صفحة جزء
( وأهل القرية ) مثلا ( إن كان فيهم جمع تصح ) أي تنعقد ( به الجمعة ) لجمعهم شرائط الوجوب والانعقاد الآتية بأن يكونوا أربعين كاملين مستوطنين لزمتهم الجمعة خلافا لأبي حنيفة لإطلاق الأدلة بل يحرم عليهم تعطيل محلهم من إقامتها والذهاب إليها في بلد أخرى ، وإن سمعوا النداء خلافا لجمع رأوا أنهم إذا سمعوه يتخيرون بين أي البلدين شاءوا ( أو ) ليس فيهم جمع كذلك ، ولو بأن امتنع بعض من تنعقد به منها كما هو ظاهر لكن ( بلغهم ) يعني معتدل السمع منهم إذا أصغى إليه ويعتبر كونه في محل مستو ، ولو تقديرا أي من آخر طرف [ ص: 414 ] مما يلي بلد الجمعة كما هو ظاهر ( صوت عال ) عرفا من مؤذن بلد الجمعة إذا كان يؤذن كعادته في علو الصوت في بقية الأيام ، وإن لم يكن على عال سواء في ذلك البلدة الكثيرة النخل والشجر كطبرستان وغيرها ؛ لأنا نقدر البلوغ بتقدير زوال المانع كما صرح به قولهم ( في هدو ) للأصوات والرياح ( من طرف يليهم ) لبلد الجمعة ( لزمتهم ) لخبر { الجمعة على من سمع النداء } وهو ضعيف لكن له شاهد قوي كما بينه البيهقي ( وإلا ) يكن فيهم أربعون ولا بلغهم صوت وجدت فيه هذه الشروط ( فلا ) تلزمهم لعذرهم وأفهم قولنا ، ولو تقديرا أنه لو علت قرية بقلة جبل وسمعوا ، ولو استوت لم يسمعوا أو انخفضت فلم يسمعوا ، ولو استوت لسمعوا وجبت في الثانية دون الأولى نظرا لتقدير الاستواء بأن يقدر نزول العالي وطلوع المنخفض [ ص: 415 ] مسامتا لبلد النداء ولمن حضر والعيد الذي وافق يومه يوم جمعة الانصراف بعده قبل دخول وقتها وعدم العود لها ، وإن سمعوا تخفيفا عليهم ومن ثم لو لم يحضروا لزمهم الحضور للجمعة على الأوجه ولا تسقط بالسفر من محلها لمحل يسمع أهله النداء مطلقا عندهما ؛ لأنه معها كمحلة منها .


حاشية ابن قاسم

( قوله : والذهاب إليها في بلد أخرى ) ظاهره ، وإن كان الذهاب قبل الفجر وسيأتي في باب الحج في قول المصنف وأن يخرج بهم من غد إلى منى ما نصه وأن يخرج بهم في غير يوم الجمعة وفيه ، وإن لم تلزمهم وإلا فقبل الفجر ما لم تتعطل الجمعة بمكة انتهى وسيأتي في هامشه ما يتعلق به وقوله : ما لم إلخ يحتمل أن معناه أنها إذا تعطلت بسبب غيره جاز أن يخرج بعد الفجر لا أن معناه أنها إذا تعطلت بسبب خروجه قبل الفجر امتنع فليراجع وقد يستدل على جواز الذهاب قبل الفجر ، وإن تعطلت الجمعة بعدم الخطاب قبل الفجر ويجاب بأن المراد أنه ليس لهم الذهاب والاستمرار إلى فواتها بل يلزمهم العود في وقتها لفعلها وقد مال م ر بعد البحث معه إلى امتناع الذهاب قبل الفجر بالمعنى المذكور ( قوله : أو ليس فيهم جمع كذلك ) ، ولو بأن امتنع بعض من تنعقد به إلخ توقف فيه م ر وجوز ما هو الإطلاق من [ ص: 414 ] أنه حيث كان فيهم جمع تصح به الجمعة ، ثم تركوا إقامتها لم يلزم من أرادها السعي إلى القرية التي يسمع نداءها؛ لأنه معذور في هذه الحالة ؛ لأنه ببلد الجمعة والمانع من غيره بخلاف ما إذا لم يكن فيهم جمع تصح به الجمعة ؛ لأن كل أحد في هذه الحالة مطالب بالسعي إلى ما يسمع نداءه وهو محل جمعته

( قوله : في المتن صوت ) أي ، وإن لم يميز الكلمات والحروف حيث علم أنه نداء الجمعة م ر ( قوله : وإن لم يكن على عال ) هذه المبالغة تقتضي اللزوم عند سماع الأذان على العالي وإن كان لا يسمع لو كان على الأرض ويخالفه قول الروض كغيره والمعتبر نداء صيت يؤذن كعادته وهو على الأرض لا على عال انتهى فكان ينبغي إسقاط الواو اللهم إلا أن تجعل واو الحال فليتأمل ( قوله : ولو استوت لسمعوا ) المراد لو فرضت مسافة انخفاضها ممتد على وجه الأرض وهي على آخرها لسمعت هكذا يجب أن يفهم فليتأمل وقس عليه نظيره في الأولى كذا بخط شيخنا الشهاب البرلسي بهامش المحلي رحمه الله وهو حق وجيه ، وإن تبادر من كلام الشارح أن المراد أن تفرض القرية على أول المستوي فلا تحسب مسافة الانخفاض في الثانية ولا العلو في الأولى ؛ لأن في هذا نظرا لا يخفى إذ يلزم عليه الوجوب في الثانية ، وإن طالت مسافة الانخفاض بحيث لا يمكن إدراك الجمعة مع قطعها مثلا وعدم الوجوب في الأولى ، وإن قلت مسافة الارتفاع بحيث لا يمكن الإدراك مع قطعها ولا وجه لذلك ، فإن قلت يشترط في [ ص: 415 ] الوجوب في الثانية إمكان الإدراك وإلا فلا وجوب فيها قلت : فأما إن اشترط في عدم الوجوب في الأول عدم إمكان الإدراك والأثبت الوجوب فلا وجه للتفرقة بين الصورتين على هذا التقدير لاستوائهما عليه في المعنى وإما أن لا نشترط فيه ذلك بل نقول عدم الوجوب ثابت مطلقا بخلاف الوجوب في الثانية فهذا مما لا وجه له كما لا يخفى فليتأمل ، ثم رأيت أن شيخنا الشهاب الرملي اقتصر في فتاويه على أن المفهوم من كلامهم ما تقدم أنه المتبادر من كلام الشارح ( قوله : مسامتا ) ينبغي نزول وبلوغ فيه .

حاشية الشرواني

( قوله : مثلا ) أي ومثل القرية البلدة ( قوله : أي تنعقد ) إلى قوله ومن ثم في المغني إلا قوله : ولو بأن امتنع إلى المتن وقوله : أي من آخر إلى المتن ولفظة إن في قوله ، وإن لم يكن على عال وإلى قوله ولا تسقط في النهاية إلا ما ذكر ( قوله : لزمتهم إلخ ) جواب إن كان إلخ ( قوله : بل يحرم إلخ ) أي وتسقط عنهم الجمعة بفعلهم لها في بلد أخرى نهاية ومغني قال ع ش ويجب على الحاكم منعهم من ذلك ولا يكون قصدهم البيع والشراء في المصر عذرا في تركهم الجمعة في بلدتهم إلا إذا ترتب عليه فساد شيء من أموالهم أو احتاجوا إلى ما يصرفونه في نفقة ذلك اليوم الضرورية ولا يكلفون الاقتراض . ا هـ .

( قوله : تعطيل محلهم إلخ ) ، ولو صلاها الأربعون في قرية أخرى ، ثم حضروا قريتهم وأعادوها فيها فينبغي صحة تلك الإعادة وهل يسقط عنهم إثم التعطيل أو تدفعه لما قصدوا ابتداء أن يعودوا إلى قريتهم لإعادتها فيه نظر سم ولعل الأقرب الثاني إذ قد يعرض لهم بعد قصدهم الإعادة ما يمنعهم عنها فلا يمنع ذلك القصد الإثم ( قوله : والذهاب إليها في بلد أخرى ) ظاهره ، وإن كان الذهاب قبل الفجر وسيأتي في باب الحج في هامش شرح قول المصنف وأن يخرج بهم من غد إلى منى ما يتعلق به وقد يستدل على جواز الذهاب قبل الفجر ، وإن تعطلت الجمعة بعدم الخطاب قبل الفجر ويجاب بأن المراد أنه ليس لهم الذهاب والاستمرار إلى فواتها بل يلزمهم العود في وقتها لفعلها وقد مال م ر بعد البحث معه إلى امتناع الذهاب قبل الفجر بالمعنى المذكور سم ولا يخفى قوة الاستدلال وبعد الجواب ، ثم رأيته فيما يأتي في بحث حرمة السفر بعد الزوال ذكر ما يرجح الجواز والاستمرار معا ويأتي هناك أيضا عن الكردي عنه في شرح أبي شجاع وعن ابن الجمال ما يوافقه

( قوله : ولو بأن امتنع إلخ ) توقف فيه م ر وجوز ما هو الإطلاق من أنه حيث كان فيهم جمع تصح به الجمعة ، ثم تركوا إقامتها لم يلزم من أرادها السعي إلى القرية التي يسمع نداءها ؛ لأنه معذور في هذه الحالة ؛ لأنه ببلد الجمعة والمانع من غيره بخلاف ما إذا لم يكن فيهم جمع تصح به الجمعة ؛ لأن كل واحد في هذه الحالة مطالب بالسعي إلى ما يسمع نداؤه وهو محل جمعته أصالة سم ( قوله : يعني معتدل السمع إلخ ) أي ، وإن كان واحدا نهاية ومغني ( قوله : إذا أصغى إليه ) أي فالمدار على البلوغ بالقوة حلبي ( قوله : ويعتبر كونه في محل مستو إلخ ) قال ابن الرفعة سكتوا عن الموضع الذي يقف فيه المستمع والظاهر أنه موضع إقامته برلسي ومال م ر إلى هذا الظاهر ، وقال من سمع من موضع إقامته وجب عليه ومن لا فلا سم على المنهج . ا هـ . ع ش

أقول ويخالف ذلك قول الشارح أي من آخر طرف إلخ وأيضا يلزم على الظاهر المذكور أن بعضهم تجب عليه الجمعة وبعضهم لا تجب عليه وكلام الشارح والنهاية والمغني كالصريح بل صريح في أنه تجب على كلهم بسماع بعضهم ( قوله : من آخر طرف إلخ ) صفة لمحل [ ص: 414 ] مستو إلخ عبارة البجيرمي والمراد بلغه ذلك وهو واقف طرف بلده الذي يلي المؤذن بأن يكون في محل لا تقصر فيه الصلاة . ا هـ .

( قوله : مما يلي إلخ ) الأولى حذف مما قول المتن ( صوت ) ، وإن لم يميز الكلمات والحروف حيث علم أنه نداء الجمعة م ر . ا هـ . سم عبارة النهاية والإمداد ويعتبر في البلوغ العرف أي بحيث يعلم منه أن ما سمعه نداء جمعة ، وإن لم يميز كلمات الأذان فيما يظهر خلافا لمن شرط ذلك . ا هـ . قول المتن ( عال ) صادق بالمفرط بحيث يسمع من نصف يوم وهو مشكل من حيث المعنى لما فيه من الحرج فليتأمل ، ثم رأيته في شرح العباب قيده بالمعتدل وأفاد أنه غالبا لا يزيد على نحو ميل بصري عبارة الكردي على بافضل قوله : عالي الصوت أي معتدل في العلو قال في الإيعاب لا كالعباس فقد جاء عنه أن صوته سمع من ثمانية أميال . ا هـ . أقول أفاد قيد الاعتدال هنا قول الشارح عرفا ( قوله : إذا كان يؤذن إلخ ) الأولى تركه لإيهامه وإغناء سابقه عنه بصري

( قوله : وإن لم يكن على عال ) هذه المبالغة تقتضي اللزوم عند سماع الأذان على العالي ، وإن كان لا يسمعه لو كان على الأرض ويخالفه قولهم والمعتبر كون المؤذن على الأرض لا على عال انتهى فكان ينبغي إسقاط الواو أي كما أسقطه النهاية والمغني اللهم إلا أن تجعل واو الحال سم ( قوله : كطبرستان ) هي بفتح الباء وكسر الراء وسكون السين اسم بلاد بالعجم مصباح . ا هـ . ع ش ( قوله : لأنا إلخ ) تعليل لقوله سواء إلخ ( قوله : في هدو للأصوات إلخ ) وإنما اعتبر سكون الأصوات ؛ لأنها تمنع من الوصول وسكون الأرياح ؛ لأنها تارة تعين عليه وتارة تمنع منه بجيرمي ونهاية قول المتن ( من طرف يليهم إلخ ) ضابطه ما تصح الجمعة فيه بأن يمتنع القصر قبل مجاوزته ع ش وشوبري قول المتن ( لزمتهم ) ولو سمع المعتدل النداء من بلدين فحضور الأكثر جماعة أولى ، فإن استويا فالأوجه مراعاة الأقرب كنظيره في الجماعة ويحتمل مراعاة الأبعد لكثرة الأجر نهاية ومغني

( قوله : أربعون ) الأولى الأربعون بالتعريف أي أربعون كاملون مستوطنون ( قوله : ولو استوت لسمعوا ) المراد لو فرضت مسافة انخفاضها ممتدة على وجه الأرض وهي على آخرها لسمعت هكذا يجب أن يفهم فليتأمل وقيس عليه نظيره في الأولى كذا بخط شيخنا الشهاب البرلسي بهامش المحلي وهو حق وجيه ، وإن تبادر من كلام الشارح أن المراد أن تفرض القرية على أول المستوى فلا تحسب مسافة الانخفاض في الثانية ولا العلو في الأولى ؛ لأن في هذا نظرا لا يخفى إذ يلزم عليه الوجوب في الثانية ، وإن طالت مسافة الانخفاض بحيث لا يمكن إدراك الجمعة مع قطعها وعدم الوجوب في الأولى ، وإن قلت مسافة الارتفاع بحيث يمكن الإدراك مع قطعها ولا وجه لذلك ، ثم رأيت شيخنا الشهاب الرملي اقتصر في فتاويه على أن المفهوم من كلامهم ما تقدم أنه المتبادر من كلام الشارح سم على حج وعبارته على المنهج عقب ذكر كلام البرلسي المتقدم واعتمد م ر كأبيه نحو هذا وهي مخالفة لما في الشرح م ر والأقرب ما في سم ووجهه أن المدار على المشقة [ ص: 415 ] وعدمها ع ش وقوله مخالفة لما في الشرح أي شرح م ر الصريح فيما يتبادر من كلام التحفة عبارته م ر وهل المراد بقولهم لو كان بمنخفض لا يسمع النداء ، ولو استوت لسمعه إلخ أن تبسط هذه المسافة أو أن يطلع فوق الأرض مسامتا لما هو فيه المفهوم من كلامهم المذكور الاحتمال الثاني كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى في فتاويه انتهت

وفي البجيرمي عن الحلبي والحفني اعتماده أي ما في النهاية من ترجيح الاحتمال الثاني وفي الكردي بعد سرد عبارتي سم والنهاية ما نصه فتخلص أن التحفة والنهاية متفقان وأن ابن قاسم مال في حواشي التحفة إلى ما قالاه وأشار للرجوع عن موافقة البرلسي . ا هـ . وقوله : وأن ابن قاسم مال إلخ فيه نظر ظاهر كما يظهر بالتأمل في عبارته المتقدمة ( قوله : مسامتا لبلد النداء ) ينبغي تنازع نزول وبلوغ فيه سم ( قوله : نظرا لتقدير الاستواء إلخ ) أي والخبر السابق محمول على الغالب مغني ونهاية ( قوله : ولمن ) أي لأهل القرية الذين يبلغهم النداء نهاية ومغني ( قوله : حضروا العيد إلخ ) أي بقصد صلاة العيد بأن توجهوا إليها بنيتها ، وإن لم يدركوها وأما لو حضروا لبيع أسبابهم فلا يسقط عنهم الحضور سواء رجعوا إلى محلهم أم لا ع ش قال البجيرمي أي ، ولو وصلوا ورجعوا إلى محلهم . ا هـ .

وفيه وقفة ويظهر أن التشريك هنا لا يضر كما في نظائره فليراجع ( قوله : قبل دخول وقتها ) أي ، فإن دخل وقت الجمعة عقب سلامهم من العيد مثلا لم يكن لهم تركها كما استظهره الشيخ نهاية ومغني ( قوله : وعدم العود لها إلخ ) فتستثنى هذه من إطلاق المصنف مغني ونهاية ( قوله : مطلقا ) ظاهره سواء نداء بلدته التي سافر منها ونداء غيرها ، وجرى على هذا الظاهر العزيزي فقال ومن هذا ما يقع في بلاد الريف من أن الفلاحين يخرجون للحصاد من نصف الليل ، ثم يسمعون النداء من بلدهم أو من غيرها فتجب عليهم الجمعة فيما يسمعون منه النداء والمعتمد ما قاله الحلبي ووافقه العناني من عدم الوجوب على نحو الحصادين إذا خرجوا قبل الفجر إلى مكان لا يسمعون فيه نداء بلدتهم ، وإن سمعوا نداء غيرها لأنه يقال لهم مسافرون والمسافر لا تجب عليه جمعة ، وإن سمع النداء من غير بلده . ا هـ . بجيرمي بتصرف

ويأتي عن سم ما يوافقه أي الحلبي وعبارة الكردي قوله : مطلقا أي سواء كان السفر للعيد أو لغيره لكن يلزم أن يقيد هذا بمن انقطع سفره في المحل المنتقل إليه بأن لم يقصد السفر أكثر من ذلك المحل لئلا ينافي ما مر من سقوط الوجوب ببلوغه إلى خارج السور أو العمران . ا هـ . ( قوله : لأنه ) أي محل السماع ( معها ) أي مع بلدة الجمعة التي سافر منها وبالنسبة إليها ( كمحلة منها ) أي فكأنه لم يسافر وهذا التعليل ظاهر فيما مر عن الكردي من تفسير الإطلاق وعن الحلبي من تخصيص الوجوب وعدم السقوط بمن يسمع نداء بلدتهم ويأتي عن سم ما يوافقه أي الحلبي .

التالي السابق


الخدمات العلمية