صفحة جزء
( ويصح بيع صاع من صبرة ) أو من جانب معين منها ، وهي طعام مجتمع والمراد منها هنا كل متماثل الأجزاء بخلاف نحو أرض وثوب ( تعلم صيعانها ) للمتعاقدين لعدم الغرر وتنزل على الإشاعة فإذا تلف بعضها تلف بقدره من المبيع ( وكذا إن جهلت ) صيعانها لهما أو لأحدهما يصح البيع ( في الأصح ) لعلمهما بقدر المبيع مع تساوي الأجزاء فلا غرر وينزل على صاع مبهم حتى لو لم يبق منها غيره تعين [ ص: 253 ] وإن صب عليها مثلها أو أكثر كما قاله الرافعي ويظهر أن محله ما لم يتميز المصبوب وذلك لتعذر الإشاعة مع الجهل فللبائع تسليمه من أسفلها ، وإن لم يكن مرئيا إذ رؤية ظاهر الصبرة كرؤية كلها وفارق بيع ذراع من نحو أرض مجهولة الذرع وشاة من قطيع وبيع صاع منها بعد تفريق صيعانها بالكيل أو الوزن بتفاوت أجزاء نحو الأرض غالبا وبأنها بعد التفريق صارت أعيانا متمايزة لا دلالة لإحداها على الأخرى فصار كبيع أحد الثوبين ومحل الصحة هنا حيث لم يريدا صاعا معينا منها أو لم يقل من باطنها أو إلا صاعا منها ، وأحدهما يجهل كيلها للجهل بالمبيع بالكلية وحيث علم أنها تفي بالمبيع أما إذا لم يعلم ذلك فلا يصح البيع للشك في وجود ما وقع عليه صرح به الماوردي والفارقي وغيرهما وفيه نظر ؛ لأن العبرة هنا بما في نفس الأمر فحسب فلا أثر للشك في ذلك إذ لا تعبد هنا فالذي يتجه أنه متى بان أكثر منها كبعتك منها عشرة فبانت تسعة بان بطلان البيع وكذا إذا بانا سواء ؛ لأنه خلاف صريح من التبعيضية بل والابتدائية وفي بيعها مطلقا لا أن يكون بمحلها ارتفاع أو انخفاض ، وإلا فإن علم أحدهما ذلك لم يصح كسمن بظرف مختلف الأجزاء دقة وغلظا لم يره قبل الوضع فيه لعدم إحاطة العيان بها ، وإن جهلا ذلك فإن ظن تساوي المحل [ ص: 254 ] أو الظرف صح وخير من لحقه النقص قال البغوي وغيره ولو كان تحتها حفرة صح البيع وما فيها للبائع ، والفرق بين الحفرة والانخفاض واضح .


حاشية ابن قاسم

( قوله : تعلم صيعانها ) ينبغي أن يزيد الشارح أو صيعانه أي الجانب المعين فليتأمل .

( تنبيه ) قال في الروض وشرحه وبيع جزء كالربع مشاعا من أرض أو عبد أو صبرة أو ثمرة أو غيرها وبيعه شيئا منها إلا ربعا مشاعا صحيح . انتهى . وظاهره أنه لا فرق في صحة الثانية في صورة الصبرة بين المعلومة الصيعان والمجهولتها ، وإن فرق بينهما في بعتك الصبرة إلا صاعا ثم رأيت في مختصر الكفاية لابن النقيب ما نصه وكذا يجوز بيع الصبرة إلا ربعها أو جزءا معلوما منها ، وإن كانت مجهولة ومن طريق الأولى إذا باع جميعها ، وهي مجهولة . ا هـ .

والفرق بين إلا ربعا ، وإلا صاعا قريب ( قوله : فإذا تلف بعضها ) [ ص: 253 ] أي أو بعض الجانب المعين ( قوله : وإن صب إلخ ) هل يجري في معلومة الصيعان مع الإشاعة فإذا تلف من الجملة تلف من المبيع بقدره ينبغي نعم ( قوله : نحو أرض مجهولة ) احترز عن معلومة لذرع فيصح وينزل على الإشاعة لإمكانها ( قوله : وإلا صاعا منها ) لا يخفى أن صورة هذه أن يبيع الصبرة إلا صاعا منها ففي إدخال هذه في تقييد مسألة المتن المصورة ببيع صاع من صبرة نظر ( قوله : بل والابتدائية ) انظره مع ما ذكره كغيره في قول المصنف الآتي في أول الفرائض ثم وصاياه من ثلث الباقي أن من للابتداء فتدخل الوصايا بالثلث ، وقد يفرق فتأمله ( قوله : وإن جهلا ذلك ) التعبير بالجهل يشمل ما لو ترددا على السواء لكنه فسر في شرح الروض الجهل بقوله بأن ظن أن المحل مستو فظهر خلافه وتبعه الشارح في شرح الإرشاد ، وقد يقتضي البطلان عند التردد المذكور ، وقد يوجه بأنه مع التردد لا يتأتى التخمين ، وهذا هو المفهوم من [ ص: 254 ] قوله هنا بأن ظن إلخ ( قوله : أو الظرف صح ) فيه تصريح بصحة بيع السمن في ظرف مختلف الأجزاء جهل اختلافه ، وهكذا في الروض وغيره ، وقد يستشكل بما سيأتي من منع بيع المسك في فارته ، وإن رأى أعلاه من رأسها إذا لم يرها فارغة إلا أن يفرق بتصوير المسألة هنا بما إذا ظن الاستواء كما فسر بذلك الشارح كشرح الروض وغيره الجهل ؛ لأن شأن الظروف التي تصنع أن تكون مستوية أو يظن استواؤها بخلاف الفارة فلا يظن استواؤها فإن فرض ظنه لم يبعد أن يلحق بما هنا أو يفرق بأن المسك في الفارة شبيه باللحم في الجلد ؛ لأنه خلق فيها فألحق ببيع اللحم في الجلد ولا كذلك السمن في الظرف ولهذا قاسوا المنع في المسك في الفارة على اللحم في الجلد .

وقضية هذا عدم الصحة ، وإن ظن الاستواء ، وهو الأقرب لكلامهم ثم رأيته في شرح العباب بالغ في صورة البطلان بقوله ، وإن لم يتفاوت ثخنها كما في المجموع . ا هـ .

( قوله : قال البغوي وغيره ولو كان تحتها حفرة صح البيع إلخ ) ظاهره في حالتي العلم والجهل ويصرح بذلك أنه في شرح العباب ذكر مسألة البغوي هذه في الكلام على حالة العلم بالارتفاع والانخفاض قبل الكلام على حالة الجهل بذلك لكنه ضعف كلام البغوي فقال في شرح قول العباب فإن علم أحدهما تحت الصبرة ارتفاعا أو انخفاضا لم يصح ما نصه ، وقول البغوي والخوارزمي لو كان تحت الصبرة حفرة فالبيع صحيح وما فيها للبائع ضعيف ومن ثم جزم الغزالي وغيره بأن الحفرة والدكة سواء ، وارتضاه ابن الرفعة وغيره وردوا مقالة البغوي المذكورة . ا هـ . وما جزم به الغزالي وغيره هو المعتمد .

حاشية الشرواني

( قوله : أو من جانب ) إلى قوله فالذي يتجه في النهاية إلا قوله أو لأحدهما ، وقوله ويظهر إلى وذلك ( قوله : وهي إلخ ) أي الصبرة لغة ( قوله : كل متماثل الأجراء ) يشمل الدراهم ونحوها . ا هـ . ع ش ( قوله : بخلاف نحو أرض إلخ ) أي فلا يسمى صبرة لكن حكمه إذا كان معلوم الذرع كحكم صبرة معلومة الصيعان كما يأتي عن سم قول المتن ( تعلم صيعانها ) ينبغي أن يزيد الشارح أو صيعانه أي الجانب المعين فليتنبه .

( تنبيه ) قال في الروض وشرحه وبيع جزء كالربع مشاعا من أرض أو عبد أو صبرة أو ثمرة أو غيرها وبيعه شيئا منها إلا ربعا مشاعا صحيح . انتهى . وظاهره أنه لا فرق في صحة الثانية في صورة الصبرة بين المعلومة الصيعان والمجهولتها ، وإن فرق بينهما في بعتك الصبرة إلا صاعا ثم رأيت في مختصر الكفاية لابن النقيب ما نصه : وكذا يجوز بيع الصبرة إلا ربعها جزء أو جزءا معلوما منها ، وإن كانت مجهولة ومن طريق الأولى إذا باع جميعها ، وهي مجهولة . ا هـ . والفرق بين إلا ربعا ، وإلا صاعا قريب . ا هـ . سم ، وقوله : وإن فرق بينهما إلخ أقول لكن قول المختصر أو جزءا معلوما إلخ ينافي اشتراط العلم في بعتك الصبرة إلا صاعا ، وقوله : والفرق إلخ ولعله ضعف الحزر والتخمين في الثاني بالنسبة للأول ( قوله : للمتعاقدين ) إلى قوله ، ومحل الصحة في المغني إلا قوله ، وإن صب إلى وذلك ( قوله : فإذا تلف بعضها ) أي أو بعض الجانب المعين . ا هـ . سم .

( قوله : أو لأحدهما ) قد يتوقف فيه بأن العالم منهما بقدرها صيغته محمولة على أن المبيع جزء شائع وصيغة [ ص: 253 ] الجاهل محمولة على أن المراد أي صاع كان فلم يكن المعقود عليه معلوما لهما فالقياس البطلان ، وقد يؤيده إسقاط الشارح م ر له ا هـ ع ش وفي المغني وشرحي المنهج والروض مثل ما في الشرح ولك منع قول المحشي أن العالم منهما إلخ بأن الحمل على الإشاعة مخصوص بما إذا كانا عالمين معا ولا أثر لقصدهما في صورتي العلم والجهل لشيء من الإشاعة والإيهام ( قوله : وإن صب إلخ ) هل تجري في معلومة الصيعان مع الإشاعة فإذا تلف من الجملة تلف من المبيع بقدره ينبغي نعم سم على حج وبقي ما لو كان المبيع صاعا من عشرة وانصب عليها عشرة أخرى مثلا وتلف بعضها وبقيت العشرة فهل يحكم بأن الباقي شركة على الإشاعة وحصر التألف فيما يخص البائع فيه نظر والأقرب أنه كذلك ؛ لأن الأصل عدم انفساخ العقد . ا هـ . ع ش ، وقوله : وحصر التألف إلخ فيه وقفة ظاهرة بل هو مخالف لما قدمه عن سم ( قوله : وذلك ) إشارة إلى قوله وينزل على صاع إلخ . ا هـ . كردي ( قوله : من أسفلها ) أي الصبرة ومن أوسطها . ا هـ . مغني ( قوله : وفارق بيع ذراع إلخ ) أي فإنه لا يصح . ا هـ . ع ش .

( قوله : من نحو أرض مجهولة إلخ ) احترز عن معلومة الذرع فيصح وينزل على الإشاعة لإمكانها . ا هـ . سم ( قوله : وشاة من قطيع إلخ ) ظاهره ، وإن علم عدد القطيع وصيعان الصبرة ( قوله : منها ) أي الصبرة ( قوله : بتفاوت أجزاء نحو الأرض إلخ ) أي كتفاوت الشياه ، وأجزاء الثوب ( قوله : هنا ) أي في بيع صاع من صبرة ، وظاهره سواء كانت معلومة الصيعان أو لا ( قوله : صاعا معينا ) أي أو مبهما ويصور ذلك بما لو اختلطت ورقة من شرح المحلي مثلا بشرح المنهج مثلا . ا هـ . ع ش ( قوله : أو لم يقل ) أي البائع ( قوله : أو إلا صاعا إلخ ) لا يخفى أن صورة هذه أن يبيع الصبرة إلا صاعا منها ففي إدخال هذه في تقييد مسألة المتن المصورة ببيع صاع من صبرة نظر . ا هـ . سم ( قوله : وأحدهما إلخ ) أي والحال . ا هـ . ع ش ( قوله : وحيث علم إلخ ) عطف على حيث لم يريدا إلخ . ا هـ . ع ش .

وتقدم أن المراد بالعلم هنا ما يشمل الظن ( قوله : صرح به الماوردي إلخ ) معتمد ( وقوله : وفيه نظر إلخ ) ضعيف . ا هـ . ع ش ( قوله : متى بان ) أي المبيع ( أكثر منها ) أي الصبرة ( قوله : إذا بانا ) أي الصبرة والمبيع ( قوله : لأنه إلخ ) أي التساوي ( قوله : وفي بيعها ) إلى قوله قال البغوي في المغني وكذا في النهاية إلا قوله كسمن إلى لعدم إلخ ( قوله : وفي بيعها ) عطف على قوله هنا ( قوله : مطلقا ) أي كلا أو بعضا شائعا كربع الصبرة ( قوله : فإن علم إلخ ) أي بالإخبار دون المشاهدة أما إذا علم بالمشاهدة فيصح البيع . ا هـ . ع ش ويفيده قول الشارح الآتي لم يره إلخ ( قوله : أحدهما ) أي المتعاقدين . ا هـ . مغني .

( قوله : وإن جهلا ذلك ) التعبير بالجهل يشمل ما لو ترددا على السواء لكن كلام شرح الروض وشرح الإرشاد قد يقتضي البطلان عند التردد المذكور ، وقد يوجه بأنه مع التردد لا يتأتى التخمين ، وهذا هو المفهوم من قول الشارح هنا فإن ظن إلخ . ا هـ . سم ( قوله : كسمن بظرف إلخ ) عبارة المغني ولو علم أحد المتعاقدين أن تحتها أي الصبرة المبيعة المجهولة القدر دكة أو موضعا منخفضا أو اختلاف أجزاء الظرف الذي فيه العوض أو المعوض من نحو ظرف عسل وسمن رقة وغلظا بطل العقد لمنعها تخمين القدر فيكثر الغرر نعم إن رأى ذلك قبل الوضع فيه صح البيع لحصول التخمين ، وإن جهل كل منهما ذلك بأن ظن أن المحل مستو فظهر خلافه صح البيع وخير من لحقه النقص بين الفسخ والإمضاء إلحاقا لما ظهر بالعيب فالخيار في مسألة الدكة للمشتري وفي [ ص: 254 ] الحفرة للبائع ، وقيل إن ما في الحفرة للبائع ولا خيار وجرى على ذلك في التهذيب . ا هـ .

( قوله : أو الظرف إلخ ) فيه تصريح بصحة بيع السمن في ظرف مختلف الأجزاء جهل اختلافه ، وهكذا في الروض وغيره . ا هـ . سم ( قوله : قال البغوي وغيره ولو كان إلخ ) لكن رده في المطلب بأن الغزالي وغيره جزموا بالتسوية بينهما أي الحفرة والدكة لكن الخيار في هذه أي الحفرة للبائع وفي تلك أي موضع فيه ارتفاع للمشتري ، وهذا هو المعتمد . ا هـ . نهاية وتقدم عن المغني ويأتي عن الإيعاب ما يوافقه قال ع ش قوله : وهذا هو المعتمد أي خلافا للتحفة . ا هـ .

( قوله : صح البيع ) ظاهره في حالتي العلم والجهل ويصرح بذلك أنه في شرح العباب ذكر مسألة البغوي هذه في الكلام على حالة العلم بالارتفاع والانخفاض قبل الكلام على حالة الجهل بذلك لكنه ضعف كلام البغوي ثم قال ومن ثم جزم الغزالي وغيره بأن الحفرة والدكة سواء وارتضاه ابن الرفعة وغيره وردوا مقالة البغوي المذكورة . انتهى . وما جزم به الغزالي وغيره هو المعتمد ا هـ سم ( قوله : والفرق إلخ ) ولو قال بعتك نصفها وصاعا من النصف الآخر صح بخلاف ما لو قال إلا صاعا منه أي من النصف لضعف الحزر ولو قال بعتك كل صاع من نصفها بدرهم وكل صاع من نصفها الآخر بدرهمين صح . ا هـ . نهاية وكذا في المغني إلا قوله بخلاف إلى ولو قال ، وقوله : م ر ولو قال كل صاع من نصفها بدرهم إلخ قال الرشيدي لعل الصورة أنه اشترى جميع الصبرة ، وإلا فأي نصف يكون الصاع منه بدرهم أو بدرهمين فليراجع . ا هـ . وهو المتبادر ، وقال ع ش أي بأن يتميز كل من نصفي الصبرة كأن يقول بعتك كل صاع من الشرقي بكذا وكل صاع من الغربي بكذا وعليه فلو اطلع على عيب في المبيع فهل له رد أحد النصفين أم لا فيه نظر والأقرب الأول لتعدد العقد بتفصيل الثمن . ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية