صفحة جزء
( ويحرم على من لزمته ) الجمعة ، وإن لم تنعقد به كمقيم لا يجوز له القصر ( السفر بعد الزوال ) لدخول وقتها ( إلا أن تمكنه الجمعة ) أي يتمكن منها بأن يغلب على ظنه ذلك وهو مراد المجموع بقوله يشترط علمه إدراكها إذ كثيرا ما يطلقون العلم ويريدون الظن كقولهم يجوز الأكل من مال الغير مع علم رضاه ويجوز القضاء بالعلم ( في طريقه ) أو مقصده كما بأصله [ ص: 416 ] وحذفه لفهمه مما قبله وذلك لحصول المقصود وقيده صاحب التعجيز بحثا بما إذا لم تبطل بسفره جمعة بلده بأن كان تمام الأربعين وكأنه أخذه مما مر آنفا من حرمة تعطيل بلدهم عنها لكن الفرق واضح فإن هؤلاء معطلون بغير حاجة بخلاف المسافر ، فإن فرض أن سفره لغير حاجة اتجه ما قاله ، وإن تمكن منها في طريقه أما إذا لم يغلب على ظنه ذلك بأن ظن عدمه أو شك فيه فلا يجوز سفره ( أو يتضرر بتخلفه عن الرفقة ) لها فلا يحرم إن كان غير سفر معصية دفعا لضرره وقضيته أن مجرد الوحشة غير عذر وهو متجه ، وإن صوب الإسنوي بحث ابن الرفعة اعتباره وأيده بأنه لا يجب السفر للماء حينئذ لوضوح الفرق فإن هناك بدلا لا هنا وليست الظهر بدلا عن الجمعة بل كل أصل في نفسه

ومعناه أنه لا يخاطب بالظهر ما دام مخاطبا بالجمعة بل عند تعذرها لا بد عنها لأن القضاء إذا لم يجب إلا بخطاب جديد فأولى أداء آخر غايته أن الشارع جعله حينئذ فرض الوقت لتعذر فرضه الأول وبهذا يعلم أن قولهم الآتي بل تقضى ظهرا فيه تجوز وأن الرفع في قوله جمعة صحيح لما علم مما تقرر أن الظهر ليست قضاء عنها ( وقبل الزول كبعده ) في التفصيل المذكور ( في الجديد إن كان سفرا مباحا ) ؛ لأن الجمعة مضافة إلى اليوم ولهذا يجب السعي على بعيد الدار من حين الفجر كذا قالوه [ ص: 417 ] وظاهره أنه لا يلزمه قبله ، وإن لم يدرك الجمعة إلا به ( وإن كان طاعة ) مندوبا أو واجبا ( جاز ) قطعا لخبر فيه لكنه ضعيف ( قلت الأصح أن الطاعة كالمباح والله أعلم ) فيحرم نعم إن احتاج السفر لإدراك نحو وقوف عرفة أو لإنقاذ نحو مال أو أسير جاز ، ولو بعد الزوال بل يجب لإنقاذ الأسير أو نحوه كقطع الفرض لذلك ويكره السفر ليلة الجمعة لما روي بسند ضعيف جدا { من سافر ليلتها دعا عليه ملكاه }

أما المسافر لمعصية فلا تسقط عنه الجمعة مطلقا ؛ لأنه في حكم المقيم كما علم من الباب قبل هذا وحيث حرم عليه السفر هنا لم يترخص ما لم تفت الجمعة فيحسب ابتداء سفره من الآن كما مر ثم .

( ومن لا جمعة عليهم ) وهم بالبلد ( تسن الجماعة في ظهرهم في الأصح ) لعموم الأدلة الطالبة للجماعة أما من هم خارجها فتسن لهم إجماعا ( ويخفونها ) كأذانها ندبا ( إن خفي عذرهم ) لئلا يتهموا بالرغبة عن صلاة الإمام ومن ثم كره إظهارها عند جمع بخلاف ما إذا كان ظاهرا إذ لا تهمة .


حاشية ابن قاسم

( قوله : بأن يغلب على ظنه ذلك ) لو تبين [ ص: 416 ] خلاف ظنه بعد السفر فلا إثم والسفر غير معصية كما هو ظاهر نعم إن أمكن عوده وإدراكها فيتجه وجوب ذلك ، ولو سافر يوم الجمعة بعد الفجر ، ثم طرأ عليه جنون أو موت فالظاهر سقوط الإثم كما إذا جامع في نهار رمضان وأوجبنا عليه الكفارة ، ثم طرأ عليه الموت أو الجنون يلزمه أن يقول بسقوط الإثم في مسألة الجماع المذكور شرح م ر أقول فيه نظر لتعديه بالإقدام في ظنه ، ويؤيد عدم السقوط ما لو وطئ زوجته يظن أنها أجنبية فإن الظاهر عدم سقوط الإثم بالتبين والفرق بين الكفارة والإثم ظاهر فليتأمل اللهم إلا أن يريد بسقوط الإثم انقطاعه لا ارتفاعه من أصله ، وقد يقال ينبغي سقوط إثم تضييع الجمعة لا إثم قصد تضييعها . انتهى .

( قوله : بخلاف المسافر ) حاصله ترجيح جواز سفره لحاجة ، وإن تعطلت الجمعة لكن هل يختص ذلك بالواحد ونحوه أو لا فرق حتى لو سافر الجميع لحاجة جاز وكأن أمكنتهم في طريقهم كان جائزا ، وإن تعطلت الجمعة في بلدهم ويخص بذلك ما تقدم من تحريم تعطيلها في محلهم فيه نظر والوجه أنه لا فرق ( قوله : لها ) يتعلق بقول المتن تخلفه ( قوله : لوضوح الفرق إلخ ) قد يقال لابن الرفعة أن يقول : لا جدوى للفرق بأن الظهر أصل لا بدل بخلاف [ ص: 417 ] التيمم بعد اشتراكهما في أن كلا يقوم مقام الواجب عند العذر فكما جاز التيمم لعذر الوحشة فهلا جاز الظهر لذلك نعم فرق بينهما بغير ذلك وهو أن الظهر يتكرر في كل يوم وليلة بخلاف الجمعة وأنه يغتفر في الوسائل ما لا يغتفر في المقاصد ( قوله : فيحرم ) أي على التفصيل ( قوله : أو نحوه ) أي كإدراك عرفة لا يجب تأخير العشاء لإدراكها كما هو ظاهر ( قوله : وحيث حرم عليه السفر إلخ ) قال في الأنوار وإذا جاز لإمكانها في طريقه فعليه حضورها حيث أمكن . ا هـ . وكان يمكن أن لا يلزمه حضورها حيث لم يقصد تركها عند ابتداء السفر بل عرض له ذلك القصد ؛ لأنه حيث ساغ السفر وعد مسافرا ثبت له حكم المسافر كما أن الانصراف من صف القتال ممتنع إلا على قاصد التحيز مع أنه إذا انصرف بقصد التحيز لا يلزمه العود فليتأمل ( قوله : فيحسب ابتداء سفره من الآن ) ينبغي إذا وصل لمحل لو رجع منه لم يدركها أن ينعقد سفره من الآن ، وإن كانت إلى ذلك الوقت لم تفعل في محلها .

حاشية الشرواني

( قوله : وإن لم تنعقد به ) إلى قوله فإن هناك بدلا في المغني إلا قوله : كما في أصله إلى وذلك وقوله : فإن فرض إلى أما إذا وكذا في النهاية إلا قوله : أما إذا إلى المتن ( قوله : كمقيم لا يجوز إلخ ) أي بأن أقام أو نوى إقامة أربعة أيام بخلاف ما إذا كانت المدة دون ذلك فإن له حكم المسافرين ولا تلزمه الجمعة بصري وقوله : إقامة أربعة إلخ أي أو إقامة مطلقة ( قوله : لدخول وقتها ) أي لوجوبها عليه بمجرد دخوله فلا يجوز له تفويتها بالسفر نهاية ( قوله : بأن يغلب على ظنه إلخ ) لو تبين خلاف ظنه بعد فلا إثم والسفر غير معصية كما هو ظاهر نعم إن أمكن عوده وإدراكها فيتجه وجوبه سم و ع ش ( قوله : وهو إلخ ) أي الظن الغالب وظاهره أن مجرد الظن لا يكفي هنا ويأتي عن ع ش ما يؤيده لكن قضية ما يأتي في محترز غلبة الظن أنه يكفي فليراجع ( قوله : ويريدون الظن ) أي غلبة الظن مغني ( قوله : الظن ) الأولى ما يشمل الظن بصري ( قوله : ويجوز القضاء بالعلم ) أي بالظن أن تلك الواقعة كذلك ولكن لا بد من كونه ظنا غالبا [ ص: 416 ] كأن حصل عنده بقرينة قوية نزلته منزلة العلم فاحفظه فإنه دقيق ع ش ( قوله : وحذفه ) أي قوله أو مقصده ( لفهمه مما قبله ) أي من قوله في طريقه ( قوله : وذلك وقوله : وقيده ) أي الاستثناء

( قوله : مما مر آنفا ) أي في شرح وأهل القرية إلخ ( قوله : بخلاف المسافر ) حاصله ترجيح جواز سفره لحاجة ، وإن تعطلت الجمعة لكن هل يختص ذلك بالواحد ونحوه أو لا فرق حتى لو سافر الجميع لحاجة وكان أمكنتهم في طريقهم كان جائزا ، وإن تعطلت الجمعة في بلدهم ويخص بذلك ما تقدم من تحريم تعطيلها في محلهم فيه نظر والوجه أنه لا فرق سم على حج وقد يقال : لا وجه للتردد في ذلك لأنه حيث كان السفر لعذر مرخصا في تركها فلا فرق في ذلك بين الواحد وغيره ع ش ( قوله : لكن الفرق إلخ ) وفاقا للنهاية والمغني كما نبهنا ( قوله : لها ) متعلق بقول المتن تخلفه سم ( قوله : وأيده ) أي أيد الإسنوي البحث ( قوله : فإن هناك إلخ ) ولابن الرفعة أن يقول لا جدوى له بعد اشتراكهما في أن كلا يقوم مقام الواجب عند العذر نعم فرق بينهما بغير ذلك وهو أن الظهر يتكرر في كل يوم وليلة بخلاف الجمعة وأنه يغتفر في الوسائل ما لا يغتفر في المقاصد سم وعبارة البصري ولك أن تقول يؤيد بحث ابن الرفعة أنهم جعلوا من جملة أعذار الجمعة نحو إيناس المريض ولا شك أن الوحشة أولى لكونها عذرا منه فليتأمل بإنصاف ا هـ وقوله : ولا شك إلخ محل تأمل ( قوله : ومعناه ) أي كون الظهر أصلا لا بدلا

( قوله : حينئذ ) يغني عنه قوله : لتعذر فرضه إلخ ( قوله : أن قولهم الآتي إلخ ) أي آنفا في شروط صحة الجمعة ( قوله : تجوز ) أي والمراد القضاء اللغوي ( قوله : في قوله ) أي الآتي آنفا في شروط الصحة قول المتن ( وقبل الزوال إلخ ) وأوله الفجر ، ولو سافر يوم الجمعة بعد الفجر ، ثم طرأ عليه جنون أو موت فالظاهر سقوط الإثم عنه كما إذا جامع في نهار رمضان وأوجبنا عليه الكفارة ، ثم طرأ عليه الموت أو الجنون شرح م ر أقول فيه نظر لتعديه بالإقدام في ظنه ويؤيد عدم السقوط ما لو وطئ زوجته بظن أنها أجنبية فإن الظاهر عدم سقوط الإثم بالتبين والفرق بين الكفارة والإثم ظاهر فليتأمل اللهم إلا أن يريد بسقوط الإثم انقطاعه لا ارتفاعه من أصله ، وقد يقال ينبغي سقوط إثم تضييع الجمعة لا إثم قصد تضييعها سم و ع ش قول المتن ( كبعده ) بالجر والنصب والأول منقول من خط المصنف ع ش ( قوله : في التفصيل ) إلى قوله أما المسافر في النهاية والمغني إلا قوله : لخبر إلى المتن وقوله : أو لإنقاذ نحو مال وقوله : بسند ضعيف جدا ( قوله : في التفصيل المذكور ) أي ، فإن أمكنه الجمعة في مقصده أو طريقه أو تضرر بالتخلف عن الرفقة جاز وإلا فلا مغني ونهاية

قول المتن ( في الجديد ) والقديم ونص عليه في رواية حرملة من الجديد أنه يجوز لأنه لم يدخل وقت الوجوب وهو الزوال مغني ونهاية قول المتن ( سفرا مباحا ) أي كسفر تجارة ويشمل المكروه كما قاله الإسنوي كسفر منفرد نهاية ومغني ( قوله : ؛ لأن الجمعة إلخ ) الأولى ذكره عقب قول المتن في الجديد كما في النهاية والمغني ( قوله : مضافة إلى اليوم ) أخذ بعضهم من ذلك أنه يحرم النوم بعد الفجر على من غلب على ظنه عدم الاستيقاظ قبل فوت الجمعة ومنعه م ر أقول وهو ظاهر ويدل له جواز انصراف المعذورين من المسجد قبل دخول الوقت لقيام العذر بهم ع ش [ ص: 417 ] بحذف وتقدم عن شيخنا ما يوافقه ( قوله : وظاهره إلخ ) أي التعليل المذكور ( قوله : إلا به ) أي بالسعي قبل الفجر ( قوله : مندوبا أو واجبا ) كسفر زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وسفر حج نهاية ومغني ( قوله : فيحرم ) أي التفصيل المذكور سم ( قوله : نحو وقوف عرفة إلخ ) ومما دخل بالنحو منع وطء الكفار لناحية من دار الإسلام ، ولا يبعد أن يدخل به رد زوجته الناشزة ( قوله : أو نحوه ) أي كإدراك عرفة سم أي وإنقاذ ناحية وطئها الكفار مغني ونهاية

( قوله : ويكره السفر إلخ ) ولا يحرم هل ، وإن تعطلت بخروجه جمعة بلدة فيه خلاف فأطلق الشارح امتناع السفر من مكة يوم التروية إذا لم يبق بها من تنعقد به الجمعة في حاشية الإيضاح ومختصره وفي الحج من شرح مختصر الإيضاح وجرى عليه الجمال الرملي وابن علان في شرحهما على الإيضاح والأستاذ أبو الحسن البكري في شرح مختصره وهو ظاهر كلام الشارح في الحج من التحفة ، وقال العلامة ابن قاسم في شرح أبي شجاع ظاهر كلامهم أنه حيث جاز السفر فلا فرق بين أن يترتب عليه فوات الجمعة على أهل محله بأن كان تمام الأربعين أو لا ، وإن بحث بعضهم خلافه وظاهر أنه لا فرق بين سفر الكل أو البعض انتهى ، وقال ابن الجمال في شرح الإيضاح التقييد ببقاء من تنعقد به لم يظهر وجهه إذ لا يجب على الشخص تصحيح عبادة غيره فليتأمل انتهى ا هـ كردي على بافضل وتقدم عن ع ش ما يؤيده ( قوله : ويكره السفر ليلة الجمعة ) هذا إن قصد الفرار من الجمعة وإلا فلا ذكره الأصبحي جرهزي ( قوله : دعا عليه ملكاه ) فيقولان لا نجاه الله من سفره . وأعانه على قضاء حاجته حفني وشيخنا ( قوله : مطلقا ) أي سواء سافر يوم الجمعة أو قبله ( قوله : وحيث حرم ) إلى قوله ومن ثم قالوا في المغني إلا قوله : أو يكون بمحل إلى رجاء ( قوله : فيحسب ابتداء سفره من الآن ) ينبغي إذا وصل لمحل لو رجع منه لم يدركها أن ينعقد سفره من الآن ، وإن كانت إلى ذلك الوقت لم تفعل في محلها سم على حج . ا هـ . ع ش

ويفيده قول الشارح الآتي أو يكون بمحل لا يصل إلخ ( قوله : كما مر ، ثم ) أي في شرح ، ولو أنشأ السفر عاصيا ، ثم تاب كردي ( قوله : وهم بالبلد ) إلى قوله ، ثم رأيتهم في النهاية إلا قوله : أو يكون بمحل إلى رجاء وقوله : ومن ثم إلى التنبيه وقوله : وليس إلى وهنا ( قوله : وهم بالبلد ) أي بلد الجمعة مغني ( قوله : خارجها ) أي في غير بلد الجمعة مغني ونهاية ( قوله : بالرغبة إلخ ) أي أو بترك الجمعة تساهلا مغني ونهاية ( قوله : ومن ثم كره إظهارها إلخ ) وهو كما قال الأذرعي ظاهر إذا أقاموها بالمساجد مغني ونهاية ( قوله : بخلاف ما إذا كان ظاهرا إلخ ) أي كالمرأة فيسن الإظهار شرح بافضل ونهاية .

التالي السابق


الخدمات العلمية