صفحة جزء
( ويكره تمني الموت لضر نزل به ) أي ببدنه [ ص: 182 ] أو ماله للنهي الصحيح عنه ( لا لفتنة دين ) أي خوفها فلا يكره بل يسن كما أفتى به المصنف اتباعا لكثير وبحث الأذرعي ندب تمنيه بالشهادة في سبيل الله كما صح عن عمر وغيره وفي المجموع يسن تمنيه ببلد شريف أي مكة أو المدينة أو بيت المقدس وينبغي أن يلحق بها محال الصالحين وبحث أن الدفن بالمدينة أفضل منه بمكة لعظم ما جاء فيه بها وكلام الأئمة يرده .

( تنبيه ) تنافى مفهوما كلامه في مجرد تمنيه والذي يتجه أنه لا كراهة لأن علتها أنه مع الضر يشعر بالتبرم بالقضاء بخلافه مع عدمه بل هو حينئذ دليل على الرضا لأن من شأن النفوس النفرة عن الموت فتمنيه لا لضر دليل على محبة الآخرة بل حديث { من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه } يدل على ندب تمنيه محبة للقاء الله كهو ببلد شريف بل أولى


حاشية ابن قاسم

( قوله كما أفتى به المصنف ) في الفتاوى على المشهور ( قوله ندب تمنيه ) أي الموت ( قوله كهو ببلد شريف ) في هذا القياس ما لا يخفى

حاشية الشرواني

( قوله أو ماله ) أي أو ضيق في دنياه أو نحو ذلك مغني ونهاية أي كتحديد ظالم ع ش ( قوله أي خوفها ) أي أو خوف زيادتها ع ش ( قوله كما أفتى به المصنف ) أي في فتاويه غير المشهورة ونقله بعضهم عن الشافعي وهو المعتمد نهاية ومغني ( قوله وبحث الأذرعي إلخ ) عبارة النهاية أما تمنيه لغرض أخروي فمحبوب كتمني الشهادة في سبيل الله قال ابن عباس لم يتمن نبي الموت غير يوسف صلى الله عليه وسلم ا هـ زاد المغني وقال غيره إنما تمنى الوفاة على الإسلام لا الموت ا هـ .

( قوله ندب تمنيه إلخ ) ينبغي أن يسن تمني الموت أيضا شوقا إلى لقاء الله سبحانه وتعالى ومشاهدة الأرواح المقدسة كالأنبياء والأولياء كما صرح الشارح بالأول ويشمل ذلك قولهم أما تمنيه لغرض أخروي فمحبوب ويشهد له الحديث الشريف { وأسألك شوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة } أي غير مشوب بشيء من العلل الدنيوية والدينية بصري ( قوله يسن تمنيه ببلد إلخ ) بالتأمل الصادق يظهر أن تمني الشهادة وتمني الموت بمحل شريف ليس من تمني الموت بل تمني صفة أو لازم له عند عروضه بصري أقول وهذا فيما إذا تمنى ذلك وأطلق وأما إذا تمنى ما ذكر وقيده بنحو سفر أو عام مخصوص فظاهر أنه من تمني الموت عبارة ع ش ولا يتأتى أن ذلك من تمني الموت إلا إذا تمناه حالا أو في وقت معين أما بدون ذلك فيمكن حمله على أن المعنى إذا توفيتني فتوفني شهيدا أو في مكة إلخ كما قيل به في الجواب عن قول سيدنا يوسف صلى الله وسلم على نبينا وعليه { توفني مسلما وألحقني بالصالحين } ا هـ .

( قوله وكلام الأئمة يرده ) إن كان للأئمة كلام في خصوص الدفن فمسلم وإن كان من عموم تفضيل مكة فمحل تأمل لأن تفضيل مكة بمعنى أن العمل بها أكثر ثوابا من العمل بالمدينة لا غير وهذا لا ينافي أن لمن دفن بالمدينة خصوصيات ليست لمن دفن بمكة إذ من المعلوم أن بيت المقدس أفضل من الطائف وقد ورد في بعض الأحاديث ما يقتضي خصوصية الدفن بالطائف عليه بصري ( قوله تنبيه ) إلى المتن أقره ع ش ( قوله تنافي مفهوما كلامه ) أي إذ مفهوم لضر إلخ عدم الكراهة ومفهوم لفتنة إلخ الكراهة ( قوله كهو ببلد إلخ ) في هذا القياس ما لا يخفى سم

التالي السابق


الخدمات العلمية