صفحة جزء
( ويشترط قبوله في الأصح ) كالبيع ومن ثم اشترط فيه شروط البيع السابقة في العاقدين والصيغة كما هو ظاهر حتى موافقة القبول للإيجاب فلو قال أقرضتك ألفا فقبل خمسمائة أو بالعكس لم يصح واعترض بوضوح الفرق بأن المقرض متبرع فلم يضر قبول بعض المسمى ولا الزيادة عليه ويرد بمنع إطلاق كونه متبرعا . كيف ووضع القرض أنه تمليك للشيء برد مثله فساوى البيع إذ هو تمليك الشيء بثمنه ، فكما اشترط ثم الموافقة فكذا هنا وكون القرض فيه شائبة تبرع كما يأتي لا ينافي ذلك لأن المعاوضة فيه هي المقصودة والقائل بأنه غير معاوضة وهو مقابل الأصح ومن ثم قال جمع إن الإيجاب منه غير شرط أيضا .

واختاره الأذرعي وقال قياس جواز المعاطاة في البيع جوازها هنا واعترض الغزي له بأنه سهو ؛ لأن شرط المعاطاة بذل العوض أو التزامه في الذمة وهو مفقود هنا هو [ ص: 40 ] السهو لإجرائهم خلاف المعاطاة في الرهن وغيره مما ليس فيه ذلك فما ذكره شرط للمعاطاة في البيع دون غيره أما القرض الحكمي فلا يشترط فيه صيغة كإطعام جائع وكسوة عار وإنفاق على لقيط ومنه أمر غيره بإعطاء ما له غرض فيه كإعطاء شاعر أو ظالم أو إطعام فقير أو فداء أسير وعمر داري واشتر هذا بثوبك لي ويأتي آخر الضمان ما لم يعلم منه أنه لا بد في جميع ذلك ونحوه من شرط الرجوع بخلاف ما لزمه كدين وما نزل منزلته كقول الأسير لغيره فادني ، ومن الأول أد لمن ادعى علي ما ادعى به أي قبل ثبوته وأد زكاتي أي قبل تعلقها بالذمة وإلا فهي من جملة الديون كما هو ظاهر وإذا رجع كان في المقدر والمعين بمثله صورة كالقرض .


حاشية ابن قاسم

( قوله واشتر هذا بثوبك إلخ ) يؤخذ من كونه قرضا أنه يرد الثوب صورة ويدل عليه قوله الآتي آنفا بمثله صورة كالقرض ( قوله من شرط الرجوع ) محله في الأسير إذا لم يقل فأدنى بدليل الآتي آنفا وعبارة شرح العباب [ ص: 41 ] هنا تمثيلا للقرض التقديري وكذا فداء أسير بإذنه وإن لم يشرط رجوعا كما ذكره في الأيمان انتهى .

حاشية الشرواني

قول المتن ( قبوله في الأصح ) فلو لم يقبل لفظا أو لم يحصل إيجاب معتبر من المقرض لم يصح القرض ويحرم على الآخذ التصرف فيه لعدم ملكه له لكن إذا تصرف فيه ضمن بدله بالمثل أو القيمة لما يأتي من أن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه ولا يلزم من إعطاء الفاسد حكم الصحيح مشابهته له من كل وجه ا هـ ع ش .

( قوله كالبيع ) إلى قوله ومن الأول في النهاية إلا قوله أو فداء أسير ( قوله كالبيع إلخ ) وظاهر أن الالتماس من المقرض كاقترض مني يقوم مقام الإيجاب ومن المقترض كأقرضني يقوم مقام القبول كما في البيع ا هـ مغني ( قوله في العاقدين إلخ ) ظرف للسابقة ( قوله والصيغة ) بالجر عطفا على العاقدين ا هـ ع ش ( قوله حتى موافقة القبول إلخ ) بالرفع عطفا على شروط البيع ( قوله واعترض ) أي اشتراط موافقة القبول للإيجاب في القرض ( قوله ووضع القرض ) أي الذي وضع له لفظ القرض ( قوله فيه شائبة إلخ ) خبر الكون من حيث كونه ناقصا وأما من حيث كونه مبتدأ فخبره قوله لا ينافي ذلك ( قوله لا ينافي ذلك ) أي إنه مساو للبيع ا هـ ع ش .

( قوله قال جمع إلخ ) دفع به ما يوهمه المتن من أن الإيجاب لا خلاف فيه ( قوله منه ) أي من المقرض والأولى فيه كما في النهاية والمغني أي في الإقراض ( قوله أيضا ) أي كالقبول على مقابل الأصح ا هـ ع ش ( قوله واختاره الأذرعي إلخ ) أي ما قاله الجمع عبارة المغني قال القاضي والمتولي الإيجاب والقبول ليس بشرط بل إذا قال أقرضني كذا فأعطاه إياه أو بعث إليه رسولا فبعث إليه المال صح القرض قال الأذرعي والإجماع الفعلي عليه وهو الأقوى والمختار ومن اختار صحة البيع بالمعاطاة كالمصنف قياسه اختيار القرض بها وأولى بالصحة ا هـ .

( قوله وقال قياس جواز المعاطاة في البيع إلخ ) قضيته جوازها أيضا في رفع اليد عن الاختصاص وفي النزول عن الوظيفة فليراجع ( قوله واعتراض الغزي إلخ ) أقره المغني ( قوله له ) أي لقول الأذرعي قياس جواز إلخ ( قوله هنا ) أي في القرض ( قوله هو [ ص: 40 ] السهو ) خبر واعتراض الغزي إلخ ( قوله خلاف المعاطاة ) أي الخلاف في صحة البيع بها ( قوله في الرهن وغيره ) ومنه القرض ا هـ ع ش وفيه تأمل ( قوله مما ليس فيه ذلك ) أي بذل العوض أو التزامه ا هـ ع ش وكذا الموصول في قوله فما ذكره إلخ .

( قوله أما القرض الحكمي ) محترز قوله في غير القرض الحكمي قبيل قول المتن وصيغته ا هـ ع ش .

( قوله فلا يشترط فيه صيغة ) أي أصلا ا هـ ع ش ( قوله كإطعام جائع إلخ ) تمثيل للقرض الحكمي فكان الأولى أن يقدم ويذكر عقبه ( قوله كإطعام جائع إلخ ) محل عدم اشتراط الصيغة في المضطر وصوله إلى حالة لا يقتدر معها على صيغة وإلا فيشترط ولا يكون إطعام الجائع وكسوة العاري ونحوهما قرضا إلا أن يكون المقترض غنيا وإلا بأن كان فقيرا أو المقرض غنيا فهو صدقة لما تقرر في باب السير أن كفاية الفقراء واجبة على الأغنياء وينبغي تصديق الآخذ فيما لو ادعى الفقر وأنكره الدافع ؛ لأن الأصل عدم لزوم ذمته شيء ا هـ ع ش ( قوله ومنه ) أي القرض الحكمي ا هـ ع ش ( قوله بإعطاء ما له غرض فيه ) يعني بإعطاء شيء للآمر غرض في إعطاء ذلك الشيء ( قوله وعمر داري إلخ ) أي وبع هذا وأنفقه على نفسك بنية القرض ويصدق فيها ا هـ نهاية أي النية ع ش عبارة الرشيدي أي ولا يحتاج إلى شرط كما هو واضح ا هـ .

( قوله واشتر هذا بثوبك إلخ ) يؤخذ من كونه قرضا أنه يرد مثل الثوب صورة ويدل عليه قوله الآتي آنفا بمثله صورة كالقرض ا هـ سم أي خلافا للنهاية حيث قال فيرجع بقيمته ( قوله لا بد في جميع ذلك إلخ ) أي من صور القرض الحكمي ويحتمل أنه لا يحتاج لشرط الرجوع فيما يدفعه للشاعر والظالم ؛ لأن الغرض من ذلك دفع هجو الشاعر له حيث لم يعطه ودفع شر الظالم عنه بالإعطاء وكلاهما منزل منزلة اللازم وكذا في عمر داري ؛ لأن العمارة وإن لم تكن لازمة لكنها تنزل منزلته لجريان العرف بعدم إهمال الشخص لملكه حتى يخرب وهذا الاحتمال هو الذي يظهر ، ثم إن عين له شيئا فذاك وإلا صدق الدافع في القدر اللائق ولو صحبه آلة محرمة ؛ لأن الغرض منه كفاية شره لا إعانته على المعصية ا هـ ع ش ( قوله من شرط الرجوع ) محله في الأسير إذا لم يقل فأدنى بدليل الآتي آنفا وصرح به شرح العباب ا هـ سم ( قوله بخلاف ما لزمه إلخ ) حال من قوله ما له غرض فيه عبارة الكردي أي بخلاف أمره غيره بأداء ما لزمه إلخ فإنه لا يشترط للرجوع فيه شرط ا هـ .

( قوله كقول الأسير إلخ ) خرج بذلك ما إذا لم يقل له فادنى أي أو نحوه فلا رجوع واعلم أن الشارح علل في باب الضمان تنزيلهم فداء الأسير منزلة الواجب بأنهم اعتنوا في وجوب السعي في تحصيله ما لم يعتنوا به في غيره وفيه رد على من توهم إلحاق المحبوس ظلما بالأسير حتى لا يحتاج في الرجوع عليه إلى شرط الرجوع ا هـ رشيدي أقول إنما يظهر هذا الرد لو أريد بالوجوب التنزيلي هنا الوجوب على المعطى وليس كذلك وإنما المراد بذلك الوجوب على الآمر وحينئذ فالإلحاق ظاهر .

( قوله ومن الأول ) يريد به قول ما له غرض فيه ا هـ كردي والأحسن قوله أمر غيره بإعطاء ماله غرض فيه قال البجيرمي ومن ذلك أيضا دفع بعض الناس الدراهم عن بعض في القهوة والحمامات ومجيء بعض الجيران بقهوة وكعك مثلا كما في ع ش ومنه أيضا كسوة الحاج بما جرت العادة بأنه يرد كما في القليوبي ا هـ ( قوله لمن ادعى ) ببناء الماضي المبني للفاعل ( قوله أي قبل ثبوته ) أي وإلا فهو من جملة ما لزمه ( قوله وإلا ) أي وإن كان الأمر المذكور بعد تعلق الزكاة بالذمة ( قوله وإذا رجع ) إلى قوله وحصل لي في النهاية ( قوله كان في المقدر إلخ ) أي كان المرجوع به في المقدر أي ولو حكما كأن أذن له في فدائه من الأسر بما يراه ا هـ ع ش ( قوله والمعين ) انظر ما حكم غير المقدر والمعين والظاهر أنه يرجع فيه ببدله الشرعي من مثل أو قيمة ؛ لأنه الأصل والرجوع بالمثل الصوري على غير قياس فإذا انتفى ثبت الأصل فليراجع ا هـ رشيدي وعبارة ع ش قوله والمعين مفهومه أنه لو لم يكن معينا ولا مقدرا لا يرجع والظاهر خلافه وأنه يرجع بما صرفه حيث كان [ ص: 41 ] لائقا يصدق في قدره فيرد مثله إن كان مثليا وصورته إن كان متقوما ا هـ وهو الأوفق في الباب والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية