صفحة جزء
[ ص: 458 ] ( ويكره إفراد الجمعة ) بالصوم لخبر الصحيحين بالنهي عنه إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده وعلته الضعف به عما يتميز به من العبادات الكثيرة الفاضلة مع كونه يوم عيد وللنظر إلى الضعف فقط قال جمع ونقل عن النص أنه لا يكره لمن لا يضعف به عن شيء من وظائفه لكن يرده ما مر من ندب فطر عرفة ولو لمن لم يضعف به ويوجه بأن من شأن الصوم الضعف وإنما زالت الكراهة بضم غيره إليه كما صح به الخبر وبصومه إذا وافق عادة أو نذرا أو قضاء كما صح به الخبر في العادة هنا وفي الفرض في السبت ؛ لأن صوم المضموم إليه وفضل ما يقع فيه يجبر ما فات منه ولو أراد اعتكافه سن صومه على أحد احتمالين حكاهما المصنف خروجا من خلاف من أبطل اعتكاف المفطر وقول الأذرعي يكره تخصيصه بالاعتكاف كالصوم وصلاة ليلته بتسليمه لا يرد ؛ لأن كلا منا في غير التخصيص ( وإفراد السبت ) بغير ما ذكر في الجمعة للخبر المذكور وعلته أن الصوم إمساك وتخصيصه بالإمساك أي : عن الاشتغال والكسب من عادة اليهود أو تعظيم فيشبه تعظيم اليهود له ولو بالفطر .

ومن ثم كره له إفراد الأحد إلا لسبب أيضا ؛ لأن النصارى تعظمه بخلاف ما لو جمعهما ؛ لأن أحدا لم يقل بتعظيم المجموع ومن ثم روى النسائي { أنه صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت والأحد وكان يقول إنهما يوما عيد للمشركين . [ ص: 459 ] فأحب أن أخالفهم } قيل ولا نظير لهذا في أنه إذا ضم مكروه لمكروه آخر تزول الكراهة وفي البحر لا يكره إفراد عيد من أعياد أهل الملل بالصوم كالنيروز ا هـ وكان الفرق أن هذه لم تشتهر فلا يتوهم فيها تشبه .


حاشية ابن قاسم

( قوله في المتن ويكره إفراد الجمعة ) أي : وإن أراد اعتكافه كما أفتى به شيخنا الشهاب الرملي ولا يراعى خلاف مانع الاعتكاف مع الفطر ؛ لأن من شروط رعاية الخلاف أن لا يقع في مخالفة سنة صحيحة شرح م ر .

( قوله وإنما زالت الكراهة بضم غيره إليه ) المتبادر أن المراد الضم على وجه الاتصال وقوله وافق عادة إلخ ينبغي أن مثل موافقة العادة وما ذكروه معها ما إذا طلب صومه في نفسه كيوم النصف من شعبان فإذا وافق يوم جمعة ينبغي أن لا يكره بل يطلب ويخصص النهي عن صوم الجمعة بالأمر بصوم يوم النصف وقد يقال بين الأمرين المذكورين عموم وخصوص من وجه فإذا خصصنا عموم كل بخصوص الآخر تعارضا في يوم الجمعة إذا وافق يوم النصف فيحتاج للترجيح وقد يرجح المنع ؛ لأنه الاحتياط وقد يرجح خلافه ؛ لأن الأصل في العبادة طلبها وعدم المنع منها .

( قوله : لأن كلامنا في غير التخصيص ) قضيته أن الإفراد هنا لا يستلزم التخصيص [ ص: 459 ]

( قوله فأحب أن أخالفهم ) السابق إلى الفهم حصول المخالفة بمجرد الصوم وكان قياس ذلك عدم كراهة إفراد أحدهما لكن منع من ذلك النهي عن الإفراد .

حاشية الشرواني

( قوله بالصوم ) إلى قوله ولو أراد اعتكافه في النهاية والمغني ( قوله وعلته الضعف إلخ ) يؤخذ من ذلك أن كراهة صومه ليست ذاتية بل لأمر عارض ويؤيده انعقاد نذره كما يعلم مما يأتي في النذور ويقاس به اليومان الآخران ؛ إذ لا تختص كراهة الإفراد بالجمعة نهاية ( قوله تميز ) أي : يوم الجمعة .

( قوله وإنما زالت الكراهة إلخ ) أي كراهة إفراد كل من الأيام الثلاثة نهاية وشرح بافضل .

( قوله بضم غيره إليه ) المتبادر أن المراد الضم على وجه الاتصال سم .

( قوله إذا وافق عادة ) أي : كأن كان يصوم يوما ويفطر يوما فوافق يوم صومه يوم الجمعة نهاية ومغني وإيعاب .

( قوله أو نذرا إلخ ) وكذا إذا وافق يوما طلب صومه في نفسه كعاشوراء أو عرفة ونصف شعبان نهاية وسم .

( قوله أو قضاء ) أي أو كفارة نهاية وشرح بافضل ( قوله هنا ) أي : في الجمعة ( قوله وفي الفرض ) أي الشامل للقضاء والنذر والكفارة .

( قوله ما يقع فيه ) أي : في يوم الجمعة من نحو موافقة العادة .

( قوله سن صومه إلخ ) قال النهاية بعد كلام وعلم من ذلك أنه لا فرق في كراهة إفراد بين من يريد اعتكافه وغيره كما أفتى بذلك الوالد رحمه الله تعالى ولا يراعى خلاف من منع الاعتكاف مع الفطر ؛ لأن شرط رعاية الخلاف أن لا يقع في مخالفة سنة صحيحة ا هـ .

وفي الإمداد والإيعاب والفتح والإتحاف مثله وهذا لا يخالف ما في التحفة لتبرئه منه كردي على بافضل .

( قوله : لأن كلا منا في غير التخصيص ) قضيته أن الإفراد هنا لا يستلزم التخصيص سم وفيه نظر ؛ إذ المتبادر أن مراد الشارح أن كلا منا في اعتكاف أيام مشتملة على يوم الجمعة ( قوله بغير ما ذكر في الجمعة ) أي : ما وافق عادة له أو نحو عاشوراء أو نذرا أو قضاء أو كفارة ( قوله للخبر المذكور ) أي بقوله السابق آنفا وفي الفرض في السبب عبارة المغني لخبر { لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم } رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه على شرط الشيخين ا هـ .

( قوله إمساك ) أي : عن المفطرات ( قوله أي : عن الاشتغال إلخ ) فيه نظر ؛ إذ لا يتكرر حد الأوسط على هذا التفسير .

( قوله أو تعظيم إلخ ) عطف على " إمساك " ( قوله ومن ثم ) إلى قوله انتهى في المغني إلا قوله قيل .

( قوله كره إفراد الأحد إلخ ) بقي ما لو عزم على صوم الجمعة والسبت معا أو السبت والأحد معا ثم صام الأول وعن له ترك اليوم الثاني فهل تنتفي الكراهة أو لا فيه نظر والأقرب الثاني ؛ إذ لا يشترط لكراهة الإفراد قصده قبل الصوم وإنما المعنى أنه إذا صام السبت كره الاقتصار عليه سواء قصده أو لا ع ش وهذا مخالف لما في الإيعاب عن المجموع عبارته قال في المجموع وينبغي أن العزم على وصله بما بعده يدفع كراهة إفراده إذا طرأ له عدم صوم ما بعده ولو لغير عذر وإلا لزم الحكم بكراهة الفعل بعد انقضائه لانتفائها حال التلبس به ما دام عازما على صوم ما بعده وهو بعيد ا هـ .

( قوله ومن ثم روى النسائي إلخ ) عبارة المغني وحمل على هذا ما روى النسائي إلخ أي : على الجمع .

( قوله [ ص: 459 ] فأحب أن أخالفهم ) السابق إلى الفهم حصول المخالفة بمجرد الصوم وكان قياس ذلك عدم كراهة إفراد أحدهما لكن منع من ذلك النهي عن الإفراد سم ( قوله إذا ضم مكروه إلخ ) قد يقال المكروه هو الإفراد لا نفس الصوم ومع الضم لا إفراد فليس فيه ضم مكروه لمكروه بصري ولعل لهذا ذكره الشارح بصيغة التمريض .

التالي السابق


الخدمات العلمية