صفحة جزء
( ويباح ) بل قال في مناسكه يندب ( الحداء وسماعه ) واستماعه ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أقر فاعله بل { قال لأنجشة عبد له أسود حدا بأمهات المؤمنين يا أنجشة رويدك رفقا بالقوارير } أي : النساء رواه الشيخان وذلك أن الإبل إذا سمعته زاد سيرها وأتعبت راكبها ، والنساء يضعفن عن ذلك فشبهن بالزجاج الذي يسرع انكساره ، واستدل للندب بأخبار صحيحة وبأن فيه تنشيطها للسير ، وتنشيط النفوس وإيقاظ النوام . ا هـ .

ويتعين الجزم به إذا كان السير قربة أو الاستيقاظ كذلك ؛ لأن وسيلة القربة قربة اتفاقا ، ثم رأيت ما يأتي قريبا عن الأذرعي وهو موافق لما ذكرته وهو بضم أوله وكسره وبالدال المهملة وبالمد ما يقال خلف الإبل من رجز وغيره وهذا أولى من تفسيره بأنه تحسين الصوت الشجي بالشعر الجائز ( ويكره الغناء ) بكسر أوله وبالمد ( بلا آلة وسماعه ) يعني استماعه لا مجرد سماعه بلا قصد لما صح عن ابن مسعود ومثله لا يقال من قبل الرأي فيكون في حكم المرفوع أنه ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل وجاء مرفوعا من طرق كثيرة بينتها في كتابي كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع دعاني إليه أني رأيت تهافت كثيرين على كتاب لبعض من أدركناهم من صوفية الوقت تبع فيه خراف ابن حزم وأباطيل ابن طاهر وكذبه الشنيع في تحليل الأوتار وغيرها ولم ينظر لكونه مذموم السيرة مردود القول عند الأئمة ، ومن ثم بالغوا في تسفيهه وتضليله سيما الأذرعي في توسطه ووقع بعض ذلك أيضا للكمال الأدفوي في تأليف له في السماع ولغيره وكل ذلك يجب الكف عنه واتباع ما عليه أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم لا ما افتراه أولئك عن بعضهم [ ص: 219 ] من تحريم سائر الأوتار والمزامير وبعض أنواع الغناء وزعم أنه لا دلالة في خبر ابن مسعود على كراهته ؛ لأن بعض المباح كلبس الثياب الجميلة ينبت النفاق في القلب وليس بمكروه يرد بأنا لا نسلم أن هذا ينبت نفاقا أصلا ولئن سلمناه فالنفاق مختلف والنفاق الذي ينبته الغناء من التخنث وما يترتب عليه أقبح وأشنع كما لا يخفى وما نقل منه عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم ليس هو بصفة الغناء المعروف في هذه الأزمنة مما اشتمل على التلحينات الأنيقة والنغمات الرقيقة التي تهيج النفوس وشهواتها كما بينه الأذرعي كالقرطبي وبسطته ، ثم وقد جزم الشيخان في موضع بأنه معصية وينبغي حمله على ما فيه وصف نحو خمر أو تشبيب بأمرد أو أجنبية ونحو ذلك مما يحمل غالبا على معصية . قال الأذرعي ، أما ما اعتيد عند محاولة عمل وحمل ثقيل كحداء الأعراب لإبلهم وغناء النساء لتسكين صغارهم فلا شك في جوازه بل ربما يندب إذا نشط على سير أو رغب في خبر كالحداء في الحج والغزو وعلى نحو هذا يحمل ما جاء عن بعض الصحابة . ا هـ .

ومما يحرم اتفاقا سماعه من أمرد أو أجنبية مع خشية فتنة ، وقضية قوله بلا آلة حرمته مع الآلة . قال الزركشي : لكن القياس تحريم الآلة فقط وبقاء الغناء على الكراهة . ا هـ . ويؤيده ما مر عن الإمام في الشطرنج مع القمار ( فرع ) .

يسن تحسين الصوت بقراءة القرآن ، وأما تلحينه فإن أخرجه إلى حد لا يقول به أحد من القراء حرم وإلا فهو على المعتمد وإطلاق الجمهور كراهة القسم الأول مرادهم بها كراهة التحريم بل قال الماوردي : إن القارئ يفسق بذلك ، والمستمع يأثم به ؛ لأنه عدل به عن نهجه القويم


حاشية الشرواني

( قوله : بل قال في مناسكه يندب ) كذا في المغني . ( قوله : واستماعه ) كذا في المغني والنهاية أيضا ولك أن تقول الأولى تفسير ما في المتن لا عطفه عليه ؛ لأن ما لا صنع له فيه لا تتعلق به الأحكام فليتأمل سيد عمر أي ولذا عبر المنهج بالاستماع ، ثم قال وتعبيري بالاستماع هنا وفيما يأتي أولى من تعبيره بالسماع . ا هـ .

. ( قوله : لأنجشة ) بفتح فسكون ففتح . ( قوله : يا أنجشة إلخ ) مقول القول . ( قوله : واستدل ) إلى قوله لما صح في المغني إلا قوله : ا هـ .

إلى وهو بضم أوله وقوله وهذا إلى المتن . ( قوله : تنشيطها ) أي : الإبل . ( قوله : انتهى ) أي كلام المستدل . ( قوله : الجزم به ) أي : الندب . ( قوله : قربة ) الأولى تأخيره وإبداله عن قوله كذلك . ( قوله : وهو بضم أوله وكسره إلخ ) ويقال فيه حدو أيضا مغني . ( قوله : ما يقال ) أي : قوله : وجاء مرفوعا في النهاية . ( قوله : ما يقال خلف الإبل إلخ ) ذكر في الإحياء عن أبي بكر الدينوري أنه كان في البادية فأضافه رجل فرأى عنده عبدا أسود مقيدا فسأل عنه فقال له مولاه أنه ذو صوت طيب وكانت له عيس فحملها أحمالا ثقيلة وحداها فقطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم فلما حطت أحمالها ماتت كلها قال فشفعت فيه فشفعني ، ثم سألته أن يحدو لي فرفع صوته فسقطت لوجهي من طيب صوته حتى أشار إليه مولاه بالسكوت . ا هـ .

مغني . ( قوله : وهذا أولى من تفسيره بأنه إلخ ) لعل وجه الأولوية أن هذا التفسير يشمل الغناء الآتي ، والحال أنه ليس بمراد . ( قوله : الشجي ) أي : المطرب ( قول المتن ويكره الغناء ) قال الغزالي الغناء إن قصد به ترويح القلب على الطاعة فهو طاعة أو على المعصية فهو معصية ، وإن لم يقصد به شيء فهو لهو معفو عنه . ا هـ .

حلبي . ( قوله : وبالمد ) عبارة المغني وهو بالمد وقد يقصر وبكسر المعجمة رفع الصوت بالشعر ( فائدة ) .

الغناء من الصوت ممدود ومن المال مقصور . ا هـ .

. ( قوله : أنه ينبت النفاق إلخ ) أي من أنه ينبت إلخ أي يكون سببا لحصول النفاق في قلب من يفعله بل أو يستمعه ؛ لأن فعله واستماعه يورث منكرا واشتغالا بما يفهم منه كمحاسن النساء وغير ذلك وهذا قد يورث في فاعله ارتكاب أمور تحمل فاعله على أن يظهر خلاف ما يبطنه . ا هـ .

ع ش ولا يخفى أن ذلك إنما يتأتى في الغناء بشعر متعلق بنحو النساء بخلاف المتعلق بوصف الله أو رسوله وحبهما ونحو ذلك فإنه يرغب في الطاعة فيكون طاعة كما مر عن الغزالي ويأتي عن الأذرعي . ( قوله : وجاء إلخ ) أي ما صح عن ابن مسعود ( قوله : كف الرعاع ) بوزن السحاب مفرده رعاعة يقال هم رعاع الناس أي : الأحداث الطغام السفلة . ا هـ .

أوقيانوس . ( قوله : دعاني إليه ) أي إلى تأليف ذلك الكتاب . ( قوله : تهافت كثيرين ) أي : تسارعهم وتساقطهم . ( قوله : لبعض من أدركناهم ) إلى قوله من تحريم سائر إلخ في النهاية إلا قوله ووقع إلى ، وكل ذلك عبارته وما سمعناه من بعض صوفية الوقت تبع فيه كلام ابن حزم إلخ . ( قوله : وكذبه ) أي ابن طاهر . ( قوله : ولم ينظر ) أي ذلك البعض لكونه أي : ابن طاهر . ( قوله : بالغوا ) أي الأئمة . ( قوله : ولغيره ) أي الكمال . ( قوله : وكل ذلك ) [ ص: 219 ] أي : كلام ابن حزم وابن طاهر والكمال وغيره . ( قوله : من تحريم إلخ ) بيان لما عليه الأئمة . ( قوله : وبعض أنواع الغناء ) إنما زاد لفظة بعض لما مر ويأتي آنفا . ( قوله : ينبته الغناء ) أي بعض أنواعه . ( قوله : وما نقل منه ) أي من الغناء ( قوله : ثم ) أي في الكتاب المذكور . ( قوله : وقد جزم ) إلى قوله قال الأذرعي : عبارة النهاية وما ذكراه في موضع من حرمته محمول على لو كان من أمرد أو أجنبية وخاف من ذلك فتنة . ا هـ .

( قوله : قال الأذرعي ) إلى المتن في النهاية إلا قوله : ومما يحرم إلى وقضيته إلخ وما أنبه عليه . ( قوله : وحمل ثقيل ) بالإضافة . ( قوله : كحداء الأعراب إلخ ) لعل الأولى ومن حداء إلخ . ( قوله : صغارهم ) صوابه صغارهن رشيدي . ( قوله : في خبر إلخ ) راجع للسير أيضا . ( قوله : ومما يحرم اتفاقا إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه واستماعه بلا آلة من الأجنبية أشد كراهة فإن خيف من استماعه منها أو من أمرد فتنة حرم قطعا . ا هـ .

. ( قوله : مع خشية فتنة ) أي ولو نحو نظر محرم زيادي . ( قوله : وقضية قوله بلا آلة حرمته إلخ ) عبارة النهاية ومتى اقترن بالغناء آلة محرمة فالقياس كما قاله الزركشي تحريم الآلة إلخ ولم تتعرض لكون قضية المتن الحرمة سيد عمر وجرى الروض وشيخ الإسلام والمغني على تلك القضية فقالوا أما مع الآلة فيحرمان . ا هـ .

أي الغناء واستماعه وقد توجه بأن اجتماعهما يؤثر في تهييج النفوس وشهواتها ما لا يؤثر أحدهما على حاله كما هو ظاهر ( قوله : فرع ) إلى قوله وسنطير في المغني . ( قوله : وأما تلحينه إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه ولا بأس بالإدارة للقراءة بأن يقرأ بعض الجماعة قطعة ، ثم البعض قطعة بعدها ولا بترديد الآية للتدبر ولا باجتماع الجماعة في القراءة ولا بقراءته بالألحان إن لم يفرط فإن أفرط في المد والإشباع حتى ولد حروفا من الحركات فتولد من الفتحة ألف ومن الضمة واو ومن الكسرة ياء أو أدغم في غير موضع الإدغام أو أسقط حروفا حرم ويفسق به القارئ ، ويأثم المستمع ويسن ترتيل القراءة ، وتدبرها والبكاء عندها ، واستماع شخص حسن الصوت والمدارسة وهي أن يقرأ على غيره ويقرأ غيره عليه . ا هـ .

( قوله : حرم ) وينبغي أن يكون كبيرة كما يؤخذ من قوله بل قال الماوردي إلخ ع ش . ( قوله : والمستمع يأثم به ) أي إثم الصغيرة ع ش . ( قوله : عن نهجه القويم ) أي طريقه المستقيم ع ش

التالي السابق


الخدمات العلمية