضر خصمه ويفصل بينهما وهكذا ( فمن قال : حبست بحق أدامه ) إلى أدائه ، أو ثبوت إعساره وبعده ينادي عليه لاحتمال ظهور غريم آخر ثم يطلقه ، أو إلى استيفاء حد حبس له ، أو إلى ما يناسب جريمة مغزر إن لم ير ما مضى كافيا ( أو ) قال : حبست ( ظلما فعلى خصمه حجة ) إن حضر ، فإن أقامها أدامه [ ص: 132 ] وإلا حلفه وأطلقه من غير كفيل ، إلا أن يراه فحسن . ونازع فيه البلقيني وأطال في أن الحجة إنما هي على المحبوس ؛ إذ الظاهر أنه إنما حبس بحق ( فإن كان ) خصمه ( غائبا ) عن البلد ( كتب إليه ليحضر ) لفصل الخصومة بينهما أو يوكل ؛ لأن القصد إعلامه ليلحن بحجته ، فإن علم ولم يحضر ، ولا وكل حلف وأطلق ؛ لتقصير الغائب . ونازع فيه وأطال أيضا ( ثم ) في ( الأوصياء ) وكل متصرف على الغير بعد ثبوت ولايتهم عنده ؛ لأن ذا المال لا يملك المطالبة بماله فناب القاضي عنه ؛ لأنه وليه العام إن كان ببلده ، وإن كان ماله ببلد آخر ؛ لما مر أن الولاية العامة لصاحب بلد المالك .


حاشية ابن قاسم

( قوله : بالرفع ) كأنه احتراز عن الجزم بالعطف على ليكتب ، لكن ما المانع . ( قوله : ليتساوى ) الناس في القرب منه كأن المراد تساوي كل مع نظيره فأهل أطراف البلد يتساوون ، وكذا من يليهم وهكذا ، وإلا فأهل الأطراف مثلا لا يتساوون مع من قرب من الوسط مثلا ، ومع ذلك ففيه نظر ؛ لأنه لو نزل طرف البلد لتساوى كل من نظيره فليتأمل فقد يجاب بأن جميع أهل الأطراف لا يتساوون حينئذ في القرب . ( قوله : أيضا [ ص: 131 ] ليتساوى الناس في القرب منه ) قال الزركشي : وكأنه حيث اتسعت خطته ، وإلا نزل حيث تيسر ش روض . ( قوله : وبعده ) شامل لثبوت الإعسار وعبارة الروض وشرحه : فمن اعترف منهم بحق طولب به ، وإن أوفى [ ص: 132 ] الحق أو ثبت إعساره كما ذكره الأصل نودي عليه فلعل له غريما آخر م ر .

حاشية الشرواني

( قوله : بالرفع ) إلى قول المتن : ثم الأوصياء في المغني إلا قوله : وصح إلى قال المصنف : وما سأنبه عليه وقوله : إلا أن يراه فحسن ( قوله : بالرفع ) كأنه احتراز عن الجزم بالعطف على ليكتب ، لكن ما المانع . ا هـ . سم كقوله الآتي : ليعاملهم إلخ . ( قوله : قبل دخوله ) متعلق ببحث . ا هـ . رشيدي . ( قوله : فإن تعسر إلخ ) عبارة الأسنى فيسأل عن ذلك قبل الخروج ، فإن تعسر ففي الطريق ، فإن تعسر يدخل . ا هـ . زاد المغني ( تنبيه ) يندب إذا ولي أن يدعو أصدقاءه الأمناء ليعلموا عيوبه ليسعى في زوالها كما ذكره الرافعي . ا هـ . ( قوله : وعليه عمامة سوداء إلخ ) فيه إشارة إلى أن هذا الدين لا يتغير ؛ لأن سائر الألوان يمكن تغيرها بخلاف السواد . ا هـ . ع ش . ( قوله : فيه ) أي : يوم الاثنين . ( قوله : وصح إلخ ) تعليل لقوله : صبيحته . ( قوله : ينبغي إلخ ) عبارة المغني قال المصنف : ويستحب لمن كان له وظيفة من وظائف الخير كقراءة قرآن ، أو حديث ، أو ذكر أو صنعة من الصنائع ، أو عمل من الأعمال أن يفعل ذلك أول النهار إن أمكنه [ ص: 131 ] وكذلك من أراد سفرا ، أو إنشاء أمر كعقد النكاح ، أو غيره ذلك من الأمور . ا هـ . ( قوله : تحريها ) أي : البكور . ا هـ . ع ش وكذا ضمير فيها . ( قوله : ثم يأمر بعهده إلخ ) عبارة الروض مع شرحه ، ثم إن شاء قرأ العهد فورا ، وإن شاء واعد الناس ليوم يحضرون فيه ليقرأه عليهم ، وإن كان معه شهود شهدوا ، ثم انصرف إلى منزله . ا هـ . ( قوله : من كانت له حاجة ) أي : فليحضر ( قوله : وبه صرح الماوردي ) عبارة المغني قال ابن شهبة : وقد صرح الماوردي بذلك فقال : لا يستحق قبل الوصول إلى عمله فإذا وصل ونظر استحق ، وإن وصل ولم ينظر فإن تصدى للنظر استحق ، وإن لم ينظر كالأجير إذا سلم نفسه ، وإن لم يتصد لم يستحق انتهت ويظهر أن مثل القضاء في ذلك بقية الوظائف كالتدريس ونحوه . ا هـ . سيد عمر .

( قول المتن : وينزل وسط البلد ) قد يؤخذ من هذا مع تعليله أن كل من يعم الحاجة إليه يندب له ذلك كالمفتي ، والطبيب . وهذا فرع نفيس قلته تخريجا ، وإن لم أر من نبه عليه . ا هـ . سيد عمر . ( قوله : وينزل حيث لا موضع إلخ ) هذا إذا اتسعت خطته كما قاله الزركشي ، وإلا نزل حيث تيسر مغني وأسنى ( قوله : ليتساوى في القرب منه ) كأن المراد تساوي كل من نظيره فأهل أطراف البلد يتساوون وكذا من يليهم وهكذا وإلا فأهل الأطراف مثلا لا يتساوون مع من قرب من الوسط مثلا . ا هـ . سم وحاصله التساوي بقدر الإمكان . ( قوله : ندبا ) كما صرح به الرافعي ، لكن نقل ابن الرفعة عن الإمام أنه واجب وأقره ، والأولى أن يقال : ما دعت إليه مصلحة وجب تقديمه كما يؤخذ مما يأتي . ا هـ . مغني . ( قوله : من الأول ) أي : القاضي الأول . ( قوله : وهو من الأوراق إلخ ) عبارة المغني ، والروض مع شرحه وهو ما كان عند القاضي قبله من المحاضر وهي التي فيها ذكر ما جرى من غير حكم ، والسجلات وهي ما يشتمل على الحكم وحجج الأيتام وأموالهم ونحو ذلك من الحجج المودعة في الديوان كحجج الأوقاف . ( قوله : وأن ينادي ) معطوف على أن يتسلم . ا هـ . رشيدي . ( قوله : متكررا ) عبارة المغني وأن يأمر مناديا ينادي يوما ، أو أكثر على حسب الحاجة . ا هـ .

( قول المتن : في أهل الحبس ) وإنما قدم عليهم ما مر أي : من تسلم ديوان الحكم ، والنداء ؛ لأنه أهم ، ويؤخذ منه ما جزم به البلقيني أنه يقدم على البحث عنهم كل ما كان أهم منه كالنظر في المحاجير الجائعين الذين تحت نظره ، وما أشرف على الهلاك من الحيوان في التركات وغيرها ، وما أشرف من الأوقاف وأملاك محاجيره على السقوط بحيث يتعين الفور في تداركه أسنى ومغني . ( قوله : لأنه عذاب ) علة لما في المتن ( قوله : ويقرع في البداءة ) ندبا عند اجتماع الخصوم فلو حضروا مترتبين نظر وجوبا في حال كل من قدم أولا ولا ينتظر حضور غيره . ا هـ . ع ش .

( قوله : ويقرع في البداءة إلخ ) عبارة المغني ويبعث إلى الحبس أمينا من أمنائه يكتب في رقاع أسماءهم ، وما حبس به كل منهم ، ومن حبس له في رقعة فإذا جلس اليوم الموعود وحضر الناس صب تلك الرقاع بين يديه فيأخذ واحدة واحدة وينظر في الاسم المثبت فيها ويسأل عن خصمه فمن قال : أنا خصمه بعث معه ثقة إلى الحبس ليأخذ بيده ، ويخرجه . وهكذا يحضر من المحبوسين بقدر ما يعرف أن المجلس يحتمل النظر في أمرهم ويسألهم بعد اجتماعهم عن سبب حبسهم . ا هـ . ( قوله : وبعده ) شامل لثبوت الإعسار وعبارة الروض وشرحه فمن اعترف منهم بحق طولب به ، وإن أوفى الحق ، أو ثبت إعساره كما ذكره الأصل نودي عليه فلعل له غريما آخر م ر . ا هـ . سم .

( قوله : لاحتمال ظهور غريم آخر ) أي : غريم هو محبوس له أيضا ، وإلا فلا وجه للمناداة على كل غرمائه وإن لم يكن محبوسا لهم كما هو ظاهر وعبارة الروض وغيره ظاهر في ذلك . ا هـ . رشيدي . ( قوله : ثم يطلقه ) عبارة الروض مع شرحه ، والمغني ، ثم إذا لم يحضر له غريم يطلق من الحبس بلا يمين ؛ لأن الأصل عدم غريم آخر . ا هـ . وعبارة النهاية ولا يحبس حال النداء ولا يطالب بكفيل بل يراقب . ا هـ . قال ع ش : ظاهره ، وإن خيف هربه ، ويوجه بأنا لم نعلم الآن ثبوت حق عليه حتى يحبس لأجله . ا هـ .

( قوله : أو إلى استيفاء حد إلخ ) عبارة النهاية ، والمغني ، وإن كان الحق حدا أقامه عليه وأطلقه ، أو تعزيرا ورأى إطلاقه فعل . ا هـ . ( قوله : جريمة معزر ) بصيغة اسم المفعول من التعزير . ( قول المتن : فعلى خصمه حجة ) أنه حبسه ويكفي المدعي إقامة [ ص: 132 ] بينة بإثبات الحق الذي حبس به ، أو بأن القاضي المعزول حكم عليه بذلك . ا هـ . مغني . ( قوله : حلفه ) أي : المحبوس . ا هـ . رشيدي . ( قوله : ونازع فيه ) أي : في المتن . ( قوله : إنما حبس ) أي حبسه الحاكم . ا هـ . مغني . ( قول المتن : كتب إلخ ) عبارة المغني طالبه بكفيل ، أو رده إلى حبس وكتب إلخ . ( قول المتن : إليه ) قال الزركشي : إلى قاضي بلد خصمه وقال ابن المقري إلى خصمه وهو أقرب إلى قول المصنف : ليحضر . ا هـ . مغني . ( قوله : لأن القصد إعلامه ) أي : لا إلزامه بالحضور . ا هـ . مغني . ( قوله : ليلحن ) أي : يفصح وقوله : حلف أي : وجوبا . ا هـ . ع ش .

( قوله : ونازع فيه ) أي : لعل في قوله : ليلحن بحجته إلخ . ( قول المتن : ثم الأوصياء ) أي : ثم بعد النظر في أهل الحبس ينظر في حال الأوصياء على الأطفال ، والمجانين ، والسفهاء قال الماوردي : ويبدأ في الأوصياء ونحوهم بمن شاء من غير قرعة ، والفرق بينهم وبين المحبوسين أن المحابيس ينظر لهم ، والأوصياء ونحوهم ينظر عليهم . ا هـ . مغني ( قوله : وكل متصرف على الغير ) إلى قوله : وحكى شريح في النهاية إلا ما سأنبه عليه . ( قوله : وكل متصرف إلخ ) أي بولاية فليس المراد ما يشمل نحو الوكيل وعامل القراض كما لا يخفى . ا هـ . رشيدي . ( قوله : لأن ذا المال ) إلى قوله : وقيس بهما في المغني إلا قوله : وليس له كشف إلى ، ثم ينظر وقوله : وكذا ما بعده وقوله وقال إلى المتن وقوله : أو الشهود وقوله : وإن كان شهوده كلهم أعجميين . ( قوله : فناب القاضي عنه إلخ ) أي : وكان تقديمهم أولى مما بعدهم . ا هـ . مغني . ( قوله : لما مر ) أي : في باب الحجر . ( قوله : لصاحب بلد المالك ) أي : لحاكمه . ا هـ . نهاية .

التالي السابق


الخدمات العلمية