صفحة جزء
( أو ) تركها ( كسلا ) مع اعتقاده وجوبها ( قتل ) لآية { فإن تابوا } وخبر { أمرت أن أقاتل الناس } ، فإنهما شرطا في الكف عن القتل والمقاتلة الإسلام وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لكن الزكاة يمكن للإمام أخذها ولو بالمقاتلة ممن امتنعوا منها وقاتلونا فكانت فيها على حقيقتها بخلافها في الصلاة ، فإنها لا يمكن فعلها بالمقاتلة فكانت فيها بمعنى القتل فعلم وضوح الفرق بين الصلاة ، والزكاة وكذا الصوم ، فإنه إذا علم أنه يحبس طول النهار نواه فأجدى الحبس فيه ولا كذلك الصلاة فتعين القتل في حدها ونخسه بالحديدة الآتي ليس من إحسان القتلة في شيء فلم نقل به لا يقال لا قتل بالحاضرة ؛ لأنه لم يخرجها عن وقتها ولا بالخارجة عنه ؛ لأنه لا قتل بالقضاء ، وإن وجب فورا ؛ لأنا نقول بل يقتل بالحاضرة إذا أمر بها أي من جهة الإمام أو نائبه دون غيرهما [ ص: 85 ] فيما يظهر في الوقت عند ضيقه وتوعد على إخراجها عنه فامتنع حتى خرج وقتها ؛ لأنه حينئذ معاند للشرع عنادا يقتضي مثله القتل فهو ليس لحاضرة فقط ولا لفائتة فقط بل لمجموع الأمرين الأمر والإخراج مع التصميم وخرج بكسلا ما لو تركها لعذر ولو فاسدا كما يأتي وذلك كفاقد الطهورين ؛ لأنه مختلف في وجوبها عليه

ويلحق به كل تارك لصلاة يلزمه قضاؤها ، وإن لزمته اتفاقا ؛ لأن إيجاب قضائها شبهة في تركها ، وإن ضعفت بخلاف ما لو قال من تلزمه الجمعة إجماعا لا أصليها إلا ظهرا ، فإن الأصح قتله ، والقول بأنها فرض كفاية شاذ لا يعول عليه ويقتل أيضا بكل ركن أو شرط لها أجمع على ركنيته أو شرطيته كالوضوء أو كان الخلاف فيه واهيا جدا دون إزالة النجاسة قال شارح [ ص: 86 ] وكذا ما اعتقد التارك شرطيته ؛ لأن تركه ترك لها ولك رده بأنه ترك لها عندنا لا إجماعا ألا ترى إلى ما مر في فاقد الطهورين أنه لا يقتل بتركها ، وإن اعتقد وجوبها رعاية لمن لم يوجبها فكذا هنا فالوجه خلاف ما قال وبحث بعضهم قتله بترك تعلمها بأركانها وظاهره أنه ترك تعلم كيفيتها من أصلها وهو ظاهر ؛ لأنه ترك لها لاستحالة وجودها من جاهل بذلك بخلاف من علم كيفيتها ولم يميز الفرض من غيره ؛ لأنه يسامح في عدم هذا التمييز ، وإنما يقتل بذلك حدا لا كفرا لما في الخبر الصحيح أن تاركها تحت المشيئة إن شاء تعالى عذبه ، وإن شاء أدخله الجنة ، والكافر ليس كذلك فخبر مسلم { بين العبد ، والكفر ترك الصلاة } محمول على المستحل .


حاشية ابن قاسم

( قوله : فعلم وضوح الفرق إلى قوله : فإنه إذا علم أنه يحبس إلخ ) قد يقال إنكار أنه إذا علم أنه يعاقب بالحبس أو غيره فعلها مكابرة واضحة ففي الفرق ما لا يخفى ( قوله : دون غيرهما فيما يظهر ) يوجه بأن القتل لما كان متعلقا بالإمام ونائبه اعتبر صدور مقدمته عن أحدهما ( قوله : دون غيرهما - [ ص: 85 ] فيما يظهر ) خالف في ذلك في شرح العباب فقال ثم ظاهر بنائه كغيره الفعلين أعني أمر وهدد للمفعول أنه لا فرق بين صدورهما عن الإمام أو الآحاد وهو ظاهر لما يأتي أنه لو قال تعمدت التأخير عن الوقت بلا عذر قتل سواء قال لا أصليها أم سكت فحينئذ الأمر والتهديد ليسا شرطين للقتل لما علمت أنه يوجد مع عدمهما ، وإنما فائدتهما علم تعمد تأخيره بلا عذر إلى أن قال ثم رأيت ما يؤيد بعض ما قدمته وهو قول الزركشي ردا على من زعم أن تقدم الطلب شرط بأنه ليس بشرط في القتل بلا خلاف بل متى اعترف بتعمد إخراجها عن وقتها استحق القتل ، وإنما ذكروا المطالبة للاطلاع على مراده بتأخيرها أو لتعريفه مشروعية القتل ، فإنه قد لا يعرفه ا هـ . وهو صريح في أن من اعترف بتعمد التأخير قتل ، وإن لم يوجد أمر وتهديد في الوقت لكنه خالف ذلك في شرح الإرشاد فقال ومتى قال تعمدت تركها بلا عذر قتل سواء قال لا أصليها أم سكت أي كما في المجموع لتحقق جنايته بتعمد تأخيره أي مع الطلب في الوقت كما علم مما مر ا هـ

وقوله أي مع الطلب إلخ خلاف ظاهر المجموع والمغني كما لا يخفى وعبارة الروض ، وإن قال تعمدت تركها بلا عذر قتل ولو لم يقل ولا أصليها ا هـ وانظر هل يتوقف استحقاق القتل بعد الوقت على الجمع فيه بين الأمر والتهديد أو يكفي الأمر من غير تهديد ( قوله : إجماعا ) احتراز عمن لا تلزمه كذلك كأهل القرية لا تلزمهم الجمعة عند أبي حنيفة كما تقدم في باب الجمعة ( قوله : دون إزالة النجاسة ) أي ؛ لأن للمالكية قولا مشهورا قويا إن إزالتها سنة [ ص: 86 ] للصلاة لا واجبة شرح العباب ( قوله : ولك رده إلى ألا ترى إلخ ) هذا يرد ما في شرح الإرشاد من تقييد ما نقله عن فتاوى القفال حيث قال نعم الأوجه أن ما فيه خلاف قوي لا يقتل بتركه ففي فتاوى القفال لو ترك فاقد الطهورين الصلاة متعمدا أو مس شافعي الذكر أو لمس المرأة أو ترك نية الوضوء وصلى متعمدا لم يقتل ؛ لأن جواز صلاته مختلف فيه وينبغي تقييده بما إذا قلد القائل بذلك وإلا فلا قائل بجواز صلاته بذلك فالذي يتجه أنه يقتل ؛ لأنه تارك لها عند إمامه وغيره إلخ ا هـ فقوله هنا ولك رده إلخ يرد قوله في شرح الإرشاد وينبغي تقييده إلخ وهو حقيق بالرد ؛ لأن المراد أنه إذا كان هناك خلاف قوي كان شبهة دافعة للقتل إذا لم يقلد ، وأما إذا قلد فلا يتخيل أحد أنه يقتل ولا يحتاج عدم قتله إلى بيان بل ولا يحتاج لتقييد الخلاف بالقوة بل حيث صح التقليد فلا شيء عليه فتأمله واحذر ما في شرح الإرشاد

( قوله : لأنه يسامح في عدم هذا التمييز إلخ ) قضيته أن هذا في العامي إذ العالم لا يسامح في ذلك كما تقرر في محله ولعل هذا إن لم يكن فيه خلاف ولو واهيا فليراجع .

حاشية الشرواني

( قوله : فإنهما ) أي الآية والخبر ( قوله : عن القتل ) أي في الآية ( وقوله والمقاتلة ) أي في الخبر ( قوله : فكانت ) أي المقاتلة الواردة في الخبر نهاية ( قوله : فيها ) أي الزكاة ( قوله : فعلم وضوح الفرق ) إلى قوله ، فإنه إذا علم إلخ قد يقال إنكار أنه إذا علم أنه يعاقب بالحبس أو غيره فعل الصلاة مكابرة واضحة ففي الفرق ما لا يخفى سم وقد يجاب على بعد بكثرة أركان وشروط الصلاة مع خفاء أكثرها فلا يجدي العلم بالعقاب بما ذكر في رعايتها ( قوله : فتعين القتل في حدها ) أي الصلاة أي ولم يجز قياس ترك الزكاة أو الصوم على تركها ( قوله : الآتي ) أي في المتن ( قوله : لا يقال ) إلى قوله دون إزالة النجاسة في المغني إلا قوله أي إلى في الوقت وقوله ويلحق إلى بخلاف إلخ ( قوله : بل يقتل إلخ ) عبارة النهاية قتله خارج الوقت إنما هو للترك بلا عذر على أنا نمنع أنه لا يقتل بترك القضاء مطلقا إذ محل ذلك ما لم يؤمر بها في الوقت ويهدد عليها ولم يقل أفعلها واعلم أن الوقت عند الرافعي وقتان أحدهما وقت أمر والآخر وقت قتل فوقت الأمر هو إذا ضاق وقت الصلاة عن فعلها فيجب حينئذ علينا أن نأمر التارك فنقول له صل ، فإن صليت تركناك ، وإن أخرجتها عن الوقت قتلناك وفي وقت الأمر وجهان أصحهما إذا بقي من الوقت زمن يسع مقدار الفريضة أي تامة والطهارة والثاني إذا بقي زمن يسع ركعة وطهارة كاملة ا هـ

قال ع ش قوله مر علينا أي على المخاطب منا وهو الإمام أو نائبه وقوله إذا بقي من الوقت زمن إلخ أي بالنسبة لفعله بأخف ممكن ا هـ ع ش ( قوله : إذا أمر بها إلخ ) عبارة شرح المنهج وطريقه أي القتل أن يطالب بأدائها إذا ضاق وقتها ويتوعد بالقتل إن أخرجها عن الوقت ، فإن أصر وأخرج استحق القتل ا هـ زاد النهاية والأوجه أن المطالب والمتوعد هو الإمام أو نائبه فلا يفيد طلب غيره ترتب القتل الآتي ؛ لأنه من منصبه ا هـ .

( قوله : أو نائبه ) ومنه القاضي الذي له ولاية ذلك كالقاضي الكبير ع ش ( قوله : دون غيرهما إلخ ) خلافا للإيعاب بصري عبارة سم خالف في ذلك في شرح العباب فقال ثم ظاهر بنائه كغيره الفعلين أعني أمر وهدد للمفعول أنه لا فرق بين صدورهما عن الإمام أو الآحاد وهو ظاهر لما يأتي أنه لو قال تعمدت التأخير عن الوقت بلا عذر قتل سواء قال لا أصليها أم سكت فحينئذ الأمر والتهديد ليسا شرطين للقتل لما علمت أنه يوجد مع عدمهما ، وإنما فائدتهما علم تعمد تأخيره بلا عذر إلخ لكنه خالف ذلك في شرح الإرشاد فقال متى قال تعمدت تركها بلا عذر قتل سواء قال لا أصليها أم سكت كما في المجموع لتحقق جنايته بتعمد تأخيره أي مع الطلب في الوقت كما علم مما مر انتهى وقوله أي مع الطلب إلخ خلاف ظاهر المجموع والمغني كما لا يخفى وانظر - [ ص: 85 ] هل يتوقف استحقاق القتل بعد الوقت على الجمع فيه بين الأمر والتهديد أو يكفي الأمر من غير تهديد ا هـ أقول ظاهر كلامهم الأول وقد يصرح به قول البجيرمي عن البرماوي وخرج بالتوعد المذكور ما تركه قبله ولو غالب عمره فلا قتل به ا هـ ويأتي ما يؤيد كلام شرح الإرشاد

( قوله : فيما يظهر ) يوجه بأن القتل لما كان متعلقا بالإمام ونائبه اعتبر صدور مقدمته عن أحدهما سم ( قوله : عند ضيقه ) ظاهره أنه لا يطالب عند سعة الوقت ، فإذا وقع حينئذ لا التفات إليه فليحرر حلبي وقال البرماوي تكفي المطالبة ولو في أول الوقت وأقره شيخنا الحفني ا هـ بجيرمي ( قوله : فامتنع ) أي لم يفعل بجيرمي ( قوله : وذلك ) أي التارك لعذر ( قوله : كفاقد الطهورين إلخ ) ففي فتاوى القفال لو ترك فاقد الطهورين الصلاة متعمدا أو مس شافعي الذكر أو لمس المرأة أو توضأ ولم ينو وصلى متعمدا لا يقتل ؛ لأن جواز صلاته مختلف فيه مغني زاد النهاية وقيده بعضهم بحثا بما إذا قلد القائل بذلك وإلا فالذي يتجه قتله والأوجه الأخذ بالإطلاق ا هـ فلا فرق بين التقليد وعدمه في أنه لا يقتل ع ش ( قوله ؛ لأنه مختلف في وجوبها عليه ) أي فكان جريان الخلاف شبهة في حقه مانعة من قتله ، وإن لم يقلد ع ش .

( قوله : ويلحق به ) أي بفاقد الطهورين التارك للصلاة ( قوله : وإن لزمته ) أي تلك الصلاة ( قوله : بخلاف ما لو قال إلخ ) عبارة المغني ويقتل بترك الجمعة ولو قال أصليها ظهرا كما في زيادة الروضة عن الشاشي واختاره ابن الصلاح وقال في التحقيق : إنه الأقوى لتركها بلا قضاء إذ الظهر ليس قضاء عنها خلافا لما في فتاوى الغزالي وجزم به في الحاوي الصغير من عدم القتل ويقتل بخروج وقتها بحيث لا يتمكن من فعلها إن لم يتب ، فإن تاب لم يقتل وتوبته أن يقول لا أتركها بعد ذلك كسلا ومحل الخلاف كما قال الأذرعي فيمن تلزمه إجماعا ، فإن أبا حنيفة يقول : لا جمعة إلا على أهل مصر جامع ا هـ وكذا في النهاية إلا قوله خلافا إلى ويقتل وقوله وتوبته إلى ومحل الخلاف قال ع ش قوله مر إذ الظهر ليس إلخ قضيته أنه لو هدد عليها في وقتها ولم يفعلها حتى خرج الوقت ثم تاب وقال أصلي الجمعة القابلة لكنه لم يصل ظهر ذلك اليوم لم يقتل بتركه لكونه لا يقتل بترك القضاء لكن في فتاوى الشارح مر أنه يقتل حيث امتنع من صلاة الظهر وأن محل عدم القتل بالقضاء إذا لم يهدد به أو بأصله كما هنا ا هـ وتقدم عن المغني ويأتي عن سم عن الناشري ما هو كالصريح في خلاف ما نقله عن فتاوى الرملي ( قوله إجماعا ) أي من الأئمة الأربعة فلو تعددت الجمعة وترك فعلها لعدم علمه بالسابق فهل يقتل لتركه لها مع القدرة أو لا لعذره بالشك فيه نظر والأقرب الثاني فليراجع ع ش ( قوله : ويقتل ) أي حدا ( أيضا ) أي كتارك الصلاة كسلا ( بكل ركن إلخ ) أي بتركه على حذف المضاف ( قوله : دون إزالة النجاسة ) أي ؛ لأن للمالكية قولا مشهورا قويا أن إزالتها سنة للصلاة لا واجبة [ ص: 86 ] شرح العباب ا هـ سم ( قوله : وكذا إلخ ) أي كالشرط المجمع عليه شرط مختلف فيه اعتقد التارك شرطيته فيقتل به ( قوله : بتركها ) من إضافة المصدر إلى مفعوله أي بترك فاقد الطهورين الصلاة .

( قوله : فالوجه إلخ ) وفاقا للنهاية كما مر آنفا ( قوله : خلاف ذلك ) أي فلا يقتل ، وإن اعتقد شرطية المتروك المختلف فيه ( قوله : قتله ) أي المكلف ( قوله : بترك تعلمها ) أي الصلاة ( قوله وظاهره ) أي البحث ( أنه ) أي التارك المذكور ( قوله : لأنه يسامح إلخ ) قضيته أن هذا في العامي إذ العالم لا يسامح في ذلك كما تقرر في محله ولعل هذا إذا لم يكن فيه خلاف ولو واهيا فليراجع سم وقوله : إذ العالم إلخ يرده ما مر في باب شروط الصلاة من أن العامي أو العالم على الأوجه إذا اعتقد أن ما في الصلاة بعضها فرض وبعضها سنة صحت ما لم يقصد بفرض معين النفلية ( قوله : لا كفرا ) إلى قوله : فإن قلت في المغني وإلى الكتاب في النهاية إلا قوله على ندب الاستتابة ( قوله : ليس كذلك ) أي تحت المشيئة ( قوله : { بين العبد والكفر } ) أي بين العبد المسلم وبين اتصافه بالكفر ا هـ كردي عن الهاتفي عن شرح المشكاة للشارح ( قوله : { والكفر } ) والذي في النهاية والمغني وشرح بافضل { وبين الكفر } ا هـ ولعل الرواية مختلفة ( قوله : محمول على المستحل ) أي أو على التغليظ أو المراد بين ما يوجبه الكفر من وجوب القتل جمعا بين الأدلة نهاية ومغني .

التالي السابق


الخدمات العلمية