صفحة جزء
( فإذا مات غمض ) ندبا لخبر مسلم { أنه صلى الله عليه وسلم فعله بأبي سلمة لما شق بصره } - بفتح الشين وضم الراء - أي شخص - بفتح أوليه - ثم قال { إن الروح إذا قبض تبعه البصر } ولئلا يقبح منظره فيساء به الظن ويسن حينئذ بسم الله وعلى ملة رسول الله .

صلى الله عليه وسلم ( تنبيه ) يحتمل أن المراد من قوله تبعه البصر أن القوة الباصرة تذهب عقب خروج الروح فحينئذ تجمد العين ويقبح منظرها ويحتمل أنه يبقى فيه عقب خروجها شيء من حارها الغريزي فيشخص به ناظرا أين يذهب بها ولا بعد في هذا لأن حركته حينئذ قريبة من حركة المذبوح وسيأتي أنه يحكم عليه مع وجودها بسائر أحكام الموتى بقيده .

( وشد لحياه بعصابة ) عريضة تعمهما ويربطها فوق رأسه لئلا يدخل فاه الهوام ( ولينت ) أصابعه و ( مفاصله ) عقب زهوق روحه بأن يرد ساعده لعضده وساقه لفخذه وهو لبطنه ثم يردها [ ص: 96 ] ليسهل غسله لبقاء الحرارة حينئذ ( وستر ) بعد نزع ثيابه الآتي ( جميع بدنه بثوب ) طرفاه في غير المحرم تحت رأسه ورجليه للاتباع واحتراما له ( خفيف ) لئلا يتسارع إليه الفساد ( ووضع على بطنه ) تحت الثوب أو فوقه لكنه فوقه أولى كما بحثه غير واحد وزعم أخذه من المتن غير صحيح لأن فيه كالروضة عطفه على وضع الثوب بالواو ( شيء ثقيل ) من حديد كسيف أو مرآة .

قال الأذرعي والظاهر أن نحو السيف يوضع بطول الميت فإن فقد فطين رطب فما تيسر لئلا ينتفخ وأقله نحو عشرين درهما والظاهر أن هذا الترتيب لكمال السنة لا لأصلها نظير ما مر في ندب المسك فالطيب إلى آخره عقب الغسل من نحو الحيض وأن تقديم الحديد لكونه أبلغ في دفع النفخ لسر فيه ويكره وضع المصحف قال الأذرعي والتحريم محتمل ا هـ ويتعين الجزم به إن مس بل أو قرب مما فيه قذر ولو طاهرا أو جعل على كيفية تنافي تعظيمه وألحق به الإسنوي كتب الحديث والعلم المحترم فإن قلت هذا الوضع إنما يتأتى عند الاستلقاء لا عند كونه على جنبه مع أن كلامهم صريح في وضعه هنا على جنبه كالمحتضر قلت يحتمل أنه تعارض هنا مندوبان الوضع على الجنب ووضع الثقيل على البطن فيقدم هذا لأن مصلحة الميت به أكثر ويحتمل أنه لا تعارض لإمكان وضع الثقيل على بطنه وهو على جنبه لشده عليه بنحو عصابة وهذا هو الأقرب لكلامهم وإن مال الأذرعي إلى الأول حيث قال الظاهر هنا إلقاؤه على قفاه كما مر لقولهم يوضع على بطنه ثقيل .


حاشية ابن قاسم

( قوله : ولينت أصابعه ) قد يقال : تليين أصابعه ليس إلا تليين مفاصلها فدخل في قول المصنف مفاصله [ ص: 96 ] قوله : وهذا هو الأقرب ) قد يؤيده إطلاق قول المصنف الآتي ووجهه للقبلة كمحتضر .

حاشية الشرواني

قول المتن ( فإذا مات غمض ) أي ولو أعمى لئلا يقبح منظره بعد الموت ثم رأيت سم على البهجة صرح بذلك ع ش ( قوله : ندبا ) إلى التنبيه في المغني وإلى قوله لكنه فوقه في النهاية ( قوله : إن الروح إذا قبض إلخ ) فيه تذكير الروح وفي المختار أنه يذكر ويؤنث ( وقوله : تبعه البصر ) زاد في شرح الروض ثم قال { اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه } انتهى عميرة أقول وينبغي أن يقال مثل ذلك فيمن يغمض الآن فيقول ذلك اقتداء به عليه الصلاة والسلام ع ش ( قوله : ويسن حينئذ ) أي حين إغماضه بسم الله إلخ أي وعند حمله بسم الله ثم يسبح ما دام يحمله نهاية أي إلى المغتسل ونحوه وأما ما يفعل أمام الجنازة فسيأتي ع ش .

( قوله : ويحتمل أن المراد إلخ ) وقد قيل إن العين أول شيء يخرج منه الروح وأول شيء يسرع إليه الفساد نهاية ومغني قال ع ش قوله : م ر أول شيء يخرج منه الروح عبارة الإسنوي وعميرة آخر شيء تنزع منه الروح ا هـ .

( قوله : يبقى فيه ) أي في البصر ( قوله : من حارها إلخ ) عبارة النهاية من آثار الحرارة الغريزية ا هـ .

( قوله : الغريزي ) أي الطبيعي ( قوله : به ) أي بهذا الشيء ( قوله : وسيأتي ) أي آخر الرهن وضمير بقيده يرجع إلى وجودها كردي ويظهر أنه يرجع إلى الحكم وأن المراد بقيده عدم وجود الحياة المستقرة ( قوله : عليه ) أي الحيوان ( قوله : مع وجودها ) أي الحركة ( قوله : عريضة ) إلى قول المتن ووضع في المغني ( قوله : ويربطها ) بابه ضرب ونصر مختار ا هـ ع ش ( قوله : لئلا يدخل إلخ ) أي ولئلا يقبح منظره نهاية ( قوله : ولينت أصابعه ) قد يقال تليين أصابعه ليس إلا تليين مفاصله فدخل في قول المصنف مفاصله سم أي كما جرى عليه النهاية فقال عقبه فترد أصابعه إلى بطن كفه وساعده إلخ لكن صنيع المغني مثل صنع الشارح ( قوله : بأن يرد ساعده إلخ ) ولو احتاج في تليين ذلك إلى شيء من الدهن فلا بأس حكاه المصنف عن الشيخ أبي حامد والمحاملي وغيرهما نهاية وشرح بافضل قال ع ش قوله : م ر فلا بأس إلخ ظاهره إباحة ذلك ولو قيل بندبه حيث شق غسله أو تكفينه بدونه [ ص: 96 ] بل لو قيل بوجوبه إذا توقف إصلاح تكفينه عليه على وجه يزيل إزراءه لم يبعد ا هـ .

( قوله : ليسهل غسله ) أي وتكفينه نهاية ( قوله : لبقاء الحرارة حينئذ ) أي حين زهوق الروح وعقبه فإذا لينت المفاصل حينئذ لانت وإلا فلا يمكن تليينها بعد ذلك مغني ونهاية قول المتن ( بثوب ) أي فقط نهاية ومغني ( قوله : في غير المحرم ) أي أما المحرم فيستر منه ما يجب تكفينه منه نهاية ومغني أي وهو ما عدا رأسه ع ش أي في الذكر وما عدا الوجه في الأنثى ( قوله : تحت رأسه إلخ ) لئلا ينكشف نهاية ( قوله : لئلا يتسارع إلخ ) أي لئلا يحميه فيسرع إليه الفساد نهاية ( قوله : كما بحثه ) أي قوله : لكنه فوقه أولى واعتمده المغني ومال إليه النهاية ( قوله : غير صحيح ) قد يجاب عنه بأن الأخذ إنما هو من أسلوب المتن لأن البليغ لا يقدم ولا يؤخر إلا لنكتة ( قوله : لأن فيه ) أي في المتن ( وقوله : عطفه ) أي وضع الثقيل و ( قوله : على وضع الثوب ) يعني على ستر البدن بثوب ( وقوله : بالواو ) أي لا بثم ( قوله : من حديد ) إلى قوله والظاهر في المغني وإلى قوله نظير ما مر في النهاية ( قوله : أو مرآة ) ظاهره أنه معطوف على سيف ويصرح به قول المغني عقب المتن كسيف ومرآة ونحوهما من أنواع الحديد ا هـ .

وفي النهاية نحوه وعدهم المرآة من الحديد محل تأمل ( قوله : أن نحو السيف ) أي كالسكين نهاية ( قوله : فما تيسر ) أي كالحجر ( قوله : وأقله نحو عشرين درهما ) عبارة النهاية والمغني وقدره أبو حامد بعشرين درهما أي تقريبا قال الأذرعي وكأنه أقل ما وضع وإلا فالسيف يزيد على ذلك ا هـ .

وفي البجيرمي عن الشوبري فإن زاد على العشرين فيظهر أنه إن زاد قدرا لو وضع عليه حيا آذاه حرم وإلا فلا ا هـ .

( قوله : أن هذا الترتيب ) أي بين الحديد والطين وما تيسر .

( قوله : ويكره إلخ ) عبارة المغني والنهاية ويندب أن يصان المصحف عنه احتراما له ويلحق به كتب الحديث والعلم المحترم كما بحثه الإسنوي ا هـ .

( قوله : ويتعين الجزم به إن مس إلخ ) أقره ع ش ( قوله : أو قرب مما فيه قذر إلخ ) محل تأمل لما مر من أن المذهب كراهة إدخاله الخلاء لا حرمته نعم إن كان القرب على وجه يغلب على الظن تأديته إلى مماسة القذر فلا بعد فيه بصري ( قوله : فيقدم هذا ) أي وضع الثقيل على بطنه وهو مستلق على قفاه ( قوله : وهذا هو الأقرب ) مال إليه النهاية و سم ولو استقرب الأول لم يبعد ثم رأيت ذكر الأسنى والمغني المقالة الآتية آنفا عن الأذرعي وأقراها .

التالي السابق


الخدمات العلمية